20-01-2015 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
وعلى الرغم من مشروعية ردة الفعل هذه تجاه من يريد أن يتطاول على أفضل الأنبياء والمرسلين، إلا أنها في الحقيقة لا تكفي لنصرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، إذ إن نصرته تحتاج إلى أكثر من مجرد التعبير عن الغضب بالمظاهرات والاحتجاجات.


لم تكن الإساءة للمقدسات الإسلامية وليدة اليوم ولا قرينة العصر، فمنذ أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنزلت عليه الرسالة و تلك الحوادث تتكرر، ومع انضمام بعض العلمانيين العرب وغيرهم ممن ينتسبون للإسلام لجوقة المسيئين، تحول موضوع الإساءة للإسلام ومقدساته إلى ظاهرة تحتاج إلى وقفة للتعامل الصحيح معها بعلم وحكمة.
وفي كل مرة يُمس فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء من قبل بعض المستهزئين، سواء عن عمد وقصد بغرض تفريغ بعض موروث الحقد الدفين على هذا الدين ورسوله، أو جهلا بمكانة وحقيقة المبعوث رحمة للعالمين، ينتفض المسلمون في كل أنحاء العالم للتعبير عن رفضهم المساس بخاتم المرسلين، من خلال المظاهرات وغيرها من الوسائل المشروعة المضبوطة بضوابط الشرع الحنيف.
وعلى الرغم من مشروعية ردة الفعل هذه تجاه من يريد أن يتطاول على أفضل الأنبياء والمرسلين، إلا أنها في الحقيقة لا تكفي لنصرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، إذ إن نصرته تحتاج إلى أكثر من مجرد التعبير عن الغضب بالمظاهرات والاحتجاجات