المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر رأفت
له شاهد آخر أخرجه أبو نعيم فى الحلية من كلام سيدنا على -رضى الله عنه[ حدثنا أبو بكر بن أحمد بن محمد بن الحارث ، ثنا الفضل بن الحباب الجمحي ، ثنا مسدد ، ثنا عبد الوارث بن سعيد ، عن محمد بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، قال : كنت بالكوفة في دار الإمارة ، دار علي بن أبي طالب ، إذ دخل علينا نوف بن عبد الله فقال : يا أمير المؤمنين بالباب أربعون رجلا من اليهود ، فقال علي : علي بهم ، فلما وقفوا بين يديه قالوا له : يا علي صف لنا ربك هذا الذي في السماء ، كيف هو ، وكيف كان ، ومتى كان ، وعلى أي شيء هو ؟ فاستوى علي جالسا وقال : معشر اليهود اسمعوا مني ، ولا تبالوا أن لا تسألوا أحدا غيري ، إن ربي عز وجل هو الأول لم يبد مما ، ولا ممازج معما ، ولا حال وهما ، ولا شبح يتقصى ، ولا محجوب فيحوى ، ولا كان بعد أن لم يكن فيقال : حادث ، بل جل أن يكيف المكيف للأشياء كيف كان ، بل لم يزل ولا يزول لاختلاف الأزمان ، ولا لتقلب شان بعد شان ، وكيف يوصف بالأشباح ، وكيف ينعت بالألسن الفصاح ، من لم يكن في الأشياء فيقال : بائن ، ولم يبن عنها فيقال : كائن ، بل هو بلا كيفية ، وهو أقرب من حبل الوريد ، وأبعد في الشبه من كل بعيد ، لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة ، ولا كرور لفظة ، ولا ازدلاف ربوة ، ولا انبساط خطوة ، في غسق ليل داج ، ولا إدلاج لا يتغشى عليه القمر المنير ، ولا انبساط الشمس ذات النور ، بضوئها في الكرور ، ولا إقبال ليل مقبل ، ولا إدبار نهار مدبر ، إلا وهو محيط بما يريد من تكوينه ، فهو العالم بكل مكان ، وكل حين وأوان ، وكل نهاية ومدة ، والأمد إلى الخلق مضروب ، والحد إلى غيره منسوب ، لم يخلق الأشياء من أصول أولية ، ولا بأوائل كانت قبله بدية ، بل خلق ما خلق فأقام خلقه ، وصور ما صور فأحسن صورته ، توحد في علوه ، فليس لشيء منه امتناع ، ولا له بطاعة شيء من خلقه انتفاع ، إجابته للداعين سريعة ، والملائكة في السموات والأرضين له مطيعة ، علمه بالأموات البائدين كعلمه بالأحياء المتقلبين ، وعلمه بما في السموات العلى كعلمه بما في الأرض السفلى ، وعلمه بكل شيء ، لا تحيره الأصوات ، ولا تشغله اللغات ، سميع للأصوات المختلفة ، بلا جوارح له مؤتلفة ، مدبر بصير عالم بالأمور ، حي قيوم . سبحانه كلم موسى تكليما بلا جوارح ولا أدوات ، ولا شفة ولا لهوات ، سبحانه وتعالى عن تكييف الصفات ، من زعم أن إلهنا محدود ، فقد جهل الخالق المعبود ، ومن ذكر أن الأماكن به تحيط ، لزمته الحيرة والتخليط ، بل هو المحيط بكل مكان ، فإن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف الرحمن ، بخلاف التنزيل والبرهان ، فصف لي جبريل وميكائيل وإسرافيل هيهات أتعجز عن صفة مخلوق مثلك ، وتصف الخالق المعبود ، وأنت تدرك صفة رب الهيئة والأدوات ، فكيف من لم تأخذه سنة ولا نوم ، له ما في الأرضين والسموات وما بينهما وهو رب العرش العظيم "]