تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والإخبار

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي التفريق الاصطلاحي بين الوصف والإخبار

    الحمد لله والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله وآله وصحبه ومن والاه أما بعد
    هذا الموضوع أفتتحه في هذا المجلس المبارك - راجيا التوفيق والسداد والقبول من الله - بغية تحرير المصطلح عند الكلام في باب صفات الملك جل وعلا. فمعلوم أن صفات الرب توقيفية، ولا يوصف الرب الا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه. ولكن الذي استشعرته أن عند بعص الفضلاء الكرام نوع التباس في الحد الفاصل - من جهة الاصطلاح - بين الوصف والاخبار. فمتى يقال للكلام هذا وصف لله، ومتى يقال هذا اخبار عنه، وما الفرق بينهما، وأين يأتي حد التوقيف في هذه وتلك، والذين يقولون أن باب الاخبار أوسع من باب الوصف، ما مرادهم وما حدهم فيما يصطلحون عليه بأنه (وصف)؟ هذه مسألة علمية دقيقة رأيت أن نفتح الباب ليدلي فيها مشايخنا الفضلاء بدلوهم تصحيحا للمفاهيم ودرءا للبس والاشتباه وتحريرا للاصطلاح حتى لا يكثر النزاع وسوء الفهم بين الفضلاء..
    والله الموفق المستعان.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والاخبار

    وبداية أفتتح بضرب أمثلة وسؤال المشايخ الكرام والاخوة الأحباب - قبل أن أدلو فيها بفهمي المتواضع - في بيان ما يعدونه منها وصفا وما يعدونه اخبارا، وأرجو من المشايخ الكرام ألا يضنوا على طلبتهم بما عندهم، نفعنا الله واياهم بما آتاهم:
    - قول القائل: "لا يزال الله تعالى فاعلا لما يشاء ويختار، وهو مستو على عرشه عليم بعباده لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء"
    فأسأل، هل تعدون هذا وصفا أم اخبارا، أم أن فيه وفيه، وعلى أي أساس كان التفريق؟
    - قول القائل: "الحمد لله الذي كان من الأزل وهو باق الى الأبد، له الدوام سبحانه هو الأول والآخر وهو على كل شيء قدير"
    هذا وصف أم اخبار؟
    قول القائل: "ان الله تعالى هو الرب الحكيم القدير، لا يزال فعالا لما يريد، وهو الخالق الحكيم، خلق كل شيء فقدره تقديرا، وأسبغ على الخلق نعمه ظاهرة وباطنه، فهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له"
    وصف أم اخبار، وكيف فرقتم؟
    ولي عود باذن الله بأمثلة أخرى، ولكن أرجو من الاخوة التفاعل، وفقني الله واياكم الى ما يحب ويرضى.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والاخبار

    نرجو التفاعل أيها الكرام، وفقنا الله واياكم الى الحق.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والاخبار

    أين الاخوة الأفاضل؟
    ؟؟!

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    124

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والإخبار

    ما نعلمه أن الاخبار أوسع من الوصف ،لكن ماذا عن التفريق الاصطلاحي بينهما؟
    سؤال الأخ الكريم مهم ،فهل من مفيد؟

  6. #6

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والإخبار

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وكذلك احب ان يتطرق مشاييخنا الى بيان ان الاخبار عن الله امر توقيفي كالصفات ويبينوا للاخوة هذا الامر لنا جيدا ان شاء الله

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والإخبار

    الحمد لله
    الاخوة والمشايخ الكرام السلام عليكم ورحمة الله
    لقد انقطعت عن هذا الموقع المبارك لفترة لشواغل زاحمتني، ولما رجعت وجدت رسالة على الخاص مفادها أن أحد المشرفين الكرام قد قام - وفقه الله - بتغيير عنوان الموضوع الى هذا العنوان الجديد، وأنا حقيقة لا أذكر ماذا كان عنوانه الأول الذي قام هو بتغييره، ولا أدري لماذا أحدث هذا التغيير، ولذا فأنا أدعوه وفقه الله ليشارك في هذا الموضوع، فلعل بيانه لسبب تغييره للعنوان يكون بداية طيبة لاثراء النقاش فيه، ولي عود باذن الله في مناقشة الأطروحات التي بدأت بطرحها ولكن أنتظر مداخلة سادتي وأساتذتي أولا حتى لا أقدم بين أيديهم، وفقهم الله ونفعنا والمسلمين بهم وبعلومهم.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والإخبار

    الحمد لله وحده..
    بما أن أحدا من مشايخنا لم يتفضل بالمشاركة، وقد مضى على طرح الموضوع شهور.. فسأبدأ بذكر ما عندي، سائلا المولى التوفيق والسداد، وداعيا مشايخنا الكرام لتصويبي اذا ما وقع مني الخطأ والعوج.. بارك الله فيهم ونفعنا بهم.
    أما بعد، فقد طرحت مسألة الفرق بين الوصف والاخبار، وذكر أهل العلم لقاعدة مفادها أن باب الاخبار عن الله تعالى أوسع من باب الوصف. وقد استشعرت من بعض المواضيع أن بعض الاخوة وفقهم الله عندهم سوء تمييز لمعنى هاته القاعدة.. فلما تكلم بعض الفضلاء عن معاني الصفات وقال أنها تثبت باثبات السلف لها، ضاق بعضهم بذلك وكأنما يفهم أن اصطلاح الاثبات والنفي اصطلاح يخص الصفة الواردة في القرءان والسنة بلفظها وفقط، ولا يندرج تحته اثبات معناها ولوازمه معها كما فهمه السلف.
    فوجدت اضطرابا عند البعض في هذا المعنى. واستشعرت كذلك أن بعضهم لا يتصور حدود الضيق والسعة في باب الاخبار عن الله تعالى وعلاقة ذلك بالوصف الذي يعلم الجميع أنه توقيفي. ومن هنا وقع عنت ظاهر من بعض الاخوان في التعامل مع مسألة الاخبار، وتضييق ليس لهم فيه سلف! بل يجدون كثيرا من الأئمة كابن القيم وغيره يصفون الله تعالى في اخبراهم عنه بألفاظ لم تثبت بالنص في حقه تعالى فتراهم قد يتحرجون هم من ذلك! وما ذاك في نظري الا لسوء تصورهم لمناط الضيق والسعة في مسألة الاخبار، وعن طبيعة العلاقة بينها وبين الوصف المنصوص عليه بلفظه. فان قلنا أن الاخبار عن الله بالجملة توقيفي كالوصف لكان هو عين الصواب، لأنه لا يجوز الاخبار عن الله تعالى بكلام يخالف الحق المنصوص عليه! مع أنا في نفس الوقت نقرر أن باب الاخبار أوسع من باب الوصف.. فكيف هذا؟ وكيف يجتمع التوقيف مع السعة في ذات الوقت؟ هذا ما وجدته مضطربا عند كثير من الاخوان وفقهم الله، وهو ما حملني على طرح هذا الموضوع، عسى أن ينفعهم الله به، فمن الله السداد وعليه قصد السبيل والله الموفق المستعان.
    وأقول وبالله التوفيق، أن الاخبار عن الله اذا أطلق فيراد به كل كلام عن الله تعالى بصفة عامة. كل من تكلم عن الله عز وجل، عن ذاته أو صفاته أو أفعاله وآلائه، فهو مخبر عنه. وعليه فكل خبر جاء من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه هو من جهة المعنى داخلا في عموم لفظ "الاخبار". والمخبر عن الله تعالى قد يكون مخبرا عنه في اطار التعليم، أو في اطار المحاجة للمخالفين أو في اطار الوعظ والتذكير، ونحو ذلك..
    وأما الوصف فاصطلاح اذا ما أطلقه أهل العلم فانهم غالبا ما يريدون لفظ الصفة المنصوص عليها مما وصف الله به نفسه وما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد يدخل فيه المعنى اللفظي المباشر الذي به فسر السلف تلك الصفات.
    ولعله يصح أن يقال أن العلاقة بين اصطلاحي الوصف والاخبار هي من جنس العلاقة بين لفظتي الاسلام والايمان، أنهما اذا اجتمعتا افترقتا واذا افتقرتا اجتمعتا. فاذا ذكرنا الاخبار عن الله تعالى، فقد نريد بذلك عموم الاخبار والكلام عن الله، وقد نريد خصوص الوصف بالألفاظ المنصوصة وفقط.. والعكس صحيح. فأنا ان قلت أن الله موجود، صح أن يقال في حقي أني أخبرت عن الله بذلك، وصح كذلك أن يقال أني وصفته بذلك، من حيث أصل اللغة.. فهل أنا بهذا، أثبت لله "صفة" الوجود التي لم تثبت بنص، وعليه يحرج علي أن أقول أن هذا وصف لله؟ كلا! أنا لا أدعي أن هذه الصفة منصوص عليها بهذا اللفظ! ولكني أخبر بها - كأن يكون ذلك في حوار بينك وبين ملحد مثلا ينكر وجود الله - فهل خرجت بهذا الاخبار عن أصل التوقيف في عموم الاخبار عن الله؟ أبدا. فالوجود هو لازم من لوازم صفة الحياة وغيرها من الصفات المنصوص عليها، بل هو لازم سائر الأسماء والصفات والآلاء كلها! فأين التوقيف؟ التوقيف يكون في ملازمتي للوازم صفات الله تعالى المعنوية وعدم خروجي عنها! فلو قلت مثلا أن الله له حكمة في اصابة أمريكا بالأعاصير - مثلا - فأنا أتكلم عن فعل بعينه، يعلم من لوازم صفات الله الذاتية والفعلية أنه مختص به وحده لا شريك له - أعني ارسال الأعاصير - وأتكلم كذلك في اطار لوازم صفة الحكمة الثابتة لله تعالى، مفرعا عليها.
    فمن هذه الجهة أنا ملتزم بالتوقيف، ولكن في ذات الوقت فالسعة في هذا النوع من الاخبار تأتي من كوني غير مقيد بأن يكون كل لفظ أو كل كلمة تكلمت بها عن الله تعالى واردة بلفظها في النص!
    فيصح أيضا أن يقال أن بين الوصف والاخبار علاقة عموم وخصوص. فالاخبار أعم من الوصف، والاخبار ينبني على الوصف المنصوص ويتقيد معنويا به ويتفرع عنه. فان كنت حال اخبارك عن الله تعالى، تفرع على لازم صفة من الصفات الثابتة له جل وعلا، ولتزما في ذلك بمعاني ولوازم سائر الصفات المنصوص عليها، لم يكن في كلامك حرج باذن الله. ولا ريب أنك كلما حرصت على لزوم ما تكلم بمثله السلف حتى في هذا الباب، كان أسلم لك وأصون من أن تأتي بلفظ قد لا يليق استعمال مثله في الاخبار عن رب العالمين جل وعلا. والقاعدة التي لا حياد عنها في جميع الأحوال، ألا يتكلم المرء عن رب العالمين كلمة واحدة الا بعلم وفهم، والا دخل في قوله تعالى: (( إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)) الآية [يونس : 68]
    وبالنظر في الأمثلة التي بدأت الطرح بها، بالبيان والتحليل يتضح المعنى عند الاخوة بحول الله..
    قلت:
    - قول القائل: "لا يزال الله تعالى فاعلا لما يشاء ويختار، وهو مستو على عرشه عليم بعباده لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء"
    فأسأل، هل تعدون هذا وصفا أم اخبارا، أم أن فيه وفيه، وعلى أي أساس كان التفريق؟
    فأجيب نفسي قائلا - والله أعلم، - أن هذا اذا قلنا أنه كله وصف لله لم نخطئ من جهة اللغة، وان قلنا أنه كله اخبار لم نخطئ كذلك. وأما عند الاصطلاح فنقول أنه بجملته اخبار بالمعنى، ويتخلله وصف ثابت بلفظه. فقولي: "لا يزال الله تعالى فاعلا لما يشاء ويختار" فلفظة "فاعل" لم ترد نصا، وصفة "فاعلا لما يشاء ويختار" لم ترد بهذا اللفظ أيضا، ولكنها مأخوذة من قوله تعالى واصفا نفسه بأنه ((فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ)) [البروج : 16]. وكلمة "لا يزال" في مقدم الجملة هي اخبار عن الله تعالى بلازم صفته أنه الأول والآخر، والتي فسرها السلف على أنه سبحانه بلا ابتداء ولا انتهاء.. فهو من حيث المعنى، لا يزال باقيا قائما بذاته وصفاته جل وعلا من الأزل والى الأبد. فان كنت أخبرت عن الله بلفظ لم يثبت به نص، كلفظ، الا أن معناه هو لازم، بل ومقتضى وتفسير وبيان ما ثبت لله من الصفات المنصوص عليها.
    أما قولي: "وهو مستو على عرشه عليم بعباده لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء" فقد يقول الناظر اليها أنها كلها من الوصف الثابت بالنص، وليس من عموم الاخبار بالمعاني واللوازم والمقتضيات.. وهذا صحيح ولكنه ليس بدقيق على التفريق الذي بيناه، فصفة الاستواء على العرش ثابتة بألفاظ عدة ليس منها لفظ "مستوي" وانما الثابت قوله تعالى عن نفسه أنه "استوى". فهل من حرج على المتكلم عن قال أن الله الآن مستو على عرشه، ولم يقل أنه استوى على العرش على هذا اللفظ؟ كلا. لماذا؟ لأن كونه جل وعلا قد استوى على العرش، يعني - كمقتضى معنوي - ويلزم منه أنه سبحانه الآن وفي كل آن مستو على عرشه! فلم يرد عنه تعالى النص على أي صفة مفادها أن صفة الاستواء هذه من بعد ما كانت من الله تعالى فانها تزول عنه! فتقيدا بمعنى أنه سبحانه "استوى على العرش" بعدما أتم خلق السماوات والأرض، وتقيدا بغياب المعارض من النص، جاز لي ان أقول أنه سبحانه الآن مستو على عرشه، ولا يزول عنه ذلك فهو "لا يزال مستويا".
    وأما قولي "عليم بعباده" فهذا تفريع على وصفه الثابت نصا بأنه بكل شيء عليم، وبأنه العليم، وهو من المقتضيات المعنوية لكونه سبحانه عليما بكل شيء. فهذا الاخبار من جهتي مقيد وموقوف على اللوازم والمقتضيات المعنوية لصفة العلم على نحو ما جاءت بها النصوص وعلى نحو ما فهمه السلف. هذا هو قيدي وهو حد التوقيف الذي يحرم علي الخروج عنه. اما السعة التي في الاخبار فهي في كوني لا يلزمني ان أردت كتابة هذا المعنى أن أبحث له عن نص جاء فيه بهذا اللفظ وعلى هذا النحو والتركيب اللغوي تحديدا!
    وأما قولي: "لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء" فهذا وصف منصوص عليه بلفظة، لا بمعناه، وهو مأخوذ مباشرة من قوله تعالى: ((إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء)) [آل عمران : 5]

    وتأمل في المثال الثاني اذ قلت:
    "قول القائل: "الحمد لله الذي كان من الأزل وهو باق الى الأبد، له الدوام سبحانه هو الأول والآخر وهو على كل شيء قدير"
    هذا وصف أم اخبار؟"
    فقولي "الحمد لله" وصف منصوص عليه بلفظه وليس فيه توسع. أما قولي "كان من الأزل وهو باق الى الأبد" فهذا هو مقتضى ومفهوم وصف الله لنفسه بأنه ((هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) [الحديد : 3] وبهذا المعنى فهمها السلف، فأنا وان كنت قد توسعت في اللفظ الوارد وجئت بلفظ آخر لم يثبت (عوضا عن الصفة الثابتة لفظا ومعنى)، الا أني التزمت بفهم السلف وبعدم الخروج على القيد المعنوي لسائر الأسماء والصفات ولوازمها ومقتضياتها. فمن هنا كان التوقيف وكانت السعة في ذات الوقت.
    وهنا مسألة مهمة، في قضية الاثبات والنفي. فبعض الاخوة قد يتحرج لو سمعني أقول أني أثبت لله أنه مستقر على عرشه، مثلا. لماذا؟ لأنه مقيد بفهمه هو لاصطلاح "الاثبات" بمجلته. ولابد من التفصيل. فأقول له أن اثبات الصفة يكون اثباتا للفظ كما جاء به النص، ومعه معناه كما فهمه السلف، وليس اثباتا للفظ مجرد عن المعنى! وعليه فأنا أثبت لله صفة الاستواء، ويلزم من ذلك أن أثبت كذلك أن معناها الاستقرار والعلو كما هو منصوص عن فهم السلف وفسيرهم لها. ولو أخبرت عن الله بألفاظ تعبر عن معنى صفة الاستواء، فأتيت بألفاظ تخرج عن تلك التي فسر بها السلف معنى صفة الاستواء، فأنا حينئذ في حرج! ذلك أننا مهما جئنا بألفاظ في التعبير عن هذه الصفة فلن نصيب من اللغة مثل ما أصاب السلف، ولن نصيب من فهم مراد الله مثل ما أصابوا! فالحيدة عن هذه الألفاظ - وان كانت تفسيرا وتأويلا - في الاخبار عن معنى الاستواء، يوقع صاحبه في الحرج والخطر الكبير. فمن هنا كان اثبات معاني صفات الله كما فهمها السلف ضرورة لضبط القيود المعنوية التي يتقيد بها كل مخبر عن رب العالمين فيما يأتي به من لوازم ومقتضيات الصفات. فتنبه أخي الكريم لهذه المسألة الدقيقة، بارك الله فيك.
    وأما قولي: "له الدوام سبحانه هو الأول والآخر وهو على كل شيء قدير"
    فالاخبار عن الله بأنه له الدوام، هذا لم يرد بلفظه نص من صفات الله الثابتة، ولكنه مقتضى ومفهوم كونه تعالى الأول والآخر والقيوم والصمد والحي وغيرها من الصفات الثابتة بلفظها ومعناها. أما "هو الأول والآخر.. الخ" فهذه كلها صفات ثابتة بلفظها بالنص.
    هذا والله تعالى أعلى وأعلم.
    وأترك المثال الأخير للاخوة الكرام لمن أراد أن يشارك ويمرن نفسه (ابتسامة)
    أقول ما قرأتم واستغفر الله عن كل خطأ وزلل، سائلا اياه التوفيق والسداد لي ولكم.. ثم راجيا من مشايخنا الفضلاء التفضل بالمشاركة والتصويب لما يرون فيه الزلل.. بارك الله فيهم ونفع بعلومهم، والحمد لله رب العالمين.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والإخبار

    للرفع
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    70

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والإخبار

    جزاك الله خيرا ونفع بعلمك.
    اعترض بعضهم على قول:( الله يزعل منه)بدل يغضب، بحجة أن الزعل ليس من صفات الله عز وجل ،فقلت لهم:
    (باب الأفعال أو الأخبار أوسع من باب الصفات )
    أرجو ألا أكون مخطئة في ذلك.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    1,334

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والإخبار

    موضوع قيم يستحق الاهتمام ... شكر الله لك
    وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: التفريق الاصطلاحي بين الوصف والإخبار

    الحمد لله المنعم المتفضل على عباده ، والصلاة والسلام على من أرسله ربه رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .
    شكر الله للأ خ الفاضل ـ ولجميع الإخوة ـ أبي الفداء على ما تفضل به ، وأود أن أذكر كلاما قيما يتعلق بهذا الباب العظيم المتعلق بأسمائه وصفاته سبحانه ، وفيه ما يتعلق بالصفة والإخبار .
    قال العلامة ابن القيم في بدائع الفوائد :
    فائدة جليلة : ما يجري صفة أو خبرا على الرب
    ما يجري صفة أو خبرا على الرب تبارك وتعالى أقسام :
    أحدها : ما يرجع إلى نفس الذات كقولك : ذات وموجود وشيء .
    الثاني : ما يرجع إلى صفات معنوية كالعليم والقدير والسميع .
    الثالث : ما يرجع إلى أفعاله نحو الخالق والرزاق .
    الرابع : ما يرجع إلى التنزيه المحض ولا بد من تضمنه ثبوتا ؛ إذ لا كمال في العدم المحض كالقدوس والسلام .
    الخامس : ولم يذكره أكثر الناس وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا تختص بصفة معينة بل هو دال على معناه لا على معنى مفرد نحو المجيد العظيم الصمد فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال ولفظه يدل على هذا فإنه موضوع للسعة والكثرة والزيادة فمنه استمجد المرخ والغفار وأمجد الناقة علفا
    ومنه : ذوالعرش المجيد . صفة للعرش لسعته وعظمه وشرفه .
    وتأمل كيف جاء هذا الإسم مقترنا بطلب الصلاة من الله على رسوله كما علمناه لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه فأتى في هذا المطلوب باسم تقتضيه كما تقول اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ولا يحسن إنك أنت السميع البصير فهو راجع إلى المتوسل إليه بأسمائه وصفاته وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه ، ومنه الحديث الذي في المسند والترمذي : ألظوا بـ يا ذا الجلال والإكرام . ومنه : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام فهذا سؤال له وتوسل إليه وبحمده وأنه الذي لا إله إلا هو المنان فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته وما أحق ذلك بالإجابة وأعظمه موقعا عند المسؤول وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد أشرنا إليه إشارة وقد فتح لمن بصره الله تعالى تفسر الإسم الإلهي العظيم والصمد .
    ولنرجع إلى المقصود وهو وصفه تعالى بالإسم المتضمن لصفات عديدة فالعظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال
    وكذلك الصمد قال ابن عباس : هو السيد الذي كمل في سؤدده وقال ابن وائل هو السيد الذي انتهى سؤدده
    وقال عكرمة : الذي ليس فوقه أحد . وكذلك قال الزجاج : الذي ينتهي إليه السؤدد فقد صمد له كل شيء . وقال ابن الأنباري : لا خلاف بين أهل اللغة أن الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم
    واشتقاقه يدل على هذا فإنه من الجمع والقصد الذي اجتمع القصد نحوه واجتمعت فيه صفات السؤدد وهذا أصله في اللغة كما قال
    ألا بكر الناعي بخير بني أسد ... بعمرو بن يربوع وبالسيد الصمد
    والعرب تسمي أشرافها بالصمد لاجتماع قصد القاصدين إليه واجتماع صفات السيادة فيه
    السادس : صفة تحصل من اقتران أحد الإسمين والوصفين بالآخر وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو الغني الحميد ، العفو القدير، الحميد المجيد ، وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن فإن الغنى صفة كمال والحمد كذلك واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر فله ثناء من غناه وثناء من حمده وثناء من اجتماعهما وكذلك العفو القدير ، والحميد المجيد والعزيز الحكيم ، فتأمله فإنه من أشرف المعارف .

