تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: "إذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله"

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,356

    افتراضي "إذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله"

    السؤال :
    يدعي الصوفية أن الإمام أحمد يعتقد في التوسل والاستغاثة . شعب الإيمان – ح 7697 (ج 6 / ص 128( - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج اثنتين راكب و ثلاث ماشي أو ثلاث راكب و اثنتين ماشي فضللت الطريق في حجة و كنت ماشيا فجعلت أقول يا عباد الله دلوني على الطريق قال : فلم أزل ذلك حتى وقفت على الطريق أو كما قال أبي . و يدعمون قولهم عن الإمام أحمد برواية في شعب الإيمان وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله عز و جل ملائكة سوى الحفظة يكتبون ما سقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله يرحمكم الله تعالى ). رواه البزار من طريق حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد حدثني أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس.
    وبناء على هذا فيستحب التوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم في الدعاء بناء على قول الإمام أحمد . من فضلكم أرجو الرد في أقرب وقت ممكن .
    الجواب :
    الحمد لله
    أولاً :
    روى البزار (4922) من طريق أسامة بن زيد الليثي ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس مرفوعاً : ( إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ سِوَى الْحَفَظَةِ ، يَكْتُبُونَ مَا سَقَطَ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ ، فَإِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ بِأَرْضٍ فَلاةٍ فَلْيُنَادِ : أَعِينُوا عِبَادَ اللَّهِ ).
    قال البزار : " وَهَذَا الْكَلامُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم بِهَذَا اللَّفْظِ إلاَّ مِن هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ " انتهى من "مسند البزار" (11/ 181) .
    وقد أعل هذا الحديث بعلتين :
    الأولى : أن مداره على أسامة بن زيد الليثي.
    وهو من الرواة المختلف فيهم عند علماء الجرح والتعديل ، فمنهم من وثقه ، ومنهم من ضعفه ، وعلى كل حال ففي حفظه وضبطه كلام .
    قال الإمام أحمد : " إن تدبرت حديثه ستعرف النكرة فيها ". انتهى من "الكامل في ضعفاء الرجال" (2/ 76).
    وقال الحافظ الذهبي عنه : " صَدُوق يهم ، اخْتلف قَول يحيى الْقطَّان فِيهِ ، وَقَالَ أحْمَد: لَيْسَ بِشَيْء ، وَقَالَ النَّسَائِيّ : لَيْسَ بِالْقَوِيّ ، وَقَالَ ابْن عدي : لَيْسَ بِهِ بَأْس ".
    انتهى من "المغني في الضعفاء " (1/ 66).
    وكذلك قال فيه الحافظ في التقريب : " صدوق يهم ". انتهى من " تقريب التهذيب " (ص: 98).
    الثانية : أن الرواة عن أسامة بن زيد اختلفوا عليه في هذا الحديث ، فمنهم من رواه عنه مرفوعاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من رواه موقوفاً على ابن عباس من قوله .
    وقد تفرد بروايته مرفوعاً : حاتم بن إسماعيل ، وأخرج روايته البزار في "مسنده" (4922).
    وخالفه أربعة من الرواة وهم :
    1=عبد الله بن فروخ ، وأخرج روايته البيهقي في "شعب الإيمان" (1/325).
    2= وروح بن عبادة ، وأخرج روايته البيهقي في "شعب الإيمان" (10/140).
    3= وجعفر بن عون ، وأخرج روايته البيهقي في "شعب الإيمان" (10/140).
    4= وأبو خالد الأحمر ، وأخرج روايته ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/ 91).
    فرووه كلهم عن أسامة بن زيد الليثي ، فجعلوه من قول ابن عباس .
    ولا شك أن رواية الوقف أرجح ؛ لأن رواتها أكثر عدداً ، وأشد ضبطاً ، فهم أبعد عن الخطأ والوهم .
    قال الإمام الشافعي : " وَالْعَدَدُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنَ الْوَاحِدِ" انتهى من "اختلاف الحديث" صـ 177.
    وقال الحافظ شمس الدين الذَّهبي : " وإن كان الحديثُ قد رواه الثَّبتُ بإسنادٍ ، أو وَقَفَهُ ، أو أرسلَهُ ، ورفقاؤه الأثباتُ يخالفونه ، فالعبرةُ بما اجتمع عليه الثقات ، فإنَّ الواحد قد يَغلَط ، وهنا قد ترجَّح ظهور غلطه فلا تعليل ، والعبرةُ بالجماعة ". الموقظة صـ52.
    فالراجح في هذا الحديث - إن حكمنا بقبوله - أنه من قول ابن عباس ، وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم .
    قال البيهقي: " هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ الصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِوُجُودِ صِدْقِهِ عِنْدَهُمْ فِيمَا جَرَّبُوا ". انتهى من " الآداب " (ص: 269).
    وممن عمل بهذا الحديث : الإمام أحمد بن حنبل .
    قال عبد الله بن الإمام أحمد : " سمعت أبي يقول : حججْت خمس حجج ، منها ثنتين راكبًا ، وثلاثة ماشياً أو ثِنْتَيْنِ ماشياً وثلاثة راكبًا ، فضللت الطَّرِيق في حجَّة ، وكنت مَاشِيا ، فجعلت أقول : يا عباد الله دلوني على الطَّرِيق ، فلم أزل أقول ذلك حتى وقفتُ على الطريق ".
    انتهى من "مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله" (ص: 245) ، وينظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (5/ 298).
    ثانياً :
    من الأمور المهمة التي ينبغي التنبه لها أن ضابط الاستغاثة التي تكون شركاً هو : " سؤال غير الله ما لا يقدر عليه إلا الله ".
    أما الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه فليست من الشرك في شيء .
    والأثر المذكور فيه إخبار عن وجود صنف من الملائكة ، وهم أحياء ، حياتهم الطبيعية الملائمة لهم ؛ جعلهم الله في الأرض لإعانة التائهين وإرشادهم ودلالتهم على الطريق ، فمن طلب منهم الإعانة فقد طلب من مخلوقٍ شيئاً يقدر عليه ، وأرصده الله له .
    وشتان بين هذا وبين أن يطلب من مخلوق ميت ، أو غائب أن يشفي مريضه ، وأن يرزقه مولودا ، وأن ييسر ولادة زوجته ، أو أن يرحمه ويعافيه ، ونحو ذلك من الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وَالِاسْتِغَاثَ ةُ : طَلَبُ الْغَوْثِ ، وَهُوَ إزَالَةُ الشِّدَّةِ ، كَالِاسْتِنْصَا رِ طَلَبُ النَّصْرِ ، وَالِاسْتِعَانَ ةِ طَلَبُ الْعَوْنِ ، وَالْمَخْلُوقُ يُطْلَبُ مِنْهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْهَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُم ْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) ، وَكَمَا قَالَ: (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى).
    وَأَمَّا مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ ؛ فَلَا يُطْلَبُ إلَّا مِنْ اللَّهِ ". انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/103).
    وقال : " فَأَمَّا مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَبَ إلَّا مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، لَا يُطْلَبُ ذَلِكَ لَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ ، وَلَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِغَيْرِ اللَّهِ: اغْفِرْ لِي ، وَاسْقِنَا الْغَيْثَ ، وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ، أَوْ اهْدِ قُلُوبَنَا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ... فَأَمَّا مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْبَشَرُ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ". انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/329).
    وقال: " وَقَدْ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْحَيَّ يُطْلَبُ مِنْهُ الدُّعَاءُ كَمَا يُطْلَبُ مِنْهُ سَائِرُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا الْمَخْلُوقُ الْغَائِبُ وَالْمَيِّتُ ، فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ شَيْءٌ". انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/344) .
    وقال : " الْأُمُورَ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا غَيْرُ اللَّهِ لَا تُطْلَبُ مِنْ غَيْرِهِ مِثْلُ: إنْزَالِ الْمَطَرِ ، وَإِنْبَاتِ النَّبَاتِ ، وَتَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ ، وَالْهُدَى مِنْ الضَّلَالَاتِ ، وَغُفْرَانِ الذُّنُوبِ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ". انتهى من " مجموع الفتاوى" (1/370).
    وقد أكثرنا من النقول عن شيخ الإسلام في هذه النقطة لكثرة اللبس فيها والتلبيس عند أهل الأهواء والبدع .
    وقال الشيخ صالح آل الشيخ : " والحديث لا يدل على ما يدعيه المبطلة من سؤال الموتى ونحوهم ، بل إنه صريح في أن من يخاطبه ضالُّ الطريق هم : الملائكة ، وهم يسمعون مخاطبته لهم ، ويقدرون على الإجابة بإذن ربهم ؛ لأنهم أحياء ممكَّنون من دلالة الضال ، فهم عباد لله ، أحياء يسمعون ، ويجيبون بما أقدرهم عليه ربهم ، وهو إرشاد ضالي الطريق في الفلاة ، ومن استدل بهذه الآثار على نداءِ شخص معين باسمه ، فقد كذب على رسول الله ، ولم يلاحظ ويتدبر كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وذاك سيما أهل الأهواء .
    إذا تبين هذا : فالأثر من الأذكار التي قد يتساهل في العمل بها مع ضعفها ؛ لأنها جارية على الأصول الشرعية ، ولم تخالف النصوص القرآنية ، والأحاديث النبوية، ثم هو مخصوص بما ورد به الدليل؛ لأن هذا مما لا يجوز فيه القياس لأن العقائد مبناها على التوقيف". هذه مفاهيمنا (ص: 56) ، بتصرف يسير .
    والحاصل :
    أن ما لا يقدر عليه إلا الله ، وما هو من خصائص ربوبيته ، كالإحياء والإماتة ، والرزق ... كل هذا لا يسأل من غيره سبحانه ، ومن استغاث بغير الله في شيء من ذلك ، فقد أشرك .
    وأما ما يقدر عليه الخلق ، فلا حرج في سؤاله من يقدر على ذلك الشيء منهم ، والاستغاثة بهم فيه ؛ بشرطين : أن يكون المستغاث به : حيا ، حاضرا ، قادرا على ذلك الشيء .
    وللاستزادة ينظر جواب السؤال :(132642) .
    والله أعلم .
    http://islamqa.info/ar/181206
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,757

    افتراضي

    نفع الله بك أبا يوسف .
    تتمــة :
    قال العلامة الألباني في السلسة الضعيفة :
    656 - إذا أضل أحدكم شيئا ، أو أراد أحدكم غوثا ، وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل : يا عباد الله أغيثوني ، يا عباد الله أغيثوني ، فإن لله عبادا لا نراهم.
    ضعيف .
    رواه الطبراني في "الكبير" (مجموع 6 / 55 / 1) : حدثنا الحسين بن إسحاق : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي : حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال : حدثني
    أبي عن عبد الله بن عيسى عن ابن علي عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . وزاد في آخره : وقد جرب ذلك .
    قلت : وهذا سند ضعيف . وفيه علل :
    1 و2 ، عبد الرحمن بن شريك وهو ابن عبد الله القاضي وأبوه كلاهما ضعيف ، قال الحافظ في الأول منهما : صدوق يخطيء.
    وقال في أبيه : صدوق يخطيء كثيرا ، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة. وقد أشار
    إلى هذا الهيثمي بقوله في "المجمع" (10 / 132) : رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم ، إلا أن يزيد (كذا) بن علي لم يدرك عتبة.
    3 ، الانقطاع بين عتبة وابن علي ، هكذا وقع في أصلنا الذي نقلنا منه الحديث (ابن
    علي) غير مسمى ، وقد سماه الهيثمي كما سبق (يزيد) ، وأنا أظنه وهما من الناسخ أو الطابع ، فإنه ليس في الرواة من يسمى (يزيد بن علي) والصواب (زيد بن علي) وهو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ولد سنة ثمانين ، ومات عتبة سنة عشرين على أوسع الأقوال فبين وفاته وولادة زيد بن علي دهر طويل ! وقال الحافظ ابن حجر في "تخريج الأذكار " : أخرجه الطبراني بسند منقطع عن عتبة بن غزوان مرفوعا وزاد في آخره " وقد جرب ذلك. ثم قال الحافظ : كذا في الأصل ، أي الأصل المنقول منه هذا الحديث من كتاب الطبراني ، ولم أعرف
    تعيين قائله ، ولعله مصنف المعجم ، والله أعلم. فقد اقتصر الحافظ على إعلاله بالانقطاع ، وهو قصور واضح لما عرفت من العلتين الأوليين . وأما دعوى الطبراني رحمه الله بأن الحديث قد جرب ، فلا يجوز الاعتماد عليها ، لأن العبادات لا تثبت بالتجربة ، كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله . ومع أن هذا الحديث ضعيف كالذي قبله ، فليس فيه دليل على جواز الاستغاثة بالموتى من الأولياء والصالحين ، لأنهما صريحان بأن المقصود ب- " عباد الله " فيهما خلق من غير البشر ، بدليل قوله في الحديث الأول : فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليهم. وقوله في هذا الحديث : فإن لله عبادا لا نراهم. وهذا الوصف إنما ينطبق على الملائكة أو الجن ، لأنهم الذين لا نراهم عادة ، وقد جاء في حديث آخر تعيين أنهم طائفة من الملائكة. أخرجه البزار عن ابن عباس بلفظ : "إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر ، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله أعينوني".
    قال الحافظ كما في "شرح ابن علان" (5 / 151) : هذا حديث حسن الإسناد غريب جدا ، أخرجه البزار وقال : لا نعلم يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وحسنه السخاوي أيضا في "الابتهاج " وقال الهيثمي : رجاله ثقات .
    قلت : ورواه البيهقي في "الشعب " موقوفا كما يأتي . فهذا الحديث ، إذا صح ، يعين أن المراد بقوله في الحديث الأول " يا عباد الله " إنما
    هم الملائكة ، فلا يجوز أن يلحق بهم المسلمون من الجن أو الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء والصالحين ، سواء كانوا أحياء أو أمواتا ، فإن الاستغاثة بهم وطلب العون منهم شرك بين لأنهم لا يسمعون الدعاء ، ولو سمعوا لما استطاعوا الاستجابة وتحقيق الرغبة ، وهذا صريح في آيات كثيرة ، منها قوله تبارك وتعالى : {و الذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ، ولو سمعوا ما استجابوا لكم ، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ، ولا ينبئك مثل خبير} (فاطر 13 ، 14) . هذا ، ويبدو أن حديث ابن عباس الذي حسنه الحافظ كان الإمام أحمد يقويه ، لأنه قد عمل به ، فقال ابنه عبد الله في"المسائل" (217) : سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج منها ثنتين [ راكبا ] وثلاثة ماشيا ، أو ثنتين ماشيا وثلاثة راكبا ، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا ، فجعلت أقول : (يا عباد الله دلونا على الطريق !) فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق . أو كما قال أبي ، ورواه البيهقي في "الشعب" (2 / 455 / 2) وابن عساكر (3 / 72 / 1) من طريق عبد الله بسند صحيح .
    وبعد كتابة ما سبق وقفت على إسناد البزاز في "زوائده" (ص 303) : حدثنا موسى بن إسحاق : حدثنا منجاب بن الحارث : حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد [ عن أبان ] ابن صالح عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره.
    قلت : وهذا إسناد حسن كما قالوا ، فإن رجاله كلهم ثقات غير أسامة بن زيد وهو الليثي وهو من رجال مسلم ، على ضعف في حفظه ، قال الحافظ في "التقريب " : صدوق يهم. وموسى بن إسحاق هو أبو بكر الأنصاري ثقة ، ترجمه الخطيب البغدادي في "تاريخه" (13 / 52 ، 54) ترجمة جيدة . نعم خالفه جعفر بن عون فقال : حدثنا أسامة بن زيد .... فذكره موقوفا على ابن عباس.
    أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2 / 455 / 1) . وجعفر بن عون أوثق من حاتم بن إسماعيل ، فإنهما وإن كانا من رجال الشيخين ، فالأول منهما لم يجرح بشيء ، بخلاف الآخر ، فقد قال فيه النسائي : ليس بالقوي . وقال غيره : كانت فيه غفلة . ولذلك قال فيه الحافظ : صحيح الكتاب ، صدوق يهم.
    وقال في جعفر : صدوق. ولذلك فالحديث عندي معلول بالمخالفة ، والأرجح أنه موقوف ، وليس هو من الأحاديث التي يمكن القطع بأنها في حكم المرفوع ، لاحتمال أن يكون ابن عباس تلقاها من مسلمة أهل الكتاب . والله أعلم . ولعل الحافظ ابن حجر رحمه الله لو اطلع على هذه الطريق الموقوفة ، لانكشفت له العلة ، وأعله بالوقف كما فعلت ، ولأغناه ذلك عن استغرابه جدا ، والله أعلم .أهـ

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •