تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 70

الموضوع: فتح رب البرية بتلخيص الحموية / للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

  1. #1

    Lightbulb فتح رب البرية بتلخيص الحموية / للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

    فتح رب البريـة
    بتلخيص الحمويـة


    للعلامة محمد بن صالح العثيمين
    رحمه الله تعالى

    http://www.saaid.net/book/open.php?cat=1&book=1761


    ===================

    فهرس الكتاب
    مقدمة
    الباب الأول:
    فيما يجب على العـبد في دينه
    الباب الثاني:
    فيما تضمنته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    من بيان الحق في أصول الدين وفروعه
    الباب الثالث:
    في طريقة أهل السنة والجماعة
    في أسماء الله وصفاته
    التحريف
    التعطيل
    التكييف
    التمثيل والتشبيه
    الإلحاد
    الباب الرابع:
    في بيان صحة مذهب السلف
    وبطلانِ القول بتفضيل مذهب الخلف

    في العلم والحكمة على مذهب السلف
    الباب الخامس:
    في حكاية بعض المتأخرين لمذهب السلف
    الباب السادس:
    في لَبس الحق بالباطل من بعض المتأخرين
    الباب السابع:
    في أقوال السلف المأثورة في الصفات
    الباب الثامن:
    في علو الله تعالى وأدلة العلوّ
    الباب التاسع:
    في الجهة
    الباب العاشر:
    في استواء الله على عرشه
    الباب الحاديَ عشَرَ:
    في المعية
    أقسام معية الله لخلقه
    الباب الثاني عشَرَ:
    في الجمع بين نصوص علو الله بذاته ومعيته
    الباب الثالثَ عشَرَ:
    في نزول الله إلى السماء الدنيا
    فصلٌ:
    في الجمع بين نصوص علوِّ الله تعالى بذاته
    ونزولِه إلى السماء الدنيا
    الباب الرابعَ عشَرَ:
    في إثبات الوجه لله تعالى
    الباب الخامسَ عشَرَ:
    في يدَيِ الله عز وجل
    الباب السادسَ عشَرَ:
    في عينَيِ الله تعالى
    الباب السابعَ عشَرَ:
    في الوجوه التي وردت عليها
    صفتا اليدين والعينين
    الباب الثامنَ عشَرَ:
    في كلام الله سبحانه وتعالى
    فصل:
    في أن القرآنَ كلامُ الله
    فصل:
    في اللفظ والملفوظ
    الباب التاسعَ عشَرَ:
    في ظهور مقالة التعطيل واستمدادها
    الباب العشرون:
    في طريقة النفاة فيما يجب إثباته أو نفيه من صفات الله
    فصل:
    فيما يلزم على طريقة النفاة من اللوازم الباطلة
    فصل:
    فيما يعتمد عليه النفاة من الشبهات
    الباب الحادي والعشرون:
    في أن كل واحد من فريقَي التعطيل والتمثيل
    قد جمع بين التعطيل والتمثيل
    الباب الثاني والعشرون:
    في تحذير السلف عن علم الكلام
    الباب الثالث والعشرون:
    في أقسام المنحرفين عن الاستقامة
    في باب الإيمان بالله واليوم الآخر
    الباب الرابع والعشرون:
    في انقسام أهل القبلة
    في آيات الصفات وأحاديثها
    الباب الخامس والعشرون:
    في ألقاب السوء
    التي وضعها المبتدعة على أهل السنة
    الباب السادس والعشرون:
    في الإسلام والإيمان
    فصل
    في زيادة الإيمان ونقصانه
    فصلٌ
    في الاستثناء في الإيمان

    الحمد لله رب العالمين

  2. #2

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه،
    ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
    من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،
    ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
    ونشهد أن محمداً عبده ورسوله،
    صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه
    وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد،
    فإن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق
    رحمةً للعالمين وقدوةً للعاملين
    وحجةً على العباد أجمعين،

    فأدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة،
    وبيَّن للناس جميع ما يحتاجون إليه في أصول دينهم وفروعه،

    فلم يدع خيراً إلا بيَّنه وحث عليه
    ولم يترك شراً إلا حذر الأمة عنه،
    حتى ترك أمته على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها.

    فسار عليها أصحابه نيِّرة مضيئة،
    وتلقاها عنهم كذلك القرون المفضلة،
    حتى تجهم الجو بظلمات البدع المتنوعة
    التي كاد بها مبتدعوها الإسلام وأهله،
    وصاروا يتخبطون فيها خبط عشواء،
    ويبنون معتقداتهم على نسج العنكبوت.

    والرب تعالى يحمي دينه بأوليائه
    الذين وهبهم من الإيمان والعلم والحكمة
    ما به يصدون هؤلاء الأعداء
    ويرُدّون كيدهم في نحورهم،

    فما قام أحد ببدعة إلا قيّض الله - وله الحمد -
    من أهل السنة من يدحض بدعته ويبطلها.
    وكان في مقدِّمة القائمين على هؤلاء المبتدعةِ
    شيخُ الإسلام تقي الدين أحمدُ بنُ عبد الحليم
    ابنِ عبد السلام ابنِ تيمية الحرّاني ثم الدمشقي،
    المولودُ في حرّان يوم الإثنين الموافقِ 10 ربيع الأول
    سنة 661 هجرية،
    والمتوفى محبوساً ظلماً في قلعة دمشق في ذي القَعدة
    سنة 728 هجرية.
    وله المؤلفات الكثيرة في بيان السنة وتوطيد أركانها
    وهدم البدع.
    ومما ألفه في هذا الباب رسالة ( الفتوى الحموية )
    التي كتبها جواباً لسؤال ورد عليه في سنة 698 هجرية
    من حماةَ بلدٍ في الشام،
    يُسأَل فيه عما يقوله الفقهاء وأئمة الدين
    في آيات الصفات وأحاديثها،
    فأجاب بجواب يقع في حوالَيْ 83 صفحة.
    وحصل له بذلك محنة وبلاء،
    فجزاه الله تعالى عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء.
    ولما كان فهم هذا الجواب والإحاطةُ به
    مما يشق على كثير من قرائه،
    أحببت أن ألخص المهم منه
    مع زيادات تدعو الحاجة إليها،
    وسميته ( فتحُ ربّ البرية بتلخيص الحموية ).
    وقد طبعته لأول مرة في سنة 1380 هجرية.
    وها أنا أعيد طبعه للمرة الثانية،
    وربما غيرت ما رأيت من المصلحة تغييره
    من زيادة أو حذف.
    والله أسأل أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه
    ونافعاً لعباده إنه جواد كريم.

    الحمد لله رب العالمين

  3. #3

    افتراضي

    الباب الأول:

    فيما يجب على العـبد في دينه

    الواجب على العبد في دينه هو اتباع ما قاله الله

    وقاله رسوله محمدٌ صلى الله عليه وسلم

    والخلفاءُ الراشدون المهديون من بعده

    من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.


    وذلك أن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم

    بالبينات والهدى،

    وأوجب على جميع الناس أن يؤمنوا به،

    ويتبعوه ظاهراً وباطناً،

    فقال تعالى:

    ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً

    الذي له ملك السماوات والأرض

    لا إله إلا هو يحيي ويميت

    فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي

    الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ).


    وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

    ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي،

    تمسكوا بها وعَضوا عليها بالنواجذ،

    وإياكم ومحدثاتِ الأمور،

    فإن كل محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة ).


    والخلفاء الراشدون هم الذين خلفوا النبي

    صلى الله عليه وسلم

    في العلم النافع والعمل الصالح.

    وأحق الناس بهذا الوصف
    هم الصحابة رضي الله عنهم،

    فإن الله اختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم

    وإقامة دينه،

    ولم يكن الله تعالى ليختار
    - وهو العليم الحكيم -

    لصحبة نبيه إلا من هم أكمل الناس إيماناً

    وأرجحُهم عقولاً وأقومُهم عملاً

    وأمضاهم عزماً وأهداهم طريقاً.

    فكانوا أحق الناس أن يتبعوا بعد نبيهم

    صلى الله عليه وسلم ،


    ومن بعدهم أئمةُ الدين

    الذين عُرفوا بالهدى والصلاح.


    الحمد لله رب العالمين

  4. #4

    افتراضي

    الباب الثاني:

    فيما تضمنته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم

    من بيان الحق في أصول الدين وفروعه

    رسالة النبي صلى الله عليه وسلم تتضمن شيئين،

    هما العلم النافع والعمل الصالح،

    كما قال تعالى:

    ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق

    ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ).

    فالهدى هو العلم النافع،

    ودين الحق هو العمل الصالح

    الذي اشتمل على الإخلاص لله،

    والمتابعةِ لرسوله صلى الله عليه وسلم.


    والعلم النافع يتضمن كل علم يكون للأمة فيه

    خير وصلاح في معاشها ومعادها.


    وأولُ ما يدخل في ذلك العلمُ بأسماء الله وصفاته وأفعاله.

    فإن العلم بذلك أنفع العلوم،

    وهو زُبدة الرسالة الإلهية وخلاصة الدعوة النبوية،

    وبه قوام الدين قولاً وعملاً واعتقاداً.

    ومن أجل هذا كان من المستحيل أن يهمله النبي

    صلى الله عليه وسلم

    ولا يبينَه بياناً ظاهراً ينفي الشك ويدفع الشبهة.


    وبيان استحالته من وجوه:

    الأول: أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم

    كانت مشتملة على النور والهدى،

    فإن الله بعثه بشيراً ونذيراً،

    وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً،

    حتى ترك أمته على المحجة البيضاء

    ليلُها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك،

    وأعظم النور وأبلغه ما يحصل للقلب

    بمعرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله،

    فلا بد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم

    قد بينه غايةَ البيان.


    الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم أمته

    جميع ما تحتاج إليه من أمور الدين والدنيا،

    حتى آدابَ الأكل والشرب والجلوس والمنام وغير ذلك.

    قال أبو ذر رضي الله عنه :

    ( لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم

    وما طائرٌ يقلب جناحيه إلا ذكر لنا منه علماً ).


    ولا ريب أن العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله

    داخلٌ تحت هذه الجملة العامة،

    بل هو أول مايدخل فيها لشدة الحاجة إليه.


    الثالث: أن الإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله

    هو أساس الدين وخلاصة دعوة المرسلين،

    وهو أوجب وأفضل ما اكتسبته القلوب وأدركته العقول.

    فكيف يهمله النبي صلى الله عليه وسلم

    من غير تعليم ولا بيان،

    مع أنه كان يعلّم ما هو دونه في الأهمية والفضيلة ؟!


    الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم

    كان أعلمَ الناس بربه،

    وهو أنصحهم للخلق، وأبلغهم في البيان والفصاحة،

    فلا يمكن مع هذا المقتضي التامّ للبيان

    أن يتركَ باب الإيمان بالله وأسمائه وصفاته

    ملتبِساً مشتبِهاً.

    الحمد لله رب العالمين

  5. #5

    افتراضي

    الخامس:

    أن الصحابة رضي الله عنهم


    لابد أن يكونوا قائلين بالحق في هذا الباب،

    لأن ضد ذلك إما السكوت وإما القول بالباطل،

    وكلاهما ممتنع عليهم.


    أما امتناع السكوت،

    فوجهه أن السكوت إما أن يكون عن جهل منهم

    بما يجب لله تعالى من الأسماء والصفات

    وما يجوز عليه منها وما يمتنع،

    وإما أن يكون عن علم منهم بذلك ولكن كتموه،

    وكل منهما ممتنع.


    أما امتناع الجهل،

    فلأنه لا يمكن لأي قلب فيه حياةٌ ووعيٌ

    وطلبٌ للعلم ونهمةٌ في العبادة

    إلا أن يكون أكبرَ همه هو البحث في الإيمان بالله تعالى

    ومعرفتِه بأسمائه وصفاته وتحقيقُ ذلك علماً واعتقاداً.

    ولا ريبَ أن القرون المفضلةَ - وأفضلُهم الصحابة -

    هم أبلغ الناس في حياة القلوب ومحبة الخير

    وتحقيق العلوم النافعة،


    كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    ( خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ).

    وهذه الخيريةُ تعم فضلهم في كل ما يقرب إلى الله

    من قول وعمل واعتقاد.


    ثم لو فرضنا أنهم كانوا جاهلين بالحق في هذا الباب،

    لكان جهلُ مَن بعدَهم من باب أولى.

    لأن معرفة ما يُثْبَت لله تعالى من الأسماء والصفات

    أو يُنفى عنه إنما تُتَلقى من طريق الرسالة،

    وهم الواسطة بين الرسول

    صلى الله عليه وسلم وبين الأمة.

    وعلى هذا الفرض يلزم

    أن لا يكون عند أحد علمٌ في هذا الباب،

    وهذا ظاهر الامتناع.


    وأما امتناع كتمان الحق،

    فلأن كلَّ عاقل منصفٍ عرف حال الصحابة

    رضي الله عنهم وحِرْصَهم على نشر العلم النافع

    وتبليغِه الأمةَ،

    فإنه لن يمكنه أن ينسب إليهم كتمان الحق،

    ولا سيّما في أوجب الأمور

    وهو معرفة الله وأسمائه وصفاته.

    ثم إنه قد جاء عنهم من قول الحق في هذا الباب

    شيء كثير يعرفه من طلبه وتتبعه.

    الحمد لله رب العالمين

  6. #6

    افتراضي

    وأما امتناع القول بالباطل عليهم فمن وجهين:


    أحدهما:

    أن الباطلَ لا يمكن أن يقوم عليه دليل صحيح.

    ومن المعلوم أن الصحابةَ رضي الله عنهم

    أبعدُ الناس عن القول فيما لم يقم عليه دليل صحيح،

    خصوصاً في أمر الإيمان بالله تعالى وأمور الغيب،

    فهم أولى الناس بامتثال قوله تعالى:

    ( ولا تقف ما ليس لك به علم )

    وقولِه:

    ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن

    والإثـمَ والبغيَ بغير الحق

    وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً

    وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ).


    ثانيهما:

    أن القول الباطل إما أن يكون مصدره الجهل بالحق،

    وإما أن يكون مصدره إرادة ضلال الخلق.

    وكلاهما ممتنع في حق
    الصحابة رضي الله عنهم.

    أما امتناع الجهل فقد تقدم بيانه.



    وأما امتناع إرادة ضلال الخلق،

    فلأن إرادة ضلال الخلق قصد سيئ

    لا يمكن أن يصدر من الصحابة

    الذين عُرفوا بتمام النصح للأمة ومحبةِ الخير لها.

    ثم لو جاز عليهم سوء القصد فيما قالوه في هذا الباب،

    لجاز عليهم سوءُ القصد فيما يقولون

    في سائر أبواب العلم والدين،

    فتُعدَم الثقةُ بأقوالهم وأخبارهم في هذا الباب وغيره،

    وهذا من أبطل الأقوال،

    لأنه يستلزم القدحَ في الشريعة كلِّها.


    وإذا تبين أن الصحابة رضي الله عنهم

    لا بدَّ أن يكونوا قائلين بالحق في هذا الباب،



    فإننا نقول:

    إما أن يكونوا قائلين ذلك بعقولهم، أو عن طريق الوحي.

    والأول ممتنع،

    لأن العقل لا يدرك تفاصيل

    ما يجب لله تعالى من صفات الكمال،

    فتعين الثاني

    وهو أن يكونوا تلقَّوا هذه العلومَ عن طريق رسالة النبي

    صلى الله عليه وسلم.


    فيلزم على هذا

    أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم

    قد بيَّن الحق في أسماء الله وصفاته،

    وهذا هو المطلوب.


    الحمد لله رب العالمين

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا ،، هل سيتم تلخيص الأقوال التي نقلها شيخ الإسلام ؟ أم فقط تلخيص شرح ابن تيمية رحمه الله ؟
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  8. #8

    افتراضي

    شكرا لمروركم
    وانظروا مقدمة التلخيص ففيه بيان منهجه

    =========
    الباب الثالث:


    في طريقة أهل السنة والجماعة

    في أسماء الله وصفاته


    أهل السنة والجماعة هم الذين اجتمعوا

    على الأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم

    والعملِ بها ظاهراً وباطناً في القول والعمل والاعتقاد.


    وطريقتهم في أسماء الله وصفاته كما يأتي:


    أولاً في الإثبات،


    فهي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه

    أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ،

    من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.


    ثانياً في النفي،


    فطريقتهم نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه

    أوعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ،

    مع اعتقادهم ثبوتَ كمال ضده لله تعالى.


    ثالثاً

    فيما لم يَردْ نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه

    كالجسم والـحَيْز والجهة ونحو ذلك،

    فطريقتهم فيه التوقفُ في لفظه

    فلا يثبتونه ولا ينفونه لعدم ورود ذلك،


    وأما معناه فيستفصلون عنه،


    فإن أريد به باطل - يُنَزَّه الله عنه - رَدُّوه،

    وإن أريد به حق - لا يمتنع - على الله قبلوه.


    وهذه الطريقة هي الطريقة الواجبة،

    وهي القول الوسط بين أهل التعطيل وأهل التمثيل.


    وقد دل على وجوبها العقل والسمع.


    فأما العقل،

    فوجه دلالته أن تفصيل القول فيما يجب ويجوز ويمتنع

    على الله تعالى لا يُدرك إلا بالسمع،

    فوجب اتباع السمع في ذلك

    بإثبات ما أثبته ونفي ما نفاه والسكوت عما سكت عنه.


    وأما السمع

    فمن أدلته قولُه تعالى:

    ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها

    وذروا الذين يلحدون في أسمائه

    سيجزون ما كانوا يعملون )


    وقولُه:

    ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )


    وقولُه:

    ( ولا تقف ما ليس لك به علم ).


    فالآية الأولى دلت على وجوب الإثبات

    من غير تحريف ولا تعطيل، لأنهما من الإلحاد.


    والآية الثانية دلت على وجوب نفي التمثيل.


    والآية الثالثة دلت على وجوب نفي التكييف،

    وعلى وجوب التوقف فيما لم يرد إثباته أو نفيه.


    وكل ما ثبت لله من الصفات فإنها صفات كمالٍ

    يُحمَد عليها ويُثنى بها عليه،

    وليس فيها نقص بوجه من الوجوه،

    فجميع صفات الكمال ثابتة لله تعالى على أكمل وجه.


    وكل ما نفاه الله عن نفسه فهو صفات نقصٍ

    تنافي كمالَه الواجبَ.

    فجميع صفات النقص ممتنعة على الله تعالى

    لوجوب كماله.


    وما نفاه الله عن نفسه

    فالمراد به انتفاءُ تلك الصفةِ المنفيةِ وإثباتُ كمال ضدها،

    وذلك أن النفي لا يدل على الكمال

    حتى يكون متضمِناً لصفة ثبوتية يحمد عليها.


    فإن مجردَ النفي قد يكون سببَه العجزُ فيكون نقصاً،

    كما في قول الشاعر:

    ( قُبِيِّلَهٌ لا يغدرون بذمة ***

    ولا يظلمون الناس حبة خردل ).


    وقد يكون سببَه عدمُ القابلية، فلا يقتضي مدحاً،

    كما لو قلتَ: الجدار لا يظلم.


    إذا تبين هذا،

    فنقول:


    مما نفى الله عن نفسه الظلم،

    فالمراد به انتفاءُ الظلم عن الله

    مع ثبوت كمال ضده وهو العدل.


    ونفى عن نفسه اللُّغوب وهو التعب والإعياء،

    فالمراد نفي اللغوب مع ثبوت كمال ضده وهو القوة.


    وهكذا بقية ما نفاه الله عن نفسه،

    والله أعلم.

    الحمد لله رب العالمين

  9. #9

    افتراضي

    التحريف

    التحريف لغةً التغيير.

    وفي الاصطلاح تغيير النص لفظاً أو معنى.

    والتغيير اللفظي قد يتغير معه المعنى وقد لا يتغير،

    فهذه ثلاثة أقسام:

    1.تحريف لفظي يتغير معه المعنى،

    كتحريف بعضِهم قولَه تعالى:

    ( وكلم اللـهُ موسى تكليماً )

    إلى نصب الجلالة ليكون التكليم من موسى.


    2.وتحريف لفظي لا يتغير معه المعنى،

    كفتح الدال من قوله تعالى: ( الحمدُ لله رب العالمين ).

    وهذا في الغالب لا يقع إلا من جاهل،

    إذ ليس فيه غرض مقصود لفاعله غالباً.


    3. وتحريف معنوي،

    وهوصرف اللفظ عن ظاهره بلا دليل.

    كتحريف معنى اليدين المضافتين إلى الله

    إلى القوة والنعمة ونحو ذلك.


    التعطيل


    التعطيل لغة التفريغ والإخلاء.

    وفي الاصطلاح - هنا - إنكار ما يجب لله تعالى

    من الأسماء والصفات، أو إنكار بعضه،

    فهو نوعان:


    1.تعطيل كلي.

    كتعطيل الجهمية الذين ينكرون الصفات،

    وغلاتُهم ينكرون الأسماء أيضاً.


    2. وتعطيل جزئي.

    كتعطيل الأشعرية

    الذين ينكرون بعض الصفات دون بعض.

    وأول من عرف بالتعطيل من هذه الأمة

    هو الجعد بن درهم.


    التكييف


    التكييف حكاية كيفية الصفة،

    كقول القائل:

    كيفية يد الله أو نزوله إلى السماء الدنيا كذا وكذا.

    الحمد لله رب العالمين

  10. #10

    افتراضي

    التمثيل والتشبيه


    التمثيل إثبات مثيل للشيء.

    والتشبيه إثبات مشابه له.

    فالتمثيل يقتضي المماثلة، وهي المساواةُ من كل وجه.

    والتشبيه يقضي المشابهة وهي المساواة في أكثر الصفات.

    وقد يطلق أحدهما على الآخر.


    والفرق بينهما وبين التكييف من وجهين:

    أحدهما:

    أن التكييف أن يُحكى كيفية الشيء،

    سواء كانت مطلقة أم مقيدة بشبيه.

    وأما التمثيل والتشبيه

    فيدلان على كيفية مقيدة بالمماثل والمشابه.

    ومن هذا الوجه يكون التكييف أعمَّ،

    لأن كل ممثِّلٍ مكيِّفٌ ولا عكس.

    ثانيهما:

    أن التكييف يختص بالصفات،

    أما التمثيل فيكون في القدْر والصفة والذات،

    ومن هذا الوجهِ يكون أعمَّ

    لتعلقه بالذات والصفات والقدْر.


    ثم التشبيه الذي ضل به من ضل من الناس على نوعين،

    أحدهما تشبيه المخلوق بالخالق،

    والثاني تشبيه الخالق بالمخلوق.


    فأما تشبيه المخلوق بالخالق

    فمعناه إثبات شيء للمخلوق مما يختص به الخالق

    من الأفعال والحقوق والصفات.

    فالأول

    كفعل من أشرك في الربوبية ممن زعم أن مع الله خالقاً.

    والثاني

    كفعل المشركين بأصنامهم

    حيث زعموا أن لها حقاً في الألوهية فعبدوها مع الله.

    والثالث

    كفعل الغلاة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره،

    مثلِ قول المتنبي يمدح عبد الله بنَ يحيى البُحتُري:

    ( فكن كما شئت يا من لا شبيه له ***

    وكيف شئت فما خلق يدانيكا ).


    وأما تشبيه الخالق بالمخلوق

    فمعناه أن يثبت لله تعالى في ذاته أو صفاته من الخصائص

    مثلَ ما يثبت للمخلوق من ذلك،


    كقول القائل:

    إن يديِ الله مثلُ أيدي المخلوقين،

    واستواءَه على عرشه كاستوائهم، ونحوِذلك.

    وقد قيل إن أول من عرف بهذا النوع

    هشام بن الحكم الرافضي،

    والله أعلم.


    الحمد لله رب العالمين

  11. #11

    افتراضي

    الإلحاد

    الإلحاد في اللغة الميل.

    وفي الاصطلاح الميل عما يجب اعتقاده أو عمله.


    وهو قسمان:

    أحدهما في أسماء الله،

    الثاني في آياته.


    فأما الإلحاد في أسمائه

    فهو العدول عن الحق الواجب فيها.

    وهو أربعة أنواع:

    1.أن ينكر شيئاً منها، أو مما دلت عليه من الصفات،

    كما فعل المعطلة.

    2.أن يجعلها دالة على تشبيه الله بخلقه، كما فعل المشبهة.

    3.أن يسميَ الله بما لم يسمّ به نفسه، لأن أسماء الله توقيفيةٌ،

    كتسمية النصارى له أباً

    وتسمية الفلاسفة إياه علةً فاعلة ونحوِ ذلك.

    4.أن يشتق من أسمائه أسماءَ للأصنام،

    كاشتقاق اللات من الإله والعزى من العزيز.


    وأما الإلحاد في آياته فيكون في الآيات الشرعية

    - وهي ما جاءت به الرسل من الأحكام والأخبار -


    ويكون في الآيات الكونية

    - وهي ما خلقه الله ويخلقه في السموات والأرض-.


    فأما الإلحاد في الآيات الشرعية

    فهو تحريفها أو تكذيب أخبارها أو عصيان أحكامها.


    وأما الإلحاد في الآيات الكونية

    فهو نسبتها إلى غيرالله أو اعتقاد شريك أو معين له فيها.
    الحمد لله رب العالمين

  12. #12

    افتراضي

    الباب الرابع:

    في بيان صحة مذهب السلف

    وبطلانِ القول بتفضيل مذهب الخلف

    في العلم والحكمة على مذهب السلف


    سبق القول في بيان طريقة السلف

    وذكر الدليل على وجوب الأخذ بها.

    أما هنا فإننا نريد أن نبرهن على أن مذهب السلف

    هو المذهب الصحيح، وذلك من وجهين:


    أحدهما:

    أن مذهب السلف دل عليه الكتاب والسنة.

    فإن من تتبع طريقتهم بعلمٍ وعدلٍ

    وجدها مطابقة لما في الكتاب والسنة جملةً وتفصيلاً،
    ولا بد.

    فإن الله تعالى أنزل الكتاب ليتدبر الناسُ آياتِه،

    ويعملوا بها إن كانت أحكاماً،

    ويصدقوا بها إن كانت أخباراً،

    ولا ريبَ أن أقرب الناس إلى فهمها وتصديقها

    والعمل بها هم السلف،

    لأنها جاءت بلغتهم وفي عصرهم،

    فلا جرم أن يكونوا أعلمَ الناس بها فقهاً وأقومَهم عملاً.


    الثاني:

    أن يقال:

    إن الحق في هذا الباب إما أن يكون فيما قاله السلف،

    أو فيما قاله الخلف.

    والثاني باطل،

    لأنه يلزم عليه أن يكون الله ورسوله

    والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار

    قد تكلموا بالباطل تصريحاً أو ظاهراً،

    ولم يتكلموا مرةً واحدةً بالحق

    الذي يجب اعتقاده لا تصريحاً ولا ظاهراً،

    فيكون وجود الكتاب والسنة

    ضرراً محضاً في أصل الدين،

    وتركُ الناس بلا كتاب ولا سنة خيراً لهم وأقومَ،

    وهذا ظاهر البطلان.


    هذا، وقد قال بعض الأغبياء:

    ( طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم ).


    ومنشأ هذا القول أمران:


    أحدهما

    اعتقاد قائله - بسببِ ما عنده من الشبهات الفاسدة -

    أن الله تعالى ليس له في نفس الأمر صفة حقيقية

    دلت عليها هذه النصوص.


    الثاني

    اعتقاده أن طريقة السلف هي الإيمان

    بمجرد ألفاظ نصوص الصفات من غير إثباتِ معنىً لها.

    فيبقى الأمر دائراً بين أن نؤمنَ بألفاظٍ جوفاءَ لا معنى لها،

    وهذه طريقة السلف على زعمه،

    وبين أن نثبت للنصوص معانيَ تخالف ظاهرَها

    الدالَّ على إثبات الصفات لله،

    وهذه هي طريقة الخلف.


    ولا ريبَ أن إثباتَ معاني النصوص أبلغُ

    في العلم والحكمة من إثبات ألفاظٍ جوفاءَ ليس لها معنىً،

    ومن ثمَ فضّل هذا الغبيُّ

    طريقة الخلف في العلم والحكمة على طريقة السلف.
    الحمد لله رب العالمين

  13. #13

    افتراضي

    وقولُ هذا الغبيِّ يتضمن حقاً وباطلاً.

    فأما الحق فقوله إن مذهب السلف أسلم،

    وأماالباطل فقوله إن مذهبَ الخلف أعلمُ وأحكمُ.

    وبيان بطلانه من وجوه:

    الوجه الأول:

    أنه يناقض قولَه إن طريقة السلف أسلم.

    فإنّ كَوْنَ طريقةِ السلف أسلمَ

    من لوازم كونها أعلمَ وأحكمَ،

    إذ لا سلامة إلا بالعلم والحكمة،

    العلمِ بأسباب السلامة، والحكمةِ في سلوك تلك الأسباب.

    وبهذا يتبين أن طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم.

    وهو لازم لهذا الغبي لزوماً لا محيدَ عنه.

    الوجه الثاني:

    أن اعتقادَه أن الله ليس له صفةٌ حقيقية

    دلت عليها هذه النصوصُ اعتقادٌ باطل،

    لأنه مبني على شبهات فاسدة،

    ولأن الله تعالى قد ثبتت له صفات الكمال

    عقلاً وفطرة وشرعاً.


    فأما دلالة العقل على ثبوت صفات الكمال لله،

    فوجهه أن يقال إن كل موجود في الخارج

    فلابد أن يكون له صفةٌ،

    إما صفة كمال وإما صفة نقص،

    والثاني باطل

    بالنسبة إلى الرب الكامل المستحقِّ للعبادة،

    وبذلك استدل الله تعالى على بطلان ألوهية الأصنام

    باتصافها بصفات النقص والعجز

    - بكونها لا تسمع ولا تبصر

    ولا تنفع ولا تضر ولا تخلق ولا تنصر -.


    فإذا بطل الثاني تعين الأول،

    وهو ثبوت صفات الكمال لله.

    ثم إنه قد ثبت بالحس والمشاهدة

    أن للمخلوق صفاتِ كمال،

    والله سبحانه هو الذي أعطاه إياها،

    فمعطي الكمالِ أولى به.


    وأما دلالة الفطرة على ثبوت صفات الكمال لله،

    فلأن النفوس السليمة مجبولةٌ ومفطورة

    على محبة الله وتعظيمه وعبادته.