    وأما صفات السلب المحض فلا تدخل في أوصافه تعالى إلا أن تكون متضمنة لثبوت كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية والسلام المتضمن لبراءته من كل نقص يضاد كماله وكذلك الإخبار عنه بالسلوب هو لتضمنها ثبوتا كقوله تعالى: لا تأخذه سنة ولا نوم . فإنه متضمن لكمال حياته وقيوميته وكذلك قوله تعالى : وما مسنا من لغوب . متضمن لكمال قدرته
    وكذلك قوله وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة . متضمن لكمال علمه وكذلك قوله : لم يلد ولم يولد الإخلاص . متضمن لكمال صمديته وغناه ، وكذلك قوله : ولم يكن له كفوا أحد . متضمن لتفرده بكماله وأنه لا نظير له ، وكذلك قوله تعالى : لا تدركه الأبصار . متضمن لعظمته وأنه جل عن أن يدرك بحيث يحاط به وهذا مطرد في كل ما وصف به نفسه من السلوب ويجب أن تعلم هنا أمور :
    أحدها: أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود والقائم بنفسه فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا
    الثاني : أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد والفاعل والصانع فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلا وخبرا
    الثالث : أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق كما غلط فيه بعض المتأخرين فجعل من أسمائه الحسنى المضل الفاتن الماكر، تعالى الله عن قوله ؛ فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها الرابع : أن أسماءه عز و جل الحسنى هي أعلام وأوصاف والوصف بها لا ينافي العلمية بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة بخلاف أوصافه تعالى
    الخامس أن الإسم من أسمائه له دلالات ؛ دلالة على الذات والصفة بالمطابقة ، ودلالة على أحدهما بالتضمن ، ودلالة على الصفة الأخرى باللزوم .
    السادس : أن أسماءه الحسنى لها اعتباران : اعتبار من حيث الذات ، واعتبار من حيث الصفات ؛ فهي بالإعتبار الأول مترادفة وبالإعتبار الثاني متباينة .
    السابع : أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه
    فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع
    الثامن : أن الإسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلا ومصدرا ونحو السميع البصير القدير يطلق عليه منه السمع والبصر والقدرة ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو قد سمع الله . وقدرنا فنعم القادرون . هذا إن كان الفعل متعديا فإن كان لازما لم يخبر عنه به نحو الحي بل يطلق عليه الإسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حي
    التاسع : أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته ، وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم ، فالرب تبارك وتعالى فعاله عن كماله ، والمخلوق كماله عن فعاله فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل
    فالرب لم يزل كاملا فحصلت أفعاله عن كماله ؛ لأنه كامل بذاته وصفاته فأفعاله صادرة عن كماله كمل ففعل ، والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به
    العاشر : إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقا له تعالى أو أمرا إما علم بما كونه أو علم بما شرعه ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه فأمره كله مصلحة وحكمة ولطف وإحسان إذ مصدره أسماؤه الحسنى وفعله كله لا يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه ولا عبث ولم يخلق خلقه باطلا ولا سدى ولا عبثا وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده فوجود من سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى ولهذا لا تجد فيها خللا ولا تفاوتا لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله إما أن يكون لجهله به أو لعدم حكمته
    وأما الرب تعالى فهو العليم الحكيم فلا يلحق فعله ولا أمره خلل ولا تفاوت ولا تناقض .
    الحادي عشر : أن أسماءه كلها حسنى ليس فيها اسم غير ذلك أصلا وقد تقدم أن من أسمائه ما يطلق عليه باعتبار الفعل نحو الخالق والرازق والمحيي والمميت ، وهذا يدل على أن أفعاله كلها خيرات محض لا شر فيها ؛ لأنه لو فعل الشر لاشتق له منه اسم ولم تكن أسماؤه كلها حسنى ، وهذا باطل ، فالشر ليس إليه ، فكما لا يدخل في صفاته ولا يلحق ذاته لا يدخل في أفعاله فالشر ليس إليه ، لا يضاف إليه فعلا ولا وصفا ، وإنما يدخل في مفعولاته
    وفرق بين الفعل والمفعول ؛ فالشر قائم بمفعوله المباين له لا بفعله الذي هو فعله
    فتأمل هذا فإنه خفي على كثير من المتكلمين وزلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام وهدى الله أهل الحق لما اختلفوا فيه بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم أهـ كلامه رحمه الله

    أقول أيضا : لفظة ( الله يدري ) تنطبق على ما ذكر فدراية الله : علمه سبحانه وتعالى . ومعلوم أن باب الإخبار أوسع من باب الوصف ، فإن لفظ أو صفة ( الدراية ) لا يوصف الله سبحانه بها ، لكن يطلق على الله من جهة الإخبار أنه سبحانه وتعالى يدري بهذا الشيء ، لأنها من فروع العلم .
    فهناك صفات لها جنس ، فالعلم جنس تحته صفات ، فجنس ما هو ثابت يجوز إطلاقه على الله سبحانه من جهة الخبر .
    فإذا كان الإخبار بمعنى صحيح لم ينفَ في الكتاب والسنة وثبت جنسه في الكتاب والسنة فإنه لا بأس أن يخبر عن ذلك .
    مثال آخر أيضا : أن يخبر عن الله سبحانه بأنه (الصانع) فإنه جاء في القرآن قوله جل وعلا : صنع الله الذي أتقن كل شيء . وقد جاء أيضا في الحديث : (إن الله صانع ما شاء) وكذلك (إن الله صانع كل صانع وصنعته)
    (إن الله صانعُ كل صانع وصنعته) بلفظ صانع
    والذي في صحيح مسلم (إن الله خالق ما شاء - أو إن الله صانع ما شاء -) هذا أيضا من هذا الباب ، فإن لفظ الصانع مثل (المريد) .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •