" الكثير من الحالات التي يتم تشخيصها من الذين اتخذوا الرقية والعلاج مهنة هي في الحقيقة أوهام ووساوس من الناس ويستغلها أصحاب المهنة الذين يصطادون في الماء العكر ."


السائل: هل الجن فعلا يتلبس في الإنسان ؟


وما هي الطرق الشرعية لمحاولة إخراج هذا الجن؟


الشيخ الألباني : هي الطريقة الوحيدة .. وهي تلاوة القرآن


السائل : ثم كيف يعرف أن هذا الشخص قد تلبسه جني؟


الشيخ رحمه الله تعالى : ربما قد يكون لها ظواهر ويكفي منها أن يكون المريض الممسوس قد عالج نفسه مراراً وتكرارً عن الأطباء الماديين فما نجح طبهم فيه، فيصبح عنده قناعة أنه لعله ممسوس، يذهب إلى بعض من [عُرِف] بأنه يقرأ على أمثال هؤلاء،


لكن هناك ظاهرة مريبة الآن،


وهي أن الناس .. أردت أن أقول أن مس الجن للإنس هذه حقيقة شرعية لا سبيل لإنكارها، وفي القرآن الكريم آية يُشبِّه ربنا عز وجل فيها: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (البقرة: 275)،


فهذه الآية تشير إلى أن الشيطان يمس الإنسان ويتلبسه بحيث يجعله ينصرع، وانصراع الإنسي حقيقة واقعة لا يمكن إنكارها؛ لأننا نراه يرتمي أرضاً ويخرج الزبد من فمه وتتطور مظاهر بدنه ويعترف الطب إلى أنه لا معالجة لديه لهذه الظاهرة، بينما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد عالج بعض الناس في زمانه بتلاوته بعض الآيات الكريمة ومخاطبته عليه السلام للشيطان الذي كان متلبساً بذاك الإنسان، ثم جرى على هذا بعض العلماء الأفاضل الذين نعتقد بأنهم أبعد العلماء عن الخرافة وعن الدجل وأن يمشي من تحتهم الزغل ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد كان مشهوراً بمعالجته لأمثال هؤلاء المصابين، فهذه حقيقة لا يمكن إنكارها،


لكن أردت أن أقول بأن الناس اليوم دخلتهم كثير من الأوهام؛
بحيث أنه ما يصاب أحدهم بشيء ولو كان أمراً طبيعياً إلا ويتوهم أن هناك سحراً،
أو يكون هناك جني متلبس يحول بين المسلم أو المسلمة وما يريده، هذا كثيراً ما يقع


وفي الأمس القريب .. ليلة أمس اتصلت بي امرأتان الأولى أم لثلاث بنات تقول في المقدمة أريد أن أعرض مشكلتي عليك. فقلت لها: تفضلي،


فقالت: عندي ثلاث بنات يأتيهم الخُطَّاب ولا يحدث نصيب،


فالأم كأم متضجرة من هذه الحالة، فتظن ربما يكون هناك سحر أو يكون هناك كتابة أو كذا .. فتسأل عن معالجة بالطريقة التي تَخصَّص فيها بعض الناس اليوم من الكتابة أو من مخاطبة من يظن أنه متلبس بجني ونحو ذلك. الحقيقة أني أطلت النفس معها وأفهمتها بأن هذه ظاهرة طبيعية يا بنت الحلال،


وسألتها عن عمر ابنتها الكبيرة فقالت سبع وعشرين سنة، والصغيرة سبعة عشر تقريباً،


قلت لها هذا الوضع وضع طبيعي خاصة شباب اليوم مشغولين بالدراسة وبالشغل وبايعين التعجيل بالزواج بمثل هذه الدراسة التي ما أنزل الله بها من سلطان.


الخلاصة اقتنعت مني أخيراً أن الوضع طبيعي وليس له علاقة بموضوع السحر والجن .. إلى آخره


. بعد قليل اتصلت بنت تسألني أظن تسألني عن الدكتور عادل في الزرقاء، تسألني ما رأيك هناك شخص يعالج بعض الناس الذي يظن أنهم مصابون بشيء من المس، قلت لها رأساً: أنت بنت المرأة التي كانت تحكي معي قبل دقائق؟


فوجِئَت، فوجئت .


طبعاً هي أنكرت، أخذت الخلاصة أتكلم معها أيضاً، والخلاصة أنني تعمقت معها في السؤال .


وسألتها ماذا يفعل هذا الرجل وهنا الشاهد الآن، هل عندما تذهب إليه المرأة يمد يده إليها،


قالت: يضع يده على جبينها،


قلت: هذا لا يجوز. وبعد ذلك رَقَّعَت الجواب بأنه من فوق الثوب أو الغطاء أو ما شابه ذلك،


قلت على كل حال أنا ما أستطيع أن أجيبك بجواب سلبي أو إيجابي إلا إذا عرفت حقيقة عمل هذا الرجل، هل تعرفيه أو لا تعرفيه؟


قالت: أنا لا أعرفه.


قلت لها: ليس عندي جواب. والسلام عليكم.


الشاهد الآن هناك وسوسة حول هذه الناحية مع أن هذه حقيقة . فتوسَّعوا فيها، واستُغلت هذه الوسوسة من كثير من الناس الذين يريدون أن يصطادوا في الماء العكر واتخذوها مهنة .


حتى بعض النساء يتعاطون هذه المهنة ويتعاطون مع قراءة بعض الآيات وقد لا يحسنون تلاوتها أمورا هي عين الدجل،


ولذلك الذي ينبغي أن يكون موقف المسلم من هذه الظاهرة هو الإيمان بما سبق ذكره آنفاً أن الجني قد يتلبس بالإنسي،


وأن معالجة هذه المشكلة إنما يكون بتلاوة القرآن فقط،


فمن أصيب بشيء من هذا فعليه أن يسأل عن المشايخ الذين يتعاطون التلاوة في حدود الأحكام الشرعية ولا يتوسعون في ذلك،


بعضهم يستعملون الزيت، وبعضهم يستعملون الماء الذي ألقي على إناء مقروءاً مكتوباً عليه بعض الآيات، وهذه مع الأسف يفتي به بعض القدامى والمحدثين من العلماء، ولكن لا أجد لهم في ذلك سلفاً.


"
الهدى والنور" (627/ 17: 14: 00)