تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: المبدأ

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2013
    المشاركات
    100

    افتراضي المبدأ

    المبدأ

    حدّثني أحدُ الأصدقاء أنه انخرط في لجنة من اللجان، وحُدد لها وقتٌ دوريٌ تجتمع فيه، وكان رئيس اللجنة يحدد الاجتماع بوقت معيّن، فيقول صاحبي: كنت أحرص على الحضور في الوقت، ولكنني ضقت ذرعاً بأكثر أعضاء اللجنة الذين يتأخرون من عشر إلى عشرين دقيقة عن الوقت المحدد! فقررتُ أن أتأخر مثلَهم، وصارحتُ رئيسَ اللجنة بذلك، إذْ التأخر ـ بحساب الزمن التراكمي ـ سأخسر معه ساعةً من الزمن خلال شهر، ونصف يوم في سنة، فقال لي رئيس اللجنة: لا تترك مبدأك لأن غيرك لا يلتزم به، فانتفعتُ بكلمته هذه في حياتي.

    هذا الموقف يتكرر في حياتنا بصور كثيرة، وعلى أصعدة مختلفة، فتجد كثيراً من الناس يضحّي بمبادئه لأن الآخرين أخَلّوا به معه!
    والمتأمل في السُنّة النبوية يجد أن هذه القضية كانت واضحةً تمام الوضوح في سيرته ، فلم يكن ليترك مبادئه وأخلاقه لأن خصمه أو الطرف الآخر أخلّ بها أو قصّر فيها، فكم لقي من قومه ما لقي، وعانى ما عانى، فلم يجد منهم ـ وهو في مقام القدرة على القصاص ـ إلا العفو والمسامحة؛ لأنها مبدأ عنده.
    وفي سبيل ترسيخ الثبات على المبدأ، وعدم التنازل عنه لأن الشخص المقابل قصّر فيه؛ تأتي تربية الله لنبيه بقوله: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين﴾[الأعراف: 199].

    وكان النبي يربي أصحابَه على ذلك قولاً وعملاً، ومن ذلك: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصِلُهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويسيئون إلي، وأَحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال: «لئن كنتَ كما قلت، فكأنما تسَفُّهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك»([1]).

    ويقول حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ: ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل، قال: فأخَذَنا كفار قريش، قالوا: إنكم تريدون محمدا، فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله ، فأخبرناه الخبر، فقال: «انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم»([2])، وقصة أبي جندل ـ ـ أيام صلح الحديبية ليست ببعيدة، وفي هذين الموقفين جميعاً ـ وغيرهما ـ يرسلُ النبي رسالةً واضحة، وهي أن الصدق والوفاء بالعهد دين ومبدأ، لا يُتْركان لحرب، ولا عداوة.

    وفي حياتنا اليومية قد يُبتلى بعضُنا بأناس كما ابتُلي ذلك الصحابيُّ الذي وجد الجفاء من قرابته، وكما ابتلي صديقي الذي أشرتُ إليه بموقف لو أراد أن يعامِل بالمثل لساغ له ذلك، لكن هذا ليس من شأن النبلاء والكُمّلِ من الناس؛ لأن العاقل يصون مبادئه كما يصون سُمْعتَه وعِرضه.

    ومن النماذج المشرقة من حياة الدعاة المعاصرين، ما ذكره الدكتور تقي الدين الهلالي عن نفسه، في كتابه الماتع "الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة"، حيث التزم مبدأ الصدق في جميع الأحوال والظروف الصعبة التي مرّ بها، واختار لنفسه عدم الأخذ بالمعاريض ـ ولو مع الأعداء ـ لأنه يرى أن الداعية يَسقط إذا لم يَصدُق، وأن تاج دعوته ورأس ماله فيها هو الصدق!

    وما من شكٍ أن التربية على هذا المبدأ ينبغي أن تبقى أصلاً لا يتنازل عنه الإنسان، ويبقى تقديرُ الشخص للمواقف الفردية، وما ينبغي تجاهها خاضعاً للظروف المحيطة بكل موقف، والموفَّق من رُزِق الحكمة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.

    _____
    ([1]) صحيح مسلم ح(2558).
    ([2]) صحيح مسلم ح(1787).

    * المقال على الموقع: http://almuqbil.com/web/?action=arti...r&show_id=1661
    موقع د. عمر المقبل: almuqbil.com
    للتواصل مع إدارة النشر: entries.almuqbil@gmail.com

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    أحسن الله إليك.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •