أيها الأنام!

لن يركع الإسلام لأعدائه
أَيُّها المسلمون! لن يركع الإسلام لأعدائه، رَغم تعرضه للهجمات التتارية الشرسة، والصليبية الحاسدة، والصفوية الحاقدة، عبر تاريخه المضيء، حسداً وحقداً من عند أنفسهم، قال تعالى: ﴿ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء﴾ [النساء: 89]، وقال تعالى: ﴿ود كثير منأهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ماتَبَيَّنَ لَهُم الْحَقُّ﴾ [البقرة: 109].

أيها الأنام!
لن يركع الإسلام لأعدائه ... والبُشرى للمسلمين

وسينتشر هذا الدينُ الْحَقُّ، والإسلامُ الصحيح في الآفاق رغم كيد الأعداء والْمُخَالفيْن المنحرفين، قال تعالى:﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)﴾[الصف].
???
[العز للإسلام الصحيحوأهله، والذل والصغار علَى مَنخالفه]

أيها الأنام!
لن ينحني الإسلام لأعدائه

إن من لحق بالإسلام ودخله بكلمة التوحيد، والنطق بالشهادتين؛ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وجد ما يملأ الصدور انشراحاً، والآمال انفساحاً، وكان له العزُّ والسُّؤْدُدُ، ومن أعرض عنه أو سعَى في إيذاء أهله؛ كان نصيبه الذُلُّ والصَّغارُ والدَّمارُ في الدنيا والآخرة، وتصديق ذلك معلوم يقيناً؛ قال تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾[طه: 123-124]، وقد جاء عن نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ما وافق ذلك، فقد روى أحمد في «المسند» (4/103) بإسناد صحيح من حديث تَميمٍ الداريِّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليبلغن هذاالأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذاالدين، بعزِّ عزيز أو بذلِّ ذليل، عزاً يعزُّ الله به الإسلام، وذلاً يذلُّ الله به الكفر». وكان تَميمٌ الدَّاريِّ يقول: قد عرفت ذلك في أهل بَيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافراً الذُّلُّ والصَّغارُ والجزية. وأخرجه الحاكم في «مستدركه» (4/477)
وصححه ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.


أيها الأنام!
لن يركع الإسلام لأعدائه

أيها الْمُسلمون! لن يركع الإسلام لأعدائه، الذين سعوا إلى حربه وصدِّ الناس عنه، لقد حاربوه من كل الجهات؛ أعلنوها حربا من خارج البلدان العربية والمسلمة، وتسللوا إلى الداخل أيضاً، حتى وصلوا إلى أبناء المسلمين، فتغلغلوا بين أبناء الأمة، حتى يخلقوا تناغماً بين الفتك بالأمة من الداخل؛ مع حرب تدور رحاها في الخارج، وقاموا بزرع المنحرفين بنجاح في جَسَد الأُمَّة، وشعروا بسعادة مؤقتة، بما اعتقدوا باطلاً أنه قد حان زمن تحقيق الفوز والنصر على الأسلام، نعم؛ لقد فرحوا في زمن ما، وفي مكان ما؛ لقد عاشوا نشوةً – بحسْب اعتقادهم - عندما نجحوا بنشر المعتقدات الباطلة في عقول بعض الناس، فكان سماً تَسرَّب في تلك الأجساد،إنها محاولات الكسير المهزوم؛ يُحاربون الإسلام من داخله، ويقاتلون الأنام باسم الإسلام، وما زال هؤلاء وأمثالُهم يَحملون أحقادهم، وَيَبُثُّونَ سُمومَهُم السَّبَئيّةَ الصفوية وَالْحَروريَّةَ .

أيها الأنام!
لن يَخضع الإسلام لأعدائه

أيها المسلمون! إنَّكم تَرون مَا يَحدثُ للمسلمين!! يتلقَّى المسلمون ضَرَبات موجعة، الواحدة تلو الأخرى، تُسفكُ فيها الدماءُ، وَتُستباحُ فيها الأَعراضُ في أنحاء وجهات متفرقة من هذا العالم، بهدف القَضَاء علَى الإسلام، ولكن أنّى لَهم ذلك، والله تعالى يقول: ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)﴾ [التوبة]، وروى أحمد في «المسند» (6/4)، وابن حبان في «صحيحه» (15/91، 93) بإسناد صحيح من حديث المقداد بن الأسود يقول: سَمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخلهالله كلمة الإسلام، بعزّ عَزيز أَو ذل ذليل، إما يعزهم الله عز وجل فيجعلهم منأهلها أو يذلهم فيدينون لَها». وأخرجه الحاكم في «مستدركه»(4/476) وصححه، ووافقه الذهبي وهو كما قالا.

أيها الأنام!
هزيمة المسلمين لا تعني سقوط الإسلام

أَيُّهَا المسلمون! لقد هُزمَ المسلمونَ في غزوة أُحُد، تَحت لواء مُحمد صلَّى الله عليه وسلم، حاملِ رسالة الإسلام، سَيّد الأوَّليْنَ والآخرين، وحاصره الأحزاب في المدينة، ولكن لم يهزم الإسلام، ولم يركع لأحد، وكانت للمسلمين الانتصارات بعد ذلك، حتَّى بلغ الإسلام ما بلغ؛ والحمد لله وحده على فضله وكرمه وإحسانه.
فإياكم إياكم! الاعتقاد بأن أَيَّ هزيمة تقع للمسلمين هنا أو هناك؛ ستشهد نهاية الإسلام الصحيح، بل قد تكون بداية النور وطمس الظلمات، وكل ضربة للموحدين تزيد الإسلام والتوحيد قُوَّةً على قُوَّةٍ، فتراه ينطلق من جديد ليعلن أن الإسلام لم ينكسر، وأَنَّه رايةً لا تركع للعبيد، فمن توقع سقوط الإسلام يوما ما؛ عليه مراجعة عقله، فإما أنه قادم للتَوِّ من كوكب آخر، أو لم يقرأ التاريخ، بل هو جاهل بتاريخ الحضارات والأمم.

والله نسأل أن ينصر الإسلام والمسلمين، ويخذل أعداء الدين، ويُعلي كلمة الموحدين، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.
كتبه د. عبدالعزيز بن ندَى العتيـبي

http://ahlalathar.com/play.php?catsmktba=145