الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
وبعد ,,,
صلاة الجماعة ((في المسجد)) واجبة على الأعيان لمن سمع النداء
و الدليل:
النداء في الأذان "حي على الصلاة" و "حي على الفلاح"
فإن الله تعالى إذا أمر بالنداء إلى أمر فتلبية النداء واجبة ولابد
لأن النداء معناه "أجب إلى كذا" فكيف يأمر الله داعيه "المؤذن" أن يقول للناس أجيبوا دعوة الصلاة في المسجد ثم يجيز للناس ألا تستجيب؟!
ودعوى النسخ هنا ضعيفة جدا لأن النسخ إنما يكون في الأفعال التي يبتديها الشخص من تلقاء نفسه , فالقول بالنسخ سائغ لو كان الكلام على مجرد ذهاب الشخص للمسجد من تلقاء نفسه
أما إجابة داعي الله فهو مما استقر في الفطر السوية وجوبه على الدوام فلا يناسبه النسخ
ثم لو كانت صلاة الجماعة سنة وليست فرضا للزم من ذلك خلو المساجد من المصلين والأئمة وترك شعار من أهم شعارات الاسلام وهذا باطل فما أدى إليه فهو باطل
ومما يدل على ذلك
ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا بنا قوما لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر فإن سمع أذانا كف عنهم وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم .
وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير إذا طلع الفجر وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار.
فإذا كان الأذان شعار لابد أن يعلوا في بلاد المسلمين والأذان في حقيقته ما هو إلا نداء لصلاة الجماعة فكيف يجوز ترك المسلمين جميعا لصلاة الجماعة
وأما أنها فرض كفاية , فإن فروض الكفايات يلزم فيها علم الشخص علما مؤكدا أن غيره ممن يكفي من جماعة المسلمين قد قاموا بالواجب الشرعي حتى يسقط ذلك الوجوب عنه. لكن في حالة صلاة الجماعة كيف لشخص وهو جالس في بيته أن يعلم أو يتأكد أن هناك جماعة حضرت للصلاة في المسجد؟ إلا ربما من يطل سكنه على المسجد ويرى من يدخلون إليه لكن كما ذُكِر فإن تلبية النداء من طبيعتها أن تكون واجبة على الجميع
وأما حديث "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"
فأفعل التفضيل مع ذكر العدد تدل على الاشتراك في الفضل هذا صحيح
والفضل يقتدى الجواز فهذا صحيح لكن جواز ماذا؟ وهذا هو الذي أوقع بعض الفقهاء في خطأ القول بعدم وجوب صلاة الجماعة في المسجد
فالجواز هنا ليس جواز ترك الجماعة
إنما الجواز هنا هو ((صحة الصلاة)) من حيث شروطها وأركانها وإسقاطها للفريضة بخلاف مثلا الصلاة بغير وضوء أو في المقابر أو في غير اتجاه القبلة فهذه صلوات غير جائزة في نفسها
أما حضور الجماعة فهو ليس ركنا ولا شرطا للصلاة وترك الجماعة ليس من نواقض الصلاة كالكلام فيها مثلا وبالتالي فهي جائزة في نفسها مسقطة للفريضة إلا أن صاحبها آثم بتركه تلبية النداء وحضور الجماعة في المسجد
فالجهة هنا منفكة بين فريضة الصلاة وبين مسألة تلبية النداء
فمن صلى في بيته بغير عذر فصلاته صحيحة مسقطة للفريضة وأخذ ثواب صلاة الفذ لكنه من جهة أخرى أثم بتركه تلبية النداء
فصلاة المنفرد فضلها من جانب أنها صحيحة مسقطة للفريضة مبقية لصاحبها في دائرة الإسلام ومثاب عليها
لكن صاحبها آثم بتركه أمر خارج عن ماهية الصلاة نفسها وهو تلبية النداء وحضور الجماعة
فحضور الجماعة هو من واجبات الصلاة لكن ليس من أركانها ولا شروطها
و ذلك كما في الحج فالمبيت بمنى و رمي الجمرات مثلا من الواجبات ولو تركها الحاج ما بطل حجه بل صح وله على حجه ثوابا لكنه حج ناقص وهو آثم بتركه للواجب
فكذلك الحال في الجماعة بالنسبة للصلاة
ويصح أيضا كون تفضيل صلاة الجماعة عن صلاة الفرد بسبع وعشرين وخمس وعشرين درجة هو لمن لم يسمع الأذان وصلى منفردا مع استطاعته أن حضور الجماعة في المسجد وهو غير آثم في هذه الحالة لكنه فقط قد أتى بالمفضول وترك الأفضل
والخلاصة:
أن من سمع النداء وفي مقدوره الذهاب للمسجد وجب عليه الذهاب للمسجد
فإن صلى في بيته أو محله سناء صلى منفردا أو مع جماعة من أهله أو أصحابه صحت صلاته وأسقطت عنه الفريضة لكنه آثم بترك جماعة المسجد
أما من لم يسمع النداء ولا يشق عليه الذهاب للمسجد وصلى في بيته صحت صلاته والراجح أنه لا يأثم لكن ينقص أجره عن أجر من صلى جماعة
فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات