تأملت حالَ بعض الناس اليوم في ودْعهم الصلاة في سائر الأيام، وإقبالهم عليها في رمضان فتعجبتُ من كرم الله تعالى على هؤلاء وجرأتهم عليه جلَّ وعلا، إذ كيف يُعبد في زمان دون زمان، ويُتقرب إليه في وقت دون وقت، والأزمانُ كلها موضع عبادة، والأوقاتُ جميعها محل إنابة وطاعة، وقد يتعلل هؤلاء بأن رمضان تُهيأ فيه الأجواء للطاعة، و يَتنافس المتنافسون فيه على الإنابة وإيقاع العبادة، إذ ْلا شرور ولا إغواء ولا غرور، ولا تفسخ ولا تهتك ولا ذنوب، بل صلاة في جماعة، وتراويح تُعطر الأجواء، وتلاواتٌ تعبق الأرض والسماء، والكلُّ مقبل على ربِّ البريات بأنواع الطاعات والقربات، وهذا وإن بدا بادي الرأي صحيحا وحقا وصدقاـ فإنه ليس حجة على ترك الطاعة في زمن الدَّعة والاستطاعة في غير شهر رمضان ذي المنزلة والفضيلة، فإنَّ الذي يُعبد في رمضان هو ربُّ سائر الليالي والأوقات، فكما أمر َبصيام شهر رمضان، أمر َ بإيقاع الصلاة طوال العام وحتى يأتي اليقين.
وفي رأيي أن َّالذي يمارس العبادة في وقت دون وقت، ومن عام لعام، فهو مستهزئ ٌبشعائر الله، ويُخشى أن يكون على أمر عظيم، وذنب جسيم.
وأنتَ إذا تابعتَ هؤلاء في المجتمع الإسلامي ألْفيتَ السخرية والطنز بهم ذائعا، والتنكيت بهم وعليهم شائعا، حتى إنه يقال إنهم عبدة رمضان، ورمضانيون، وموسميون، و هلم جرا من هذه الأوصاف الدالة على التنقيص والاستهزاء والسخرية والتجريح.