يقول الجاحِظ: (ينبغي للكاتبِ أن يكون رقيقَ حواشي اللِّسان، عذْبَ ينابيعِ البيان، إذا حاور سدَّدَ سهْمَ الصواب إلى غرض المعنى، لا يكلِّم العامَّةَ بكلام الخاصَّة، ولا الخاصَّةَ بكلام العامَّة). انظر: (معاجم الأدباء) ليقوت الحموي: (5/ 2108).
يقول الجاحِظ: (ينبغي للكاتبِ أن يكون رقيقَ حواشي اللِّسان، عذْبَ ينابيعِ البيان، إذا حاور سدَّدَ سهْمَ الصواب إلى غرض المعنى، لا يكلِّم العامَّةَ بكلام الخاصَّة، ولا الخاصَّةَ بكلام العامَّة). انظر: (معاجم الأدباء) ليقوت الحموي: (5/ 2108).
يقول الحاحظ: (وينبغي لِمَن كَتبَ كتابًا ألاَّ يكتُبَه إلاَّ على أَنَّ النَّاس كلَّهم له أعداء، وكلهم عالِمٌ بالأمور، وكلهم متفرِّغ له، ثُمَّ لا يَرضى بذلك حتَّى يدع كتابَه غُفْلاً، ولا يرضى بالرَّأي الفطير؛ فإنَّ لابتداءِ الكتابِ فتنةً وعُجبًا، فإذا سكنَت الطبيعةُ وهدأَت الحركة، وتراجَعَتِ الأخلاطُ، وعادت النَّفْسُ وافرةً، أعاد النَّظر فيه، فَيَتَوَقَّفُ عند فصولِه توقُّفَ مَن يكونُ وزنُ طمَعِه في السلامة أنقَصَ من وزَنِ خوفِه من العيب، ويتفهَّم معنى قولِ الشاعر:
إِنَّ الْحَدِيثَ تَغُرُّ القَوْمَ خلْوَتُهُ
حَتَّى يَلِجَّ بِهِمْ عِيٌّ وَإِكْثَارُ
ويقفُ عند قولِهم في المثل: (كلُّ مُجْرٍ في الخَلاءِ يُسَرُّ)، فيخاف أن يعتَرِيَه ما اعترى مَنْ أجرى فرَسَه وحدَه، أو خلا بعِلمه عند فقدِ خصومه، وأهل المَنْزِلة من أهل صناعته). انظر: (الحيوان) للجاحظ 1/ 88
كتب جعفرُ بن يحيى إلى بعض عُمَّاله، وقد وقف على سهوٍ في كتابٍ ورد منه: (اتَّخِذْ كاتبًا متصفِّحًا لكُتبك؛ فإنَّ المؤلِّف للكتاب تُنازعه أمورٌ، وتعتَوِرُه صروفٌ، تشغل قلبَه، وتشعِّب فكرَه، من كلامٍ يُنسِّقه، وتأليفٍ ينظِّمه، ومعنًى يتعلَّق به يَشرحه، وحجَّةٍ يوضِّحها، والمُتصفِّح للكتاب أبْصَرُ بِمَواضع الخلل من مُبتدي تأليفه). انظر: معجم الأدباء: 1/ 11
يقول الجاحظ: (ولْيُعلَم أنَّ صاحبَ القلم يعتريه ما يعتري المؤدِّبَ عند ضربه وعقابه، فما أكثر مَن يَعزِم على خمسةِ أسواط فيَضرب مائة! لأنَّه ابتدأ الضربَ وهو ساكنُ الطِّباع، فأراه السُّكونُ أنَّ الصوابَ في الإقلال، فلما ضرب تَحرَّك دمُه، فأشاع فيه الحرارةَ، فزادَ في غضَبِه، فأراه الغضبُ أنَّ الرأي في الإكثار، وكذلك صاحب القلَم؛ فما أكثرَ مَن يبتدئ الكتابَ وهو يُريد مقدارَ سطرين، فيكتب عشرة! والحفظُ مع الإقلال أمكَنُ، وهو مع الإكثار أبعَدُ). انظر: (الحيوان): 1/ 88 - 89
قال المنفلوطي في مُقدِّمةِ كتابه "النظرات-ج1: (يسألني كثيرٌ من النَّاس - كما يسألون غيري من الكُتَّاب -: كيف أكتبُ رسائلي؟ كأنَّما يريدون أن يعرفوا الطُّرقَ التي أسلكُها إليها فيسلكوها معي، وخيرٌ لهم ألا يفعلوا؛ فإنِّي لا أحبُّ لهم ولا لأحدٍ من الشَّادين في الأدبِ أن يكونوا مُقيَّدين في الكتابةِ بطريقتي أو طريقة أحدٍ من الكُتَّاب غيري، وليعلموا - إن كانوا يعتقدون لي شيئًا من الفضلِ في هذا الأمر - أنِّي ما استطعتُ أن أكتبَ لهم تلك الرسائلَ بهذا الأسلوب الذي يزعمون أنَّهم يعرفون لي الفضلَ فيه، إلا لأنِّي استطعتُ أن أنفلتَ من قيود التمثُّل والاحتذاء، وما نفعني في ذلك شيءٌ ما نفعني ضعفُ ذاكرتي والْتواؤها عليَّ، وعجزها عن أن تمسكَ إلا قليلاً من المقروءاتِ التي كانت تمرُّ بي، فقد كنتُ أقرأ من منثورِ القول ومنظومِه ما شاء الله أن أقرأ، ثم لا ألبثُ أن أنساه، فلا يبقى منه في ذاكرتي إلا جَمال آثارِه، وروعة حسنه، ورنَّة الطَّرب به).
يقول الشَّاعر صلاح عبدالصَّبور، عن تجربته الشِّعرية:
وَلَكِنِّي تَعَذَّبْتُ لَكَيْ أَعْرِفَ مَعْنَى الْحَرْفْ ... وَمَعْنَى الْحَرْفِ إِذْ يُجْمَعُ جَنْبَ الْحَرْفْ
وَلَكِنِّي تَعَذَّبْتُ لَكَيْ أَحْتَالَ لِلْمَعْنَـــى ... لَكَيْ أَمْلِكَ فِي حَوْزَتِيَ الْمَعْنَى مَعَ الْمَبْنَى
لَكِي أُسْمِعَكُمْ صَوْتِيَ فِي مُجْتَمَعِ الْأَصْوَاتْ
نفع الله بك.
قال ابن جماعة في كتابه: (تذكرة السامع والمتكلم في أداب العالم والمتعلم): (صـ 18): (الاشتغال بالتصنيف والجمع والتأليف، لكن مع تمام الفضيلة، وكمال الأهلية، فإنه يُطْلع على حقائق الفنون ودقائق العلوم للاحتياج إلى كثرة التفتيش والمطالعة والتنقيب والمراجعة وهو كما قال الخطيب البغدادي: يثبت الحفظ ويُذَكِّي القلب ويَشحذ الطبع ويُجيد البيان ويُكسب جميل الذكر وجزيل الأجر ويُخَلِّده إلى آخر الدهر.
والأولى أن يعتني بما يُعم نفعه وتَكْثُر الحاجة إليه وليكن اعتناؤه بما لم يُسْبَق إلى تصنيفه متحريًا إيضاح العبارة في تأليفه معرضًا عن التطويل المُمل والإيجاز المخلف مع إعطاء كل مُصَنَّفٍ ما يليق به.
ولا يُخرج تصنيفه من يده قبل تهذيبه وتكرير النظر فيه وترتيبه.
ومن الناس من ينكر التصنيف والتأليف في هذا الزمان على من ظهرت أهليته وعرفت معرفته، ولا وجه لهذا الإنكار إلا التنافس بين أهل الأعصار وإلا فمن إذا تصرف في مداده وورقه بكتابة ما شاء من أشعار وحكايات مباحة أو: غير ذلك لا يُنكر عليه، فلمَ إذا تصرف فيه بتسويد ما ينتفع به من علوم الشريعة يُنكر ويُستهجن.
أما من لم يتأهل لذلك فالإنكار عليه نتيجة لما يتضمنه من الجهل وتقرير من يقف على ذلك التصنيف به ولكونه يضيع زمانه فيما لم يتقنه ويدع الإتقان الذي هو أحرى به منه).
لا يتحرك قلمُ صادقٍ: إلا إذا استقام قلبه، ولا يستقيم القلب: إلا إذا صحَّ معتقده، ولا يصحُ المعتقد: إلا بفهم صحيح عن الله ورسوله.
قال الخطيب البغدادي: (كان بعض شيوخنا يقول: من أراد الفائدة فليكسر قلم النسخ وليأخذ قلم التخريج).
عندما قرأتُ عنوانَ الموضوعِ،شعرتُ أنَّ نزعَ الخافضِ (حرفِ الباءِ)يزيدُ الجملةَ بلاغةً...واللهُ الموفِّقُ
صدقت ايها الشيخ
بارك الله فيك أبا البراء.
- كتب جعفرُ بن يحيى إلى بعض عُمَّاله، وقد وقف على سهوٍ في كتابٍ ورد منه: (اتَّخِذْ كاتبًا متصفِّحًا لكُتبك؛ فإنَّ المؤلِّف للكتاب تُنازعه أمورٌ، وتعتَوِرُه صروفٌ، تشغل قلبَه، وتشعِّب فكرَه، من كلامٍ يُنسِّقه، وتأليفٍ ينظِّمه، ومعنًى يتعلَّق به يَشرحه، وحجَّةٍ يوضِّحها، والمُتصفِّح للكتاب أبْصَرُ بِمَواضع الخلل من مُبتدي تأليفه). معجم الأدباء: (1/ 11).