صفات عباد الرحمن: التشريف في الانتساب للرحمن

المطلب الأول: عباد الله, عامة.


عن الزبير بن العوام رضي الله عنه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاد بلاد الله, والعباد عباد الله, فحيث ما أصبت خيرا, فأقم[1].

والناس كلهم عباد الله, فمنهم المشرك, ومنهم العاصي, ومنهم المؤمن, و منهم المطيع.

لقد خاطب الله تعالى عامة الناس في القرآن, قائلا في محكم كتابه,


ذلك يخوف الله به عباده

وقال أيضا،

يا أيها الناس , و ذكرها عشرين مرة.

وخاطب خاصته بقوله,

يا أيها الذين آمنوا, و ذكرها تسعة وثمانون مرة، أي الذين آمنوا به وصدقوا رسله.

وقال تعالى, مخاطبا عباده بمؤمنيهم ومشركيهم,

إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً {93} مريم.

قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية, إن كل من في السماوات والأرض إلا يأتي يوم القيامة وهو يقر للرحمن بالعبودية, خاضعا ذليلا..

ومقارنة بين أصحاب الجنة وأصحاب النار و بين العذاب والمغفرة.

قال تعالى :

- نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {49} وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ {50}الحجر

يقول الله عز وجل :أخبر يا محمد عبادي , أني ذو مغفرة و رحمة وذو عذاب أليم.

قال شعبة بن قتادة في تفسيره لهذه الآية, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

لو يعلم العبد قدر عفو الله, لما تورع من حرام. ولو يعلم العبد قدر عذاب الله, لبخع[2] نفسه[3]

و قال في الآية 20 من سورة الحشر :

- لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ {20} الحشر.

وهذه مقارنة بين كل من عمل في الدنيا بعمل أهل النار فيدخلها, ومن عمل بعمل أهل الجنة فجازاه الله بالفوز بالجنة, ونجاه من النار, فاختر لنفسك ما تريد.

المطلب الثاني: عباد الله الضالين

ولقد بين الله تبارك وتعالى في محكم كتابه, العصاة من خلقه ونعتهم,

بالمشركين,

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا {28} التوبة.

و بالضالين

وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ {92} فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ {93} وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ {94}الواقعة.

و بالظالمين

يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ {52},الزمر.

و بالمكذبين

فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ {25}الزخرف.

و بالفاسقين

فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {5}الصف.

وبالمنافقين

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ[4]وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً {145}النساء.

وبالمسرفين

وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ {43}غافر.

و بالمفسدين

وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴿64﴾ المائدة.

و بالخاسرين

وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {85}آل عمران.


و بأعداء الله

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ[5] 19.فصلت.

و نعتهم بشياطين الإنس

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ الأنعام112

ولقد اقتصرت على بعض الأوصاف المذكورة في القرآن الكريم، لا للحصر.

المطلب الثالث – أنبيائه وخاصته.

ويقول الله تعالى مخاطبا أنبيائه ورسله, و هم عباده و خاصته الذين اصطفاهم على العالمين

- تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً {1} الفرقان.

تقدس الله وتفاعلت بركته إذ أنزل القرآن, الذي فرق فيه بين الحق والباطل, على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, الذي أرسله نذيرا للعالمين.

- كهيعص {1} ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا {2} مريم.

وهذا ذكر لرحمة الله بعبده ونبيه زكرياء.

- أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ …{36}الزمر

يكفي الله عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وعيد المشركين وكيدهم.

- فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى {10}النجم.

فأوحى جبريل إلي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى إليه ربه.

- ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً {3}الاسراء

قال القرطبي في تفسيره, قال عمران ابن سليم : إنما سمي نوحا عليه السلام, عبدا شكورا, لأنه كان إذا أكل قال, الحمد لله الذي أطعمني ولو شاء لأجاعني, وإذا شرب قال, الحمد لله الذي سقاني, ولو شاء لأظمئني, وإذا اكتسى قال, الحمد لله الذي كساني ولو شاء لأعراني, وإذا احتذى قال, الحمد لله الذي حذاني ولو شاء لأحفاني, وإذا قضى حاجته قال, الحمد لله الذي أخرج عني الذي ولو شاء لحبسه في .[6]

- بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ … الإسراء5

أي فبعث عليهم جالوت وجنوده.

- إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ يوسف24

فالله نعت نبيه يوسف عليه السلام من الذين أخلصوا طاعتهم لله تعالى.

و ذكر الله عز و جل قصة العبد الصالح, سيدنا الخضر, مع سيدنا موسى عليهما السلام

فوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا 65 الكهف

و خاطب أنبيائه بالمرسلين لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ 171 الصافات و ذكر عباده نوح و لوط

كانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ 10 التحريم

إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ 81 الصافات

و خاطب أنبيائه و رسله بالمؤمنين : في سورة الصافات : سيدنانوح عليه السلام,الآية 81, و سيدنا إبراهيم عليه السلام , الآية 111, و سيدنا موسى و هارون عليهما السلام, الآية 122, و سيدنا إلياس عليه السلام, 132. و غيرهم…

2 – وخاطب ملائكته ب…

عباد مكرمون الأنبياء26

وخاطبهم ب… الأشهاد

وَيَقُولُ الأَشْهَادُ[7] هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ . هود18

و الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ, وعلى الكفار بالتكذيب.

المطلب الرابع :عباد الله المؤمنين.

و ذكر الله في محكم كتبه, عباده المؤمنين في عدة آيات, سنذكر بعضها على سبيل التعليل.

قال تعالى,


- يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ. {56}العنكبوت.

أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدين إلى أرض الله الواسعة, حيث يمكنهم عبادة الله وتوحيده, كما أمرهم بذلك.

و قال أيضا :


- قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {53} الزمر.

وهذه دعوة من الله جل جلاله إلى عباده العصاة وغيرهم للتوبة, أخبرهم أن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب وأصلح.

- فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ {23} الدخان.

أمر الله سيدنا موسى عليه السلام بالخروج ليلا, والمعنى ب -عبادي, بمن آمن به.

- فَادْخُلِي فِي عِبَادِي {29} وَادْخُلِي جَنَّتِي {30} الفجر

يأمر الله الأرواح لتدخل في أجساد عباده, فيقول لها ادخلي في الصالحين من عبادي, وقال الأخفش, ادخلي في حزبي.[8]

- وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ {17} الفرقان

يقول الحق تبارك وتعالى للمعبودين, أأنتم دعوتم عبادي هؤلاء إلى عبادتكم من دوني, أم هم عبدوكم من تلقاء أنفسهم.

- إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ {109}المؤمنون.

والمعنى بفريق من عبادي, أي فريق من أصحاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم.

- وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ {105}الأنبياء.

قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية, قال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما, أخبر الله تعالى في التوراة و الزبور وسابق علمه, قبل أن تكون السماوات والأرض, أن يورث أمة محمد صلى الله عليه وسلم, الأرض ويدخلهم الجنة وهم صالحون

- أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً {102}الكهف.

وهل يعتقد الكافرون أنه سينفعهم أن يتخذوا عبادا لي أربابا من دوني.

- إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً {65} الاسراء.

أخبر الله تبارك وتعالى بتأييده لعباده المؤمنين وحفظه إياهم وحراستهم من الشيطان الرجيم.

- وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً {53}الاسراء

أمر الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا في محاوراتهم الكلام الحسن و الكلمة الطيبة, لأن لا يثير الشيطان العداوة فيما بينهم.

- قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ {31} ابراهيم.

أمر الله عباده بطاعته والقيام بحقه والإحسان إلى خلقه وبأن يقيموا الصلاة, وهي عبادة الله وحده, وأن ينفقوا مما رزقهم الله سرا وجهرا من قبل أن يأتي يوم القيامة, حيث لا يقبل من أحد فدية ولا استدراك نفقة.

محمد بوطاهر بن أحمد بن الشيخ الحساني
المشرف عن موقع صفات عباد الرحمن
http://www.ibadou-arrahmane.com

—————————— ——————

مسند أحمد 3/15 رقم 143102 إسناده ضعيف[1]

تدلل و أطاع[2]

تفسير ابن كثير[3]

قعرها[4]

يساقون[5]

تفسير القرطبي[6]

جمع شاهد وهم الملائكة [7]

تفسير القرطبي[8]