وقع أمامي مسألة الرضاع من الكافرة، فوجدت أن العلماء قالوا: بعدم اشتراط الإسلام للمرضعة؛ لكن لا أخفيكم سرًا هذا الأمر وقع في صدري منه حرج لما يترتب عليه من أحكام وما قد يلوح لهذا الصغير من حنان وميل لأمه وأقاربه من الرضاع، حتى وقفت على كلام للإمام أحمد ومن قبله الفاروق عمر وعمر بن عبد العزيز، ففرحت به ورجوت أن يكون صحيحًا، ولم أجد خيرًا من مشايخي وإخواني في هذا المجلس المبارك كي أشاركهم همي وفكري،
قال ابن قدامة: (كَرِهَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الِارْتِضَاعَ بِلَبَنِ الْفُجُورِ وَالْمُشْرِكَات ِ).
وروي عن عمر بن الخطّاب وعمر بن عبد العزيز أنّهما قالا:(اللَّبَنُ يُشْتَبَهُ، فَلَا تَسْتَقِ مِنْ يَهُودِيَّةٍ وَلَا نَصْرَانِيَّةٍ وَلَا زَانِيَةٍ. وَلَا يَقْبَلُ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْمُسْلِمَةَ، وَلَا يَرَى شُعُورَهُنَّ وَلِأَنَّ لَبَنَ الْفَاجِرَةِ رُبَّمَا أَفْضَى إلَى شَبَهِ الْمُرْضِعَةِ فِي الْفُجُورِ، وَيَجْعَلُهَا أُمًّا لِوَلَدِهِ، فَيَعْتَبِرُ بِهَا، وَيَتَضَرَّرُ طَبْعًا وَتَعَيُّرًا، وَالِارْتِضَاعُ مِنْ الْمُشْرِكَةِ يَجْعَلُهَا أُمًّا، لَهَا حُرْمَةُ الْأُمِّ مَعَ شِرْكِهَا، وَرُبَّمَا مَالَ إلَيْهَا فِي مَحَبَّةِ دِينهَا. وَيُكْرَهُ الِارْتِضَاعُ بِلَبَنِ الْحَمْقَاءِ، كَيْلًا يُشْبِهَهَا الْوَلَدُ فِي الْحُمْقِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: إنَّ الرَّضَاعَ يُغَيِّرُ الطِّبَاعَ).. انظر: المغني (8 / 194).