تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أدلة الرقية والقراءة في الماء ، بالنفث أو بالنفخ فيه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي أدلة الرقية والقراءة في الماء ، بالنفث أو بالنفخ فيه

    بسم الله وبعد:
    فهذا جزء مختصر من كتاب كبير لي موسوم ب :" تسمية الرقاة من الصحابة والتابعين، وكيف كانوا يرقون وينشرون من الذكر الحكيم ".
    وقد لخصت منه الفصل الرابع: وهو ما يتعلق بالقراءة في الماء ، سواء أكانت بنفث الراقي في الرقية أم بغير نفث ،
    فأما إن لم ينفث الراقي في الرقية ، بل قرأ بنفخ فقط فهو جائز إجماعا ، ولا يُعلم عن أحد من السلف كراهة القراءة في الماء إلا أثرا لا أصل له، ذكره بعض الوضاعين المتأخرين من التبديعيين عن إبراهيم أنه كره القراءة في الماء .
    وأما النفث في الرقية: فإما أن يكون بريق كالتفل، أو كما ينفث آكل الزبيب، وسواء أكانت في ماء أو على مريض مباشرة فقد نقل النووي الإجماع أيضا على مشروعية ذلك، لتواتر الأدلة في النفث وكذا التفل ، ولأن عمل السلف والخلف عليه، لكن ورد عن بعضهم كراهة ذلك فتعين إما تأويل قوله حتى لا يتعارض مع متواتر الأحاديث، أو جعل قوله شاذا لا عبرة به .
    قال النووي في شرح مسلم عن حديث النفث (14/182):" فيه استحباب النفث في الرقية، وقد أجمعوا على جوازه واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، قال القاضي: وأنكر جماعة النفث والتفل في الرقى وأجازوا فيها النفخ بلا ريق، وهذا المذهب والفرق إنما يجيء على قول ضعيف، قيل إن النفث معه ريق ..".
    وقد يُستدل للمانعين بأنه من خصائص السحرة كما في قوله تعالى :{ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)}، مع قوله صلى الله عليه وسلم : « مَنْ عَقَدَ عُقدةً ثُمَّ نفث فيها ، فقد سحر .."، مع النهي عن النفخ في الطعام "، والماء طعام .
    وممن ورد عنهم هذا القول ما يلي :
    الأثر الأول: له طرق:
    1/ قال ابن عبد البر في التمهيد (8/133) :" رواه جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود أنه كان يكره النفث ولا يرى بالنفخ بأسا "، والله أعلم بإسناده، وقد قال ابن حجر في الفتح (10/209) :" فأما الأسود فلا حجة له في ذلك لأن المذموم ما كان من نفث السحرة وأهل الباطل ولا يلزم منه ذم النفث مطلقا ولا سيما بعد ثبوته في الأحاديث الصحيحة"
    وقد ورد هذا الأثر بألفاظ أخرى عن إبراهيم الله أعلم هل هي محفوظة كلها أم فيها اضطراب :
    فقد رواه جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود أنه كان يكره النفث ولا يرى بالنفخ بأسا "، ورواه الأعمش عن إبراهيم واختلف عنه :
    2/ فقال أبو بكر في المصنف (5/45) باب من كان يكره أن ينفث في الرقى "، ثم قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: «كانوا يرقون، ويكرهون النفث في الرقى»، بلفظ " كانوا عن أصحاب عبد الله ". وهذا أثر يُخشى منه تدليس الأعمش فإنه قد عنعن، وربما قد روى أصحاب عبد الله أحاديث في النفث، وما أظنهم ممن يحفى عليهم كلهم كل تلكم الكثرة المتكاثرة من أحاديث النفث .
    وقد اختلف في هذا الأثر عن الأعمش فرواه أبو معاوية عنه بلفظ :" كانوا يعني أصحاب عبد الله "، وخالفه الثوري فجعله من كلام إبراهيم:
    3/ قال ابن عبد البر في التمهيد (8/133) :" وروى الثوري عن الأعمش عن إبراهيم قال:" إذا دعوت بما في القرآن فلا تنفث "، ثم قال ابن عبد البر :" وهذا شيء لا يجب الالتفات إليه إلا أن من جهل الحديث ولم يسمع به وسبق إليه من الأصول ما نزع به فلا حرج عليه ولكنه لا يلتفت مع السنة إليه ".
    وقد ثبت بالشرع والحس والتجربة أن الماء المرقي ماء مصجوب بالبركة كما قال القاضي وغيره :" وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشرة للرقية والذكر الحسن "، بل قد صنف أحد العلماء اليابانيين كتابا سماه " رسالة من الماء "، وأثبت أن الماء بعد الرقية تتحسن مركباته وتتغير قليلا .
    الأثر الثاني: قال أبو بكر ويحيى بن معين : حدثنا عرعرة بن البرند عن أبي الهزهاز قال: دخلت على الضحاك وهو وجع، فقلت: ألا أعوذك يا أبا محمد، قال: «بلى، ولا تنفث»، قال: فعوذته بالمعوذتين "، وأبو الهزهاز هذا رجل مجهول ما وثقه غير ابن حبان .
    الأثر الثالث: قال أبو بكر : حدثنا ابن علية عن أيوب قال: قال عكرمة: " أكره أن أقول في الرقية: بسم الله، أف "، وربما أن التأفف عنده من التضجر، ولا يمتزج بالرقية، والسنة ترد ذلك .
    الأثر الرابع: قال أبو بكر: حدثنا أبو قطن عن شعبة عن الحكم وحماد:« أنهما كرها التفل في الرقى»، وقد وردت السنن الكثيرة بالتفل والريق والنفث مطلقا .
    ووردت سنن أخرى عامة وخاصة في الرقية مطلقا سواء أكانت في الماء أو على المريض ، بنفث أو بنفخ أو بتفل :
    الدليل الأول : خرج ابن ماجه :" باب النفث في الرقية" (3528) والبيهقي (7/77) عن مالك بن أنس عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفث في الرقية "، وقد بوب عليه "، وكذلك بوب عليه البيهقي والنسائي ، وبوب عليه أبو بكر " باب من رخص في النفث في الرقى "، وخرج عن ابن عون قال: سألت محمدا عن الرقية ينفث فيها ؟ فقال: «لا أعلم بها بأسا»
    الدليل الثاني : قال الإمام النسائي في سننه باب النفث في الرقية ، ثم خرج (7508) عن عائشة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض هكذا بريقه على الأرض بإصبعه ويقول: «باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى به سقيمنا بإذن ربنا»، والشاهد في عموم قوله عليه السلام :" بريقة بعضنا "، فجعل الشفاء في عموم الريق الذي يصاحب النفث والتفل ، ولذلك بوب النسائي كما صدرنا.
    الدليل الثالث : خرجه مسلم في الصحيح (2188) عن مسلم بن إبراهيم حدثنا وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا "، قال أبو موسى :" كانت العرب إذا عان الرجل غيره يؤتى بالمعين يأمروا العائن أن يغسل أعضاءه على ترتيب ذكروه في الكتب , ويجمع ما غسله في إناء ويصب على المعين فيبرأ "، فأنت ترى أن نبيك الكريم قد أقر ما كانت العرب تفعله بالتجربة الصحيحة ووسع لهم في ذلك وأطلق الاغتسال .....
    وقد عمل ابن عباس نفسه بالنشرة والرقية المخلوطة بالماء :
    الدليل الرابع : 1/ خرج أبو بكر في المصنف (5/39) باب في الرخصة في القرآن يكتب لمن يسقاه، ... عن ابن عباس قال: إذا عسر على المرأة ولدها، فيكتب هاتين الآيتين والكلمات في صحفة [إناء] ثم تغسل، فتسقى منها: « بسم الله لا إله إلا هو الحليم الكريم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم» [الحمد لله رب العالمين] {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} [النازعات: 46] {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون} [الأحقاف: 35]، رواه سفيان الثوري عن ابن أبي ليلى مثله، ثم قَالَ سفيان: يكتب بعسل أَوْ زعفران أَوْ نحوهما ثم يغسله فتشربها المرأة "، وإنما تشربه على ثلاثة أنفس ، تسمي الله ، وتدعو: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا ، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا "،
    وفي الأثر ابن أبي ليلى سيء الحفظ، ولحديثه شاهد آخر يتقوى به مع عمل السلف به :
    2/ وأما رقيته هذه فمأخوذة مما خرجه الطبراني في الدعاء والصغير (341) عن عباد عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إذا طلبت حاجة فأحببت أن تنجح , فقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم , لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحكيم الكريم , بسم الله الذي لا إله إلا هو الحي الحليم , سبحان الله رب العرش العظيم , الحمد لله رب العالمين , {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } [الأحقاف: 35], {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} [النازعات: 46] اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك, والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته , ولا هما إلا فرجته , ولا دينا إلا قضيته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين "،
    3/ قال الحافظ ابن حجر: " وللحديث طريق أخرى عن أنس في مسند الفردوس من رواية شقيق البلخي الزاهد عن أبي هاشم عن أنس بمعناه وأتم منه لكن أبو هاشم واسمه كثير بن عبد الله كأبي معمر في الضعف وأشد"، ولحديث ابن عباس في النشرة شاهد آخر :
    4/ خرجه الدينوري في المجالسة (5/170) ... عن فطر بن خليفة عن عكرمة عن ابن عباس قال: مر عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ببقرة قد اعترض ولدها في بطنها، فقال: يا كلمة الله! ادع الله أن يخلصني. فقال صلى الله عليه وسلم: ياخالق النفس من النفس! ويا مخرج النفس من النفس! خلصها، فألقت ما في بطنها. قال: فإذا عسر على المرأة ولدها؛ فليكتب لها هذا "، رجاله ثقات غير إبراهيم فلم أعرفه، والعمل على حديثه ...
    وقال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض وأمر ابن عباس رجلا أن يكتب لإمرأة تعسر عليها الولادة آيتين من القرآن وكلمات ثم يغسل وتسقى ..".
    الدليل الخامس: وفيه الجمع بين نضح الماء مع قراءة الذكر : خرج ابن ماجه (3530) عن يحيى بن الجزار عن ابن أخت زينب امرأة عبد الله عن زينب قالت: كانت عجوز تدخل علينا ترقي من الحمرة، وكان لنا سرير طويل القوائم، وكان عبد الله إذا دخل تنحنح وصوت، فدخل يوما فلما سمعت صوته احتجبت منه، فجاء فجلس إلى جانبي فمسني فوجد مس خيط فقال: ما هذا؟ فقلت: رقى لي فيه من الحمرة فجذبه وقطعه فرمى به وقال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» ، قلت: فإني خرجت يوما فأبصرني فلان، فدمعت عيني التي تليه، فإذا رقيتها سكنت دمعتها، وإذا تركتها دمعت، قال: ذاك الشيطان، إذا أطعته تركك، وإذا عصيته طعن بإصبعه في عينك، ولكن لو فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خيرا لك، وأجدر أن تشفين تنضحين في عينك الماء وتقولين: «أذهب الباس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما»
    دليل سادس مرسل : وفيه قراءة العوذة في اللبن : قال ابن أبي الدنيا في النفقة (2/871): ... عن الحسن قال :" كن عجائز بالمدينة يأتين بلبن لهن النبي صلى الله عليه وسلم فيعوذ فيها "، قال موسى بن داود : لا أعلم إلا أنه يستشفى بذلك الماء ".
    الدليل السابع وفيه الاستشفاء بالمياه لبركتها وكلام الله معها أكثر بركة : فقد ثبت شرعا وحسا أن العنصر المائي فعال جدا ضد العنصر الجني الناري، خاصة إذا ما اختلط بكلام الله تعالى نفثا وتفلا، فيمتزج بذلك العلاج الطبيعي بالعلاج الرباني كما ذكر ابن القيم وغيره من السلف :
    7/ فقد قال الله تعالى عن نبيه أيوب :{ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) }[ص]، فالاغتسال شفاء من مس الشيطان الظاهر، والشرب شفاء من مس الشيطان الباطن ، والقرآن معهما شفاء لهما معا .
    الدليل الثامن : خرجه البيهقي في السنن (5/331) عن أبي الزبير قال:" كنا عند جابر بن عبد الله فتحدثنا، فحضرت صلاة العصر فقام ، فصلى بنا في ثوب واحد قد تلبب به و رداؤه موضوع ، ثم أتي بماء زمزم فشرب، ثم شرب ، فقالوا : ما هذا ؟ قال: هذا ماء زمزم ، قال فيه رسول الله صلى لله عليه وسلم : " ماء زمزم لما شرب له " قال : ثم أرسل النبي صلى الله عليه وسلم و هو بالمدينة قبل أن تفتح مكة إلى سهيل بن عمرو : أن أهد لنا من ماء زمزم ، و لا يترك . قال : فبعث إليه بمزادتين "، وورد أن ماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم :
    الدليل التاسع : وفيه استعمال الماء المبارك صبا وسقاية معا: خرج ذلك البيهقي في السنن (5/331) ... عن هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة كانت تحمل ماء زمزم وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله "، قال :" ورواه غيره عن أبي كريب وزاد فيه :" حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأداوي والقرب وكان يصب على المرضى ويسقيهم " , قال البخاري: ولا يتابع خلاد بن يزيد عليه "، وخلاد صدوق، ولحديثه شواهد .
    الدليل العاشر : وفيه أن القراءة في الماء يجعله أكثر بركة وفعالية: شهد على ذلك الشرع والعقل والتجربة ومذهب السلف والخلف، ولم يُبدع الرقية في الماء إلا تبديعي مفتون، فكيف بمن جعل ذلك شركا :
    قال أبو بكر (5/40) باب في الرخصة في القرآن يكتب لمن يسقاه: حدثنا هشيم عن مغيرة عن أبي معشر عن عائشة أنها كانت لا ترى بأسا أن يعوذ في الماء ثم يُصب على المريض "، صححه شيخنا العباد، وهو كما قال، فإن أبا معشر هو زياد بن كليب الثقة، روى عنه مغيرة بن مقسم، وقد مات سنة عشرين ومائة أو قبلها بسنة، وقيل سنة عشر، وقد ماتت أم المؤمنين سنة 58 هـ، وهو جائز ممكن لقاؤه لها على مذهب مسلم، وللحديث متابعة جيدة أخرى فيها الاسترقاء بماء الفرات، وأنه أفضل من النشرة :
    الدليل الحادي عشر : قال أبو بكر في نفس الباب (5/40) باب في الرخصة في القرآن يكتب لمن يسقاه: حدثنا يزيد أخبرنا ابن عون عن إبراهيم عن الأسود أن أم المؤمنين عائشة سئلت عن النشر؟ فقالت: «ما تصنعون بهذا؟ هذا الفرات إلى جانبكم، يستنقع فيه أحدكم يستقبل الجرية»، وقد بوب عليه كما ترى، وهو أعلم بما روى، وعلى ذلك عمل السلف :
    فقال صالح ابن الإمام أحمد بن حنبل :" ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحاً فيه ماء فيقرأ عليه، ويقول لي: اشرب منه، واغسل وجهك ويديك "...
    الدليل الثاني عشر : وفيه خلط الماء المرقي المنفوث فيه، بتراب جيد حتى يُطين، ثم يُصب أو يُدلك به على المبتلى ، ثم إنه يغتسل وينطف نفسه بعد ذلك بماء مرقي آخر :
    وقد أثبت العلم الحديث أن لكثيرٍ من أنواع التربة المطينة بالماء فوائد علاجية كثيرة جدا، وفي هذا قال ابن القيم في الطب :" قال "جالينوس": رأيتُ بالإسكندرية مَطحُولين، ومُستسقين كثيراً، يستعملون طين مصر، ويطلُون به على سُوقهم، وأفخاذهم، وسواعدهم، وظهورهم، وأضلاعهم، فينتفعون به منفعة بَيِّنة. قال: وعلى هذا النحو فقد ينفع هذا الطلاء للأورام العفنة والمترهِّلة الرخوة، قال: وإنِّى لأعرفُ قوماً ترهَّلَت أبدانُهم كُلُّها من كثرة استفراغ الدم من أسفل، انتفعوا بهذا الطين نفعاً بَيِّناً، وقوماً آخرين شَفَوْا به أوجاعاً مزمنة كانت متمكنة فى بعض الأعضاء تمكناً شديداً، فبرأت وذهبت أصلاً".
    13. قال ابن حبان في صحيحه:" ذكر الخبر المدحض قول من نفى جواز اتخاذ النشرة للأعِلَّاءِ (6069) ثم خرج عن عمرو بن يحيى المازني عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن الشماس عن أبيه عن جده ثابت بن قيس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل عليه فقال :" اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن الشماس، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح فيه ماء فصبه عليه "، وخرجه البيهقي بلفظ :« فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه»، وقد بينا أنه أرسله ابن جريج والموصول هو المحفوظ، وهو متصل، ما فيه علة إلا يوسف وهو مقبول، ما وثقه إلا ابن حبان، وقد روى عنه عمرو بن يحيى وهو زوج ابنته – قُريْبة - وهو أعلم به ، والحديث صححه ابن حبان وحسنه ابن باز في فتاواه (1/50) ، وللحديث شواهد أخرى :
    الدليل الثالث عشر : وفيه خلط الماء المرقي المنفوث فيه، بتراب جيد حتى يُطين، ثم يُصب أو يُدلك به على المبتلى ، ثم إنه يغتسل وينطف نفسه بعد ذلك بماء مرقي آخر :
    وقد أثبت العلم الحديث أن لكثيرٍ من أنواع التربة المطينة بالماء فوائد علاجية كثيرة جدا، وفي هذا قال ابن القيم في الطب :" قال "جالينوس": رأيتُ بالإسكندرية مَطحُولين، ومُستسقين كثيراً، يستعملون طين مصر، ويطلُون به على سُوقهم، وأفخاذهم، وسواعدهم، وظهورهم، وأضلاعهم، فينتفعون به منفعة بَيِّنة. قال: وعلى هذا النحو فقد ينفع هذا الطلاء للأورام العفنة والمترهِّلة الرخوة، قال: وإنِّى لأعرفُ قوماً ترهَّلَت أبدانُهم كُلُّها من كثرة استفراغ الدم من أسفل، انتفعوا بهذا الطين نفعاً بَيِّناً، وقوماً آخرين شَفَوْا به أوجاعاً مزمنة كانت متمكنة فى بعض الأعضاء تمكناً شديداً، فبرأت وذهبت أصلاً".
    . قال ابن حبان في صحيحه:" ذكر الخبر المدحض قول من نفى جواز اتخاذ النشرة للأعِلَّاءِ (6069) أنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا أبو الطاهر بن السرح حدثنا بن وهب أخبرني داود بن عبد الرحمن المكي عن عمرو بن يحيى المازني عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن الشماس عن أبيه عن جده ثابت بن قيس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل عليه فقال :" اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن الشماس، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح فيه ماء فصبه عليه "، ... وأرسله ابن جريج ، والموصول هو المحفوظ، وهو متصل، ما فيه علة إلا يوسف وهو مقبول، ما وثقه إلا ابن حبان، وقد روى عنه عمرو بن يحيى وهو زوج ابنته – قُريْبة - وهو أعلم به والحديث صححه ابن حبان وحسنه ابن باز في فتاواه (1/50) ، وللحديث شواهد أخرى :
    الدليل الرابع عشر : وفيه الجمع بين الملح وماء والقراءة والنفث على المبتلى، استدلالا بما خرج أبو نعيم (2/552..) والطبراني في الصغير (2/87) عن عبد الرحيم بن سليمان وابن فضيل عن مطرف بن طريف عن المنهال بن عمرو عن محمد بن الحنفية عن علي كرم الله وجهه قال: لدغت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقرب وهو يصلي , فلما فرغ قال: «لعن الله العقرب لا تدع مصليا ولا غيره» , ثم دعا بماء وملح , وجعل يمسح عليها [يصبه على أصبعه حيث لدغته] ويقرأ ب قل يا أيها الكافرون، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس "، وأرسله بعضهم والكل محفوظ .



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي


    الدليل الخامس والساس عشر من القياس : قال ابن ماجه في سننه (3532): باب النشرة، ثم خرج مِن طريق يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أم جندب – وهي أمه - قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة من بطن الوادي يوم النحر ثم انصرف، وتبعته امرأة من خثعم ومعها صبي لها به بلاء لا يتكلم، فقالت: يا رسول الله إن هذا ابني وبقية أهلي وإن به بلاء لا يتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ائتوني بشيء من ماء، فأتي بماء، فغسل يديه ومضمض فاه ثم أعطاها فقال: اسقيه منه وصبي عليه منه واستشفي الله له، قالت: فلقيت المرأة فقلت: لو وهبت لي منه! فقالت: إنما هو لهذا المبتلى، قالت: فلقيت المرأة من الحول، فسألتها عن الغلام فقالت: برأ وعقل عقلا ليس كعقول الناس "، هذا حديث فيه لين، يشهد له ما سبق، وإذا جازت الرقية بفضل الوضوء للبركة فهي أجوز بالذكر كما ذكرنا عن العلماء ، وقد مضى قول القرطبي وابن عبد البر وغيرهم :" والنشرة من جنس الطب فهي غسالة شي له فضل، فهي كوضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ".
    16/ وخرج أحمد وابن خزيمة (106) عن جابر بن عبد الله قال :" مرضت فجاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر ماشيين، فوجدني قد أغمي علي، فتوضأ فصبه علي فأفقت .."،
    وأما باقي الأدلة فهي المذكورة في باب النشرة ، وقد ذكرنا أن من صور النشرة ما هو مزيجُ ماءٍ مخلوط بالذكر الحكيم ، وبناءا عليه فكل الأدلة التي تقال في النشرة ، هي نفسها أدلة الرقية في الماء ـ وإذا جازت كتابة الذكر ومزجه بالماء لأجل الاستشفاء، فلمزج قراءة الذكر بالماء أجوز وأبين وبالله التوفيق .
    1/ عن قتادة سمعت سعيد بن المسيب يقول: لا بأس بالنشرة "، ...
    2/ قال عبد الرزاق في جامعه (19763): وقال الشعبي: «لا بأس بالنشرة العربية التي لا تضر إذا وطئت»، قال: والنشرة العربية: أن يخرج الإنسان في موضع عضاه، فيأخذ عن يمينه وشماله من كل ثمر يدقه ويقرأ فيه، ثم يغتسل به ".
    قال:" وفي كتب وهب: «أن تؤخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين، ثم يضربه في الماء، ويقرأ فيه آية الكرسي، وذوات قل، ثم يحسو منه ثلاث حسوات، ويغتسل به، فإنه يذهب عنه كل ما به إن شاء الله، وهو جيد للرجل، إذا حبس من أهله».
    قال: عبد الرزاق: قال معمر: «في الرجل يجمع السحر يغتسل به، إذا قرأ عليه القرآن فلا بأس به»، وهي آثار صريحة في قراءة الرقية في الماء ونحوه، والله المستعان .
    3/ عن ابن جريج: سألت عطاء بن أبي رباح عن النشرة؟ فكره نشرة الأطباء، وقال: لا أدري ما يصنعون فيها، وأما شيء تصنعه أنت فلا بأس به "، وهو صريح في التفريق بين النشرة المجهولة الممنوعة، والمعلومة المشروعة،
    4/ يحيى بن سعيد يقول:" ليس بالنشرة التي يجمع فيها من الشجر والطيب، ويغتسل بها الإنسان بأس"،
    5/ عن أبي قلابة وليث عن مجاهد: «أنهما لم يريا بأسا أن يكتب آية من القرآن ثم يسقاه صاحب الفزع»
    6/ عن أبي قلابة قال : لا بأس أن يكتب القرآن في الشيء يغسل للرجل ".
    وقال السبكي في طبقات الشافعية (5/98) من ترجمة أبي القاسم القشيري النيسابوري الملقب زين الإسلام :" بلغنا أنه مرض للأستاذ أبي القاسم ولد مرضا شديدا بحيث أيس منه فشق ذلك على الأستاذ فرأى الحق سبحانه وتعالى في المنام فشكى إليه، فقال له الحق سبحانه وتعالى: اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه واكتبها في إناء واجعل فيه مشروبا واسقه إياه، ففعل ذلك فعوفي الولد "، قال: وآيات الشفاء في القرآن ست : (ويشف صدور قوم مؤمنين ) (.. شفاء لما في الصدور ) ( فيه شفاء للناس ) ( وننزل من القرءان ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) ( وإذا مرضت فهو يشفين ) ( قل هو للذين ءامنوا هدى وشفاء )،
    قال :" ورأيت كثيرا من المشايخ يكتبون هذه الآيات للمريض ويسقاها في الإناء طلبا للعافية ".
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •