قال الشيخ أسامة عطايا في كتابه الأحاديث الموضوعة التي تنافي توحيد العبادة جمعا ودراسة :
الحديث السابع
(164)/ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء)).
تخريجه :
هذا الحديث رواه عن ابن عمر: مولاه نافع وأبو قلابة الجرمي.
ورواه عن نافع : محمد بن جحادة وعطاف بن خالد وسعيد بن ميمون وأيوب السختياني.
ورواه عن محمد بن جحادة: الحسن بن أبي جعفر وعثمان بن جعفر وغزال بن محمد .
1/أما رواية الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة:
فرواه ابن ماجه(2/1153رقم3487) وابن عدي(2/30 وابن حبان في المجروحين(2/101) وابن الجوزي في العلل المتناهية(2/874-875رقم1464) من طريق عثمان بن مطر عن الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : يا نافع! قد تبيَّغ بي الدم( ) فالتمس لي حجاماً واجعله رفيقا إن استطعت ولا تجعله شيخاً كبيراً ولا صبياً صغيراً فإني سمعت رسول الله -- يقول : ((الحجامة على الريق أمثل وفيه شفاء وبركة وتزيد في العقل وفي الحفظ فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت ويوم الأحد تحريا واحتجموا يوم الإثنين والثلاثاء فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء وضربه بالبلاء يوم الأربعاء فإنه لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء))
ورواه الخطيب في الفقيه والمتفقه(2/210-211) إلى قوله : ((وتزيد في العقل والحفظ)).
2/ وأما رواية عثمان بن جعفر عن محمد بن جحادة:
فرواه الحاكم في المستدرك(4/409) من طريق عبد الملك بن عبد ربه الطائي عن عثمان بن جعفر عن محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر به مرفوعاً.
3/ وأما رواية غزال بن محمد عن محمد بن جحادة :
فرواه الحاكم في المستدرك (4/211) وابن عساكر في "جزء أخبار القرآن" (ق5/1) -كما في الصحيحة(2/405)- وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/874رقم1463) من طريق أبي الخطاب زياد بن يحيى الحساني عن غزال بن محمد عن محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر به مرفوعاً.
4/ وأما رواية عطاف بن خالد عن نافع
فرواه الحاكم في المستدرك(4/211-212) وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه(2/675) والخطيب في تاريخ بغداد(10/39) كلاهما مختصراً من طريق علي بن داود وعثمان الدارمي كلاهما عن عبد الله بن صالح المصري عن عطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر به مرفوعاً.
هكذا رواه جمع عن عبد الله بن صالح .
ورواه الروياني في مسنده(2/423رقم1440) والبيهقي في السنن الكبرى(9/341) عن محمد بن إسحاق الصغاني وعبد الله بن حماد الآملي كلاهما عن عبد الله بن صالح بالسند السابق بلفظ: ((إن في الجمعة لساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه)).
5/ وأما رواية سعيد بن ميمون عن نافع.
فرواه ابن ماجه (2/1154رقم348 من طريق عثمان بن عبد الرحمن ثنا عبد الله بن عصمة عن سعيد بن ميمون عن نافع عن ابن عمر به مرفوعاً.
6/ وأما رواية أيوب السختياني عن نافع :
فرواه الحاكم في المستدرك(4/211) والدارقطني في الأفراد -كما في اللآلئ (2/342)-وابن الجوزي في العلل المتناهية(2/875رقم1465)من طريق عبد الله ابن هشام الدستوائي قال نا أبي قال سمعت أيوب السختياني يحدث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفاً بلفظ: ((يا نافع اذهب فأتني بحجام ولا تأتني بشيخ كبير ولا غلام صغير وقال احتجموا يوم السبت واحتجموا يوم الأحد والإثنين والثلاثاء ولا تحتجموا يوم الأربعاء )) .
7/ وأما رواية أبي قلابة عن ابن عمر رضي الله عنهما :
فرواه ابن حبان في المجروحين(3/21) وعلقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/875رقم1466) من طريق المثنى بن عمرو عن أبي سنان عن أبي قلابة عن ابن عمر رضي الله عنهما به مرفوعاً.
وعزاه السيوطي في الجامع الصغير(3/404-مع الفيض) إلى ابن السني وأبي نعيم كلاهما في الطب عن ابن عمر ورمز لضعفه ولم أقف على إسناديهما.
والله أعلم.
الحكم عليه :
الحديث موضوع جميع طرقه تالفة :
1/أما رواية الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة:
فساقطة فيها آفتان:
الآفة الأولى: عثمان بن مطر :
[قال البخاري وأبو أحمد الحاكم وأبو حاتم الرازي: منكر الحديث .
وقال ابن عدي: متروك الحديث وأحاديثه عن ثابت خاصة مناكير والضعف على حديثه بين]( ) .
وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات لا يحل الاحتجاج به( ).
الآفة الثانية: الحسن بن أبي جعفر الأزدي البصري :
[قال البخاري والفلاس والساجي: منكر الحديث .
وقال النسائي: متروك.
وقال ابن حبان: من خيار عباد الله الخشن ضعفه يحيى وتركه أحمد وكان من المتعبدين المجابي الدعوة ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه فإذا حدث وهم وقلب الأسانيد وهولا يعلم حتى صار ممن لا يحتج به].( )
قال ابن الجوزي: فيه: ابن مطر قال يحيى: كان ضعيفاً وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الاثبات لا يحل الاحتجاج به وفيه الحسن بن ابي جعفر قال: يحيى ليس بشيء وقال النسائي متروك الحديث ]( ) .
وقال الشوكاني: في إسناده من يروي الموضوعات ( ).
2/ وأما رواية عثمان بن جعفر عن محمد بن جحادة:
فساقطة فيها آفتان:
الآفة الأولى: عبد الملك بن عبد ربه الطائي: منكر الحديث متهم بالوضع.( )
الآفة الثانية: عثمان بن جعفر: لا يعرف إلا في هذا الخبر فهو مجهول العين ( ).
قال الذهبي: وهو واهٍ ( ).
وقال الحافظ ابن حجر : خبر منكر( ) .
3/ وأما رواية غزال بن محمد عن محمد بن جحادة :
فرواية ساقطة آفتها غزال بن محمد هذا فإنه لا يعرف إلا في هذا الحديث.
قال الحاكم : مجهول لا أعرفه بعدالة ولا جرح( ).
وقال ابن الجوزي: في مقام المجهولين( ).
وقال الذهبي: لا يعرف وخبره منكر في الحجامة ( ).
وأقره الحافظ ابن حجر( ).
وقال الذهبي – أيضاً- : مجهول( ).
4/ وأما رواية عطاف بن خالد عن نافع
فرواية ساقطة فيها آفتان:
الآفة الأولى: عبد الله بن صالح كاتب الليث مختلف فيه اختلافاً شديداً فوثقه جمع وكذبه جمع ومن أعدل ما رأيت في ترجمته قول ابن حبان: منكر الحديث جدا يروي عن الأثبات مالا يشبه حديث الثقات وعنده المناكير الكثيرة عن أقوام مشاهير أئمة وكان في نفسه صدوقاً يكتب لليث بن سعد الحساب وكان كاتبه على الغلات وإنما وقع المناكير في حديثة من قبل جار له رجل سوء [ هو خالد بن نجيح]( ) سمعت بن خزيمة يقول كان له جار بينه وبينه عداوة فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله بن صالح ويطرح في داره في وسط كتبه فيجده عبد للله فيحدث به فيتوهم أنه خطه وسماعه فمن ناحيته وقع المناكير في أخباره( ).
فيقبل حديثه ما وافق الثقات.
أما مفاريده ففيها المنكرات والموضوعات كالحديث الذي أنا بصدد تخريجه.
والله أعلم.
الآفة الثانية : عطاف بن خالد المخزومي : فإنه وإن وثقه جمع من الحفاظ إلا أنه متكلم فيه.
[قال البزار: قد حدث عنه جماعة وهو صالح الحديث وإن كان قد حدث بأحاديث لم يتابع عليها. وقال ابن عدي: لم أر بحديثه بأساً إذا روى عنه ثقة]( ).
وقال ابن حبان: يروي عن نافع وغيره من الثقات ما لا يشبه حديثهم وأحسبه كان يؤتى من سوء حفظه فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته إلا فيما وافق الثقات( ).
وقال ابن حزم: ساقط لا تحل الرواية عنه إلا على بيان ضعفه( ).
الآفة الثالثة: الاختلاف على عبد الله بن صالح في متنه:
فرواه عنه عثمان بن سعيد الدارمي بلفظ ابن ماجه المذكور في بداية التخريج.
ورواه عنه علي بن داود بلفظ: (( الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء)).
ورواه محمد بن إسحاق الصغاني وعبد الله بن حماد الآملي بلفظ : ((إن في الجمعة لساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه)).
وهذا الاضطراب يزيد من وهاء الحديث.
وسكت الحاكم عن الحديث فلم يحكم عليه بشيء فعقب عليه الذهبي: فيه عطاف وثقه أحمد وغيره وقال أبو حاتم: ليس بذاك( ).
قال البيهقي بعد تخريجه: "عطاف ضعيف "( )
وقال الشيخ الألباني معقباً على كلام البيهقي: ومثله عبد الله بن صالح وهو كاتب الليث المصري فإنه قد تكلموا فيه من قبل حفظه ( ).
5/ وأما رواية سعيد بن ميمون عن نافع.
فهي رواية ساقطة تالفة فيها آفات عديدة:
الآفة الأولى: عثمان بن عبد الرحمن: قال المزي: إن لم يكن الطرائفي فلا أدري من هو ( ).
وقال الذهبي: لا يعرف لعله الطرائفي( ).
وقال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون الطرائفي( ).
وقال -أيضاً-: يحتمل أن يكون الطرائفي وإلا فمجهول( ).
والطرائفي: وثق من جمع من الحفاظ وتكلم عليه لسببين:
الأول: التدليس.
الثاني: الرواية عن الضعفاء والمجهولين( ).
قال ابن حبان: وكان يروي عن أقوام ضعاف أشياء يدلسها عن الثقات حتى إذا سمعها المستمع لم يشك في وضعها فلما كثر ذلك في أخباره ألزقت به تلك الموضوعات وحمل عليه الناس في الجرح فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته كلها على حالة من الأحوال لما غلب عليها من المناكير عن المشاهير والموضوعات عن الثقات( ).
وقال ابن عدي: سمعت أبا عروبة ينسبه إلى الصدق وقال: لا بأس به متعبد ويحدث عن قوم مجهولين بالمناكير وعنده عجائب .
قال ابن عدي: وصورة عثمان بن عبد الرحمن أنه لا بأس به كما قال أبو عروبة إلا أنه يحدث عن قوم مجهولين بعجائب وتلك العجائب من جهة المجهولين وهو في أهل الجزيرة كبقية في أهل الشام وبقية أيضا يحدث عن مجهولين بعجائب وهو في نفسه ثقة لا بأس به صدوق ما يقع فيه حديثه من الإنكار فإنما يقع من جهة من يروي عنه.( )
وهو في هذا الحديث يروي عن مجهول ويروي عنه بالعنعنة فيحتمل تدليسه والحديث الذي يرويه منكر.
الآفة الثانية: عبد الله بن عصمة: مجهول العين( ).
الآفة الثالثة: سعيد بن ميمون : مجهول العين( ).
قال الحافظ ابن حجر في ترجمة سعيد بن ميمون: حديثه منكر جداً في الحجامة.( )
وقال الشيخ الألباني: وهؤلاء الثلاثة – يعني من سبق ذكرهم – كلهم مجهولون .
6/ وأما رواية أيوب السختياني عن نافع :
فهي مع كونها موقوفة ومتنها مخالف للرواية المرفوعة تالفة جداً.
آفتها: عبد الله بن هشام الدستوائي : متروك. ( )
قال الحاكم : وقد صح الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما من قوله من غير مسند ولا متصل.
فتعقبه الذهبي: قلت: عبد الله متروك.( )
قال الشيخ الألباني عقب ذكره كلام الذهبي: وروايته لهذا الحديث على هذه المخالفة مما يشهد لضعفه فإنه جعل يوم السبت والأحد من الأيام المأمور بالحجامة فيها وهي في كل الروايات المتقدمة من الأيام المنهي عنها( ).
7/ وأما رواية أبي قلابة عن ابن عمر رضي الله عنهما :
فهي تالفة فيها آفتان :
الآفة الأول: إسماعيل بن إبراهيم : مجهول( ).
الآفة الثانية: المثنى بن عمرو : مجهول ( ).
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه أبو عبدالرحمن المقري عن إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثني المثنى بن عمرو عن أبي سنان عن أبي قلابة قال كنت جالساً عند عبدالله بن عمر بن الخطاب إذ قال: لقد تيبع بى الدم يا نافع ، فادع لى حجاماً ، ولا تجعله شيخاً ولا صبياً ، ثم قال: وسمعت رسول الله -- يقول: ((الحجامة على الريق أمثل ، فيها شفاء وبركة ، تزيد في العقل ، وتزيد في الحفظ)) قال أبي: ليس هذا الحديث بشيء ، ليس هو حديث أهل الصدق ، إسماعيل والمثنى مجهولان.( )
وقال ابن حبان: شيخ يروي عن أبي سنان ما ليس من حديث الثقات، لا يجوز الاحتجاج به ، روى عن أبي سنان عن أبي قلابة قال: كنت عند ابن عمر رضي الله عنهما فقال : لقد تبيَّغ بي الدم يا نافع ، ابغ لي حجاماً ، ولا تجعله شيخاً ولا شاباً ، فإني سمعت رسول الله -- يقول: ((الحجامة على الريق أمثل ، فيها شفاء وبركة ، تزيد في العقل والحفظ ، من احتجم يوم الخميس والأحد يؤاثم قال: ثم يوم الخميس والثلاثاء فإنه يوم رفع الله فيه عن أيوب البلاء وضربه يوم الأربعاء وليلة الأربعاء ، ثم دعا بابن له صغير فقبله واشترط ريقه وقبل زبه! وقال: أما إنا نتوضأ من القبلة فأما من قبَّل مثل هذا فلا ؛ لأنها قبلة رحمة( ).
وقال أبو حاتم أيضاً: إسماعيل بن إبراهيم مجهول والحديث الذي رواه ليس بشيء.
وأقره ابن الجوزي( ) والذهبي( ) والحافظ ابن حجر( ).
وقد قال ابن الجوزي عن الحديث: هذا الحديث لا يصح ( ) وأقره المناوي( ).
وذكره في الموضوعات( ).
وقال ابن حجر: لم يثبت.( )
فظهر مما سبق أن الحديث ضعيف جداً وطرقه كلها واهية والذي يظهر لي أنه موضوع لمنافاته للعقيدة الصحيحة لما يدعو إليه هذا الحديث للتشاؤم بهذه الأيام المنهي عن الحجامة فيها .
والعجيب أن شيخنا الشيخ الألباني رحمه الله حسَّن هذا الحديث بمجموع الطرق ولا أعلم أحداً سبقه إلى ذلك حتى الحاكم المعروف بتساهله لم يصحح الحديث وسبق النقل عن غير واحد من الحفاظ أنه حديث منكر وبعضهم قال: منكر جداً وبعضهم قال: ليس بشيء وبعضهم حكم بوضعه وأورده ابن الجوزي أيضاً في العلل المتناهية .
والناظر في طرقه يتبين له أنها واهية جداً لا ترتقي إلى درجة الحسن أبداً بل يظهر لي أنه حديث موضوع وأكبر دليل عليه – سوى منافاته للأصول- تداول المجهولين والمتروكين لهذا الحديث دون الثقات. والله أعلم.