    وهل تحب وتعظم وتعبد إلا من عرفت أنه متصف

    بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته؟


    وأما دلالة الشرع على ثبوت صفات الكمال لله

    فأكثر من أن تحصر،

    مثلُ قوله تعالى:

    ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة

    هو الرحمن الرحيم.

    هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام

    المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر

    سبحان الله عما يشركون.

    هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى

    يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم )

    وقولِه:

    ( وله المثل الأعلى في السموات والأرض )

    وقولِه تعالى:

    ( الله لا إله إلاهو الحي القيوم

    - إلى قوله -

    وهو العلي العظيم )


    ومثلُ قوله صلى الله عليه وسلم:

    ( أيها الناس اِربَعوا على أنفسكم،

    فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً،

    إنما تدعون سميعاً بصيراً قريباً،

    إن الذي تدعونه

    أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته

    إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث.


    الحمد لله رب العالمين

  14. #14

    افتراضي

    الوجه الثالث:

    أن اعتقاده أن طريقة السلف مجردُ الإيمان

    بألفاظ النصوص بغير إثبات معناها اعتقاد

    باطل كذبٌ على السلف.

    فإن السلفَ أعلمُ الأمة بنصوص الصفات لفظاً ومعنىً،

    وأبلغُهم في إثبات معانيها اللائقة بالله تعالى

    على حسب مراد الله ورسوله.


    الوجه الرابع:

    أن السلف هم ورثة الأنبياء والمرسلين،

    فقد تلقوا علومهم من يُنبوع

    الرسالة الإلهية وحقائق الإيمان.


    أما أولئك الخلفُ فقد تلقَوا ما عندهم

    من المجوس والمشركين وضلال اليهود واليونان.


    فكيف يكون ورثةُ المجوس والمشركين واليهود واليونان

    وأفراخهمُ أعلمَ وأحكمَ في أسماء الله وصفاته

    من ورثة الأنبياء والمرسلين؟!


    الوجه الخامس:

    أن هؤلاء الخلفَ الذين فضّل هذا الغبي طريقتهم

    في العلم والحكمة على طريقة السلف

    كانوا حيارى مضطربين بسبب إعراضهم عما بعث الله به

    محمداً صلى الله عليه وسلم من البينات والهدى،


    والتماسِهم علمَ معرفة الله تعالى ممن لا يعرفه

    بإقراره على نفسه وشهادة الأمة عليه.


    حتى قال الرازي - وهو من رؤسائهم -

    مبيِّناً ما ينتهي إليه أمرهم:

    ( نهاية إقدام العقول عقال،

    وأكثر سعي العالمين ضلال

    وأرواحنا في وَحشة من جسومنا،

    وغايةُ دنيانا أذىً ووبالُ

    ولم نستفد من بحثنا طولَ عمرنا،

    سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا


    لقد تأملت الطرقَ الكلاميةَ والمناهجَ الفلسفيةَ

    فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً،

    ورأيت أقربَ الطرق طريقةَ القرآن،

    أقرأ في الإثبات

    ( الرحمن على العرش استوى )

    ( إليه يصعد الكلم الطيب )

    وأقرأ في النفي

    ( ليس كمثله شيءٌ )

    ( ولا يحيطون به علماً ).

    ومن جرّب مثلَ تجرِبتي عرف مثل معرفتي )

    انتهى كلامه.


    فكيف تكون طريقةُ هؤلاء الحيارى

    الذين أقروا على أنفسهم بالضلال والـحَيْرة

    أعلمَ وأحكمَ من طريقة السلفِ،

    الذين هم أعلام الهدى ومصابيح الدجى،

    الذين وهبهم الله من العلم والحكمة

    ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء،

    والذين أدركوا من حقائق الإيمان والعلوم

    ما لو جُمِع إليه ما حصَل لغيرهم

    لاستحيا من يطلب المقارنة،

    فكيف بالحكم بتفضيل غيرهم عليهم؟!

    وبهذا يتبين أن طريقة السلف

    أسلمُ وأعلم وأحكم.

    الحمد لله رب العالمين

  15. #15

    افتراضي

    الباب الخامس:

    في حكاية بعض المتأخرين لمذهب السلف

    قال بعض المتأخرين:

    ( إن مذهب السلف في الصفات

    إمرار النصوص على ما جاءت به،

    مع اعتقاد أن ظاهرَها غيرُ مراد ) انتهى.


    وهذا القول على إطلاقه فيه نظر،

    فإن لفظ ( ظاهر ) مجمل يحتاج إلى تفصيل.


    فإن أُريد بالظاهر ما يظهر من النصوص من الصفات

    التي تليق بالله من غير تشبيه، فهذا مراد قطعاً.


    ومن قال إنه غيرُ مراد فهو ضالّ إن اعتقده في نفسه،

    وكاذب أو مخطئ إن نسبه إلى السلف.


    وإن أريد بالظاهر ما قد يظهر لبعض الناس

    من أن ظاهرها تشبيهُ الله بخلقه، فهذا غير مراد قطعاً.

    وليس هو ظاهرَ النصوص،

    لأن مشابهة الله لخلقه أمر مستحيل،

    ولا يمكن أن يكون ظاهر الكتاب والسنة أمراً مستحيلاً.

    ومن ظن أن هذا هو ظاهرُها فإنه يُبَيّن له أنّ ظنه خطأ،

    وأن ظاهرَها بل صريـحَها

    إثباتُ صفات تليق بالله وتختص به.


    وبهذا التفصيل نكون قد أعطينا النصوص حقها

    لفظاً ومعنى،

    والله أعلم.

    الحمد لله رب العالمين

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فراس السليماني مشاهدة المشاركة

    فإنّ كَوْنَ طريقةِ السلف أسلمَ

    من لوازم كونها أعلمَ وأحكمَ،

    إذ لا سلامة إلا بالعلم والحكمة،

    العلمِ بأسباب السلامة، والحكمةِ في سلوك تلك الأسباب.

    وبهذا يتبين أن طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم.

    وهو لازم لهذا الغبي لزوماً لا محيدَ عنه.

    بارك الله فيكم
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  17. #17

    افتراضي

    شكرا لمروركم يا أم علي
    ==========

    الباب السادس:

    في لَبس الحق بالباطل من بعض المتأخرين



    قال بعض المتأخرين:

    ( إنه لا فرق بين مذهب السلف

    ومذهب المؤولين في نصوص الصفات،

    فإن الكل اتفقوا على أن الآياتِ والأحاديثَ

    لا تدل على صفات الله،

    لكنِ المتأولون رأوُا المصلحة في تأويلها

    لمسيس الحاجة إليه وعينوا المرادَ،

    وأما السلف فأمسكوا عن التعيين

    لجواز أن يكون المرادَ غيرُه ). انتهى.

    هذا كذب صريح على السلف،

    فما منهم أحد نفى دِلالة النصوص

    على صفات الله التي تليق به،

    بل كلامهم يدل على تقرير جنس الصفات في الجملة،

    والإنكارِ على من نفاها أو شبَّه الله بخلقه،

    كقول نُعيمِ بنِ حماد الخزاعي شيخِ البخاري:

    ( من شبه الله بخلقه فقد كفر،

    ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر،

    وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسولُه تشبيهاً ) انتهى،

    وكلامهم هذا كثير.


    ومما يدل على إثبات السلف للصفات

    وأنهم ليسوا على وفاق مع أولئك المتأولين،

    أن أولئك الـمُتَأَوِّلَة َ كانوا خصوماً للسلف،

    وكانوا يرمونهم بالتشبيه والتجسيم لإثباتهم الصفاتِ،

    ولو كان السلف يوافقونهم

    في عدم دِلالة النصوص على صفات الله

    لم يجعلوهم خصوماً لهم ويرموهم بالتشبيه والتجسيم،

    وهذا ظاهر ولله الحمد.

    الحمد لله رب العالمين

  18. #18

    افتراضي


    الباب السابع:

    في أقوال السلف المأثورة في الصفات

    اشتهر عن السلف كلمات عامة وأخرى خاصة

    في آيات الصفات وأحاديثها.

    فمن الكلمات العامة قولهم:

    ( أمروها كما جاءت بلا كيف ).

    روي هذا عن مكحولٍ والزهريّ ومالكِ بنِ أنسٍ

    وسفيانَ الثوريّ والليثِ بنِ سعدٍ والأوزاعيّ.

    وفي هذه العبارةِ ردٌّ على المعطلة والمشبهة.

    ففي قولهم:

    ( أمروها كما جاءت ) رد على المعطلة.

    وفي قولهم:

    ( بلا كيف ) رد على المشبهة.

    وفيها أيضاً دليل على أن السلف كانوا يثبتون

    لنصوص الصفات المعانـيَ الصحيحةَ التي تليق بالله.

    تدل على ذلك من وجهين:

    الأول قولهم: ( أمروها كما جاءت )،

    فإن معناها إبقاء دلالتها على ما جاءت به من المعاني،

    ولا ريب أنها جاءت لإثبات المعاني اللائقة بالله تعالى.

    ولو كانوا لا يعتقدون لها معنىً لقالوا:

    ( أمروا لفظها ولا تتعرضوا لمعناها ) ونحوِ ذلك.



    الثاني قولهم: ( بلا كيف )،

    فإنه ظاهر في إثبات حقيقة المعنى،

    لأنهم لو كانوا لا يعتقدون ثبوته

    ما احتاجوا إلى نفي كيفيته،

    فإن غير الثابت لا وجود له في نفسه،

    فنفي كيفيته من لغو القول.

    فإن قيل:

    ما الجواب عما قاله الإمام أحمد في حديث النزول وشَبَهِهِ:

    ( نؤمن بها ونصدق، لا كيف ولا معنى ).

    قلنا:

    الجواب على ذلك

    أن المعنى الذي نفاه الإمام أحمد في كلامه

    هو المعنى الذي ابتكره المعطلة من الجهمية وغيرهم

    وحرفوا به نصوص الكتاب والسنة عن ظاهرها

    إلى معانٍ تخالفه.


    ويدل على ما ذكرنا أنه نفى المعنى ونفى الكيفية،

    ليتضمن كلامه الردَّ على كلتا الطائفتين المبتدعتين

    طائفةِ المعطلة وطائفةِ المشبهة.


    ويدل عليه أيضاً ما قاله المؤلف في قول محمد بن الحسن:

    ( اتفق الفقهاء كلُّهم من المشرق إلى المغرب

    على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات

    عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

    في صفة الرب عز وجل

    من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه ) انتهى،

    قال المؤلف:

    أراد به تفسيرَ الجهمية المعطلة

    الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف

    ما كان عليه الصحابةُ والتابعون من الإثبات، انتهى.

    فهذا دليل على أن تفسير آيات الصفات وأحاديثها

    على نوعين:

    الأول تفسير مقبول،

    وهو ما كان عليه الصحابة والتابعون

    من إثبات المعنى اللائق بالله عز وجل

    الموافقِ لظاهر الكتاب والسنة.

    الثاني تفسير غير مقبول،

    وهو ما كان بخلاف ذلك.

    وهكذا المعنى، منه مقبول ومنه مردود، على ما تقدم.


    فإن قيل:

    هل لصفات الله كيفية؟

    فالجواب: نعم لها كيفية، لكنها مجهولة لنا.

    لأن الشيء إنما تعلم كيفيته بمشاهدته

    أو مشاهدة نظيره أو خبر الصادق عنه،

    وكل هذه الطرقِ غير موجودة في صفات الله.


    وبهذا عرف أن قول السلف:

    ( بلا كيف ) معناه بلا تكييف،

    لم يريدوا نفي الكيفية مطلقاً،

    لأن هذا تعطيل محض،

    والله أعلم.
    الحمد لله رب العالمين

  19. #19

    افتراضي

    الباب الثامن:

    في علو الله تعالى وأدلة العلوّ


    علو الله تعالى من صفاته الذاتية،

    وينقسم إلى قسمين علوِّ ذات وعلو صفات.

    فأما علو الصفات فمعناه أنه ما من صفة كمال

    إلا ولله تعالى أعلاها وأكملُها،

    سواء كانت من صفات المجد والقهر

    أم من صفات الجمال والقدْر.


    وأما علو الذات فمعناه أن الله بذاته فوق جميع خلقه،

    وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع

    والعقل والفطرة.


    فأما الكتاب والسنة فإنهما مملوءان بما هو صريح أو ظاهر

    في إثبات علو الله تعالى بذاته فوق خلقه.

    وقد تنوعت دلالتهما على ذلك.


    فتارة بذكر العلو والفوقية

    والاستواء على العرش وكونه في السماء،

    مثلُ قوله تعالى:

    ( وهو العلي العظيم )

    ( سبح اسم ربك الأعلى )

    ( يخافون ربهم من فوقهم )

    ( الرحمن على العرش استوى )

    ( ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض )


    وقولِه صلى الله عليه وسلم:

    ( والعرش فوق ذلك، والله فوق العرش )

    ( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ).


    وتارة بصعود الأشياء وعروجها ورفعها إليه،

    مثلُ قوله تعالى:

    ( إليه يصعد الكلم الطيب )

    ( تعرج الملائكة والروح إليه )

    ( بل رفعه الله إليه )

    وقولِه صلى الله عليه وسلم:

    ( لا يصعد إلى الله إلا الطيب )

    ( فيعرج الذين باتوا فيكم إلى ربهم )

    ( يُرفع إليه عملُ الليل قبل عمل النهار،

    وعملُ النهار قبل عمل الليل ).


    وتارة بنـزول الأشياء منه ونحوِ ذلك،

    مثلُ قوله تعالى:

    ( تنـزيل من رب العالمين )

    ( قل نزله روح القدس من ربك )

    وقولِه صلى الله عليه وسلم:

    ( ينـزل ربنا إلى السماء الدنيا

    حين يبقى ثلث الليل الآخر ).

    إلى غير ذلك من الآيات،

    والأحاديث التي تواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم

    في علو الله تعالى على خلقه تواتراً يوجب علماً ضرورياً

    بأن النبي صلى الله عليه وسلم قالها عن ربه

    وتلقتها أمته عنه.

    وأما الإجماع،

    فقد أجمع الصحابة والتابعون لهم بإحسان

    وأئمةُ أهل السنة

    على أن الله تعالى فوق سمواته على عرشه.

    وكلامهم مملوء بذلك نصّاً وظاهراً.


    قال الأوزاعي:

    ( كنا - والتابعون متوافرون - نقول:

    إن الله تعالى ذكرُه فوق عرشه،

    ونؤمن بما جاءت به السنة من الصفات ).


    قال الأوزاعي هذا بعد ظهور مذهب جهم

    النافي لصفات الله وعلوِّه،

    ليعرف الناس أن مذهب السلف

    كان يخالف مذهب جهم.


    ولم يقل أحد من السلف قطُّ إن الله ليس في السماء،

    ولا أنه بذاته في كل مكان،

    ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء،

    ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل ولا منفصل،

    ولا أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه.

    بل قد أشار إليه أعلم الخلق به في حجة الوداع

    يومَ عرفةَ في ذلك المجمع العظيم،

    حينما رفع إصبعه إلى السماء يقول:

    ( اللهم اشهد )

    يُشهِد ربه على إقرار أمته بإبلاغه الرسالة،

    صلوات الله وسلامه عليه.


    الحمد لله رب العالمين

  20. #20

    افتراضي

    وأما العقل،

    فإن كل عقل صريح

    يدل على وجوب علو الله بذاته فوق خلقه من وجهين:


    الأول: أن العلو صفة كمال،

    والله تعالى قد وجب له الكمال المطلق من جميع الوجوه،

    فلزم ثبوت العلو له تبارك وتعالى.



    الثاني: أن العلو ضدُّه السُّفْلُ، والسُّفْل صفة نقص،

    والله تعالى مُنَزه عن جميع صفات النقص،

    فلزم تنـزيهُه عن السُّفْل وثبوتُ ضده له وهو العلو.



    وأما الفطرة،

    فإن الله تعالى فطر الخلق كلَّهم العرب والعجم

    حتى البهائمَ على الإيمان به وبعلوه.

    فما من عبد يتوجه إلى ربه بدعاء أو عبادة

    إلا وجد من نفسه ضرورةً بطلب العلو

    وارتفاع قلبه إلى السماء،

    لا يلتفت إلى غيره يميناً ولا شمالاً.

    ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة

    إلا من اجتالته الشياطينُ والأهواءُ.

    وكان أبو المعالي الجويني يقول في مجلسه:

    ( كان الله ولا شيءَ، وهو الآن على ما كان عليه )

    يُعَرِّضُ بإنكار استواء الله على عرشه،



    فقال أبو جعفرٍ الهمْداني:

    ( دعنا من ذكر العرش - أي لأنه ثبت بالسمع -

    وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا،

    ما قال عارف قطُّ يا الله،

    إلا وجد من قلبه ضرورةً بطلب العلو،

    لا يلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرَةً.

    فكيف ندفع هذه الضرورةَ من قلوبنا؟ )

    فصرخ أبو المعالي ولطم رأسه وقال:

    ( حيرني الهمْداني، حيرني الهمْداني ).


    فهذه الأدلة الخمسة كلها تطابقت

    على إثبات علو الله بذاته فوقَ خلقه.



    فأما قوله تعالى:

    ( وهو الله في السموات وفي الأرض

    يعلم سركم وجهركم )

    وقولُه:

    ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله


    فليس معناهما أن الله في الأرض كما أنه في السماء،

    ومن توهم هذا أو نقله عن أحد من السلف

    فهو مخطئ في وهْمه وكاذب في نقله.

    وإنما معنى الآيةِ الأولى

    أن الله مألوه في السموات وفي الأرض،

    كل من فيهما فإنه يَتَأَلَّه إليه ويعبده.

    وقيل: معناها أن الله في السموات،

    ثم ابتدأ فقال: ( وفي الأرض يعلم سركم وجهركم )

    أيْ إن الله يعلم سركم وجهركم في الأرض،

    فليس علوه فوق السموات بمانع

    من علمه سركم وجهركم في الأرض.

    وأما الآية الثانية فمعناها

    أن الله إله في السماء وإله في الأرض،

    فألوهيته ثابتة فيهما وإن كان هو في السماء.

    ونظير ذلك قول القائل:

    فلان أمير في مكة وأمير في المدينة،

    أيْ إن إمارته ثابتة في البلدين،

    وإن كان هو في أحدهما،

    وهذا تعبير صحيح لغة وعرفاً،

    والله أعلم.


    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •