تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: تعلمت من ابن عثيمين (3)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2013
    المشاركات
    100

    افتراضي تعلمت من ابن عثيمين (3)

    تعلمت من ابن عثيمين(3)


    المعْلمُ الثالث([1]): العناية بالقرآن حفظاً وفهماً وعملاً:

    في بدايات ما يُعرف بـ"الصحوة" في أوائل القرن الهجري الحالي، كانت العناية بالحديث الشريف تحقيقاً ونشراً وحفظاً قد بلغت غايتها، بعد عقود وربما قرون من الركود العلمي العام، وفي الحديث بشكل أخص، وكان من مظاهر ذلك: إقبال عددٍ كبير من طلاب العلم على هذا التخصص، هذا الإقبال كان عند كثيرين على حساب الاهتمام بالقرآن الكريم من حيث الفهم والتدبر، فكان شيخنا يلحظ ذلك في الجو العام لعموم الحركة العلمية في ذلك الوقت، ويلحظه في عدد من طلاب العلم الذين قصدوه من آفاق شتى، وكانوا يحضرون دروسه.

    هذه الملاحظة المستمرة جعلتْ شيخَنا لا يفوّت التنبيه على العناية بالأصل الأعظم للدِّين، ومن تلكم الكلمات التي لا أزال أتذكرها: تلك المقابلة التي أُجريَت مع شيخنا ـ رحمه الله ـ ضمن سلسلة "على طريق الدعوة" ـ قبل عشرين سنة أو أكثر، وكان من أبرز ما رسخ في ذهني كلامُه عن هذه المسألة بشكل يلمس منه السامعُ خوفَه من اختلال الميزان عند بعض طلبة العلم، حيث تجده يُمضي الأيام والسنين في علم الحديث، ثم إذا جاء القرآن وجدتَه مقصِّراً في مدارسة معانيه، وتدبر آياته! وكان شيخنا قد أبدى فرَحَه بتلك العناية بالسنة، لكنه لم يُخف ألمه من التقصير في جانب العناية بتفسير كلام الله وتدبره.


    وأما عنايته وتوجيهه طلابَ العلم لتدبره؛ فكُتبه وتوجيهاته طافحةٌ بهذا، وأنتَ حين تقرؤها تجدها كلماتٍ فيها روحٌ، ونابعةٌ من قلب مجرّب، قد تكون قصيرة، وسهلة في تراكيبها، لكنك تلمس فيها لغة الصدق والنصح، كقوله: "اللهَ الله يا إخوان! بتدبر القرآن وتفهم معانيه، والتقرب إلى الله تعالى به، والعمل بما فيه، فهو ـ والله ـ سعادتكم في الدنيا والآخرة"ا.هـ.


    ويلحظ طالبُ العلم هذا المعنى حاضراً في تعليقاته على الآيات، سواء فيما قصد به تفسير كتاب الله، أو كان ضمن كتابٍ مصنَّف وردت فيه آيةٌ من الآيات، ومن ذلك حين علّق على قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾[القمر: 22]، قال: "أي: يسّر معانيه لمن تدبّره، ويسّر ألفاظه لمن حفظه، فإذا اتجهتَ اتجاهاً سليماً للقرآن للحفظ يسّره الله عليك، وإذا اتجهتَ اتجاهاً حقيقيًّا إلى التدبر وتفهم المعاني يسّره الله عليك ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ و(هل) للتشويق، يشوقنا الله - عز وجل - إلى أن ندكر القرآن فنتعظ به، جعلنا الله ممن يتلونه حق تلاوته لفظاً ومعنى وعملاً، إنه على كل شيء قدير"([2]).


    وهذه العناية بهذا الأصل العظيم، ظهر أثرُها على تفسيره لما تيسر من القرآن، وعلى فتاواه، وكلماته، فضلاً عما كان عليه شيخنُا من ملازمة ورده اليومي، فقد كان يختم كل عشرة أيام في غير أيام المواسم، وفي رمضان يختم كل ثلاث.


    ومن صور عنايته بهذا الأصل العظيم: أنه كان إذا دُعي لبعض المناسبات طلب من أحد الحضور أن يقرأ آيات من القرآن ثم علّق عليها، وهكذا دأبه في لقائه الأسبوعي، فإن تعليقَه على جزء عمّ المطبوع، إنما هو مِن جمْع ما قاله في تلك المجالس، فخرج منها ذلك الكتاب الذي نفع اللهُ به نفعاً كثيراً.
    إن هذا المنهج العملي الذي سلكه شيخنا ـ رحمه الله ـ في دروسه وعموم المناسبات التي يحضرها، كان له أثرٌ على كثير ممن تلقّى عنه، في العناية بالقرآن، مع اختلاف تخصصاتهم الأكاديمية، أو مناصبهم الوظيفية، ولنِعْم الإرث هذا.

    وخليق بطلاب العلم ـ مهما كان تخصصهم الأكاديمي الدقيق ـ أن يكون لهم نصيبٌ كبيرٌ من العناية بكتاب الله، فهو أصلُ العلوم ومنجمها، وأُسّها وأساسها.


    وإن مما يُزري بطالب العلم: أن يكون مقصراً في حق القرآن تلاوةً وفَهماً، بحجة أن تخصصه ليس في "قسم القرآن"، أو "القراءات"! فالقرآن كتابٌ يتجاوز كل التخصصات. وللحديث صلةٌ إن شاء الله.



    ______
    ([1]) أشرتُ في الجزئين الأول والثاني من هذه السلسلة إلى معلمين من معالم التميز في شخصية شيخنا ـ رحمه الله ـ وهما: "وضوح الهدف" ، "الثبات على المنهج والهدف الذي رسمه لنفسه"، وأتابع في هذا المقال ذِكر بعض تلكم المعالم.
    ([2]) تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد (ص: 284).



    * المقال على الموقع: http://almuqbil.com/web/?action=arti...r&show_id=1605

    موقع د. عمر المقبل: almuqbil.com
    للتواصل مع إدارة النشر: entries.almuqbil@gmail.com

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    نفع الله بكم
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •