يُقصد بمناهج ترتيب المعاجم ، الطريقةَ التي يتّبعها كلّ معجمي في تصنيف الثروة اللفظية و تقديمها للقارئ أو المستعمِل ، فقد تعددت مناهج العمل المعجمي عند العرب ، و بلغت أربع مدارس مختلفة :

الاتجاه الأول : معاجم الترتيب الصوتي :
و قد بدأت في القرن 2 هـ مع الخليل بن أحمد الفراهيدي ( 170هـ) و مع :

- معجم العين :
يُعدّ هذا المعجم أقدم المعاجم العربية على الإطلاق ، حيث ابتكر الخليل ترتيبا لم يُسبق إليه ، قائما على أساس صوتي حسب المخارج آخذا بعين الاعتبارتقارب الأصوات و الحروف من حيث تدرّج مخارجها من أقصى الحلق إلى ظاهر الشفتين .
فبدأ بالحروف الحلقية ( ع ح هـ خ غ ) و انتهى بالحروف الشفوية (ف ب م ) معتمداً أيضا تقليبات الكلمة فمثلا :
تقليبات الراء / الباء / الكاف هي = ر ب ك ، رك ب ، ك ر ب ، ك ب ر ، ب ر ك ، ب ك ر . وكلها يجب الكشف عنها في حرف الكاف – في منهج الخليل – لأن الكاف أقصى الحروف الثلاثة .

سمى الخليل معجمه " العين " لافتتاحه بهذا الحرف و اعتباره أقصى الحروف الحلقية ، وإن كان أقصاها في الحقيقة الهمزة ثم الهاء . و لكن الخليل فسّر موقفه هذا بأن الهمزة لا ثبات لها ، يلحقُها النقص و التغير و الحذف ، و أنّ الهاء حرف مهموس خفيّ لا صوت له .
لذلك ــ كما يقول ــ :" نزلتُ إلى الحيّز الثاني من المخرج الصوتي و فيه العين و الحاء فوجدتُ العين أنصعَ الحرفين"
و أثناء شرح الخليل للكلمة يورد منها الفعل الماضي ثم المضارع و المصدر ، و قد جمع معجمه أشتات اللغة العربية حتى لم يبقَ جذر لم يضمّه إلى معجمه . كما اعتمد الشواهد القرآنية و الحديثية و الشعرية و النثرية و أمثال العرب . و للكشف في معجم العين لا بدّ من الأمور التالية :
1- معرفة ترتيب حروف الهجاء صوتيا و هي : ع ح هـ خ غ ق ك ج ش ض ص س ز ط د ت ظ ث ذ ر ل ن ف ب م و ا ي أ .
2-ردّ الكلمة المعتلّة إلى أصلها : مثل كلمة (ميعاد ) التي جذرها ( وعد ) يُكشف عنها في : ع د و لأنه من تقليبات وعد ، و العين – كما قلنا – أقصى هذه الحروف الثلاثة.
3- حذف الزوائد : مثل لفظ (لمعان ) المشتقة من (لمع ) يُكشف عنها في ع ل م لأنها من تقليباتها و العين أقصى الحروف الثلاثة .
و قد سار على منهج الخليل مجموعة من المعجميين ، هم :
* أبو علي القالي ( 356هـ ) في معجمه " البارع في اللغة " .
* أبو منصور الأزهري (370هـ) في معجمه " تهذيب اللغة "
* الصاحب بن عبّاد ( 385هـ ) في معجمه " المحيط باللغة " .
* أبو الحسن بن سيده الأندلسي (485هـ) في معجمه "المحكم و المحيط الأعظم في اللغة "
غير أنه يُلاحظ عن هذه المعاجم الصوتية صعوبة البحث و الاهتداء فيها إلى اللفظ بسهولة ، نظرا لترتيبها على المخارج الذي يحتاج إلى دراية كافية بمخارج الأصوات . و هذا أمر من الصعوبة بمكان و لا يستطيعه جميع الناس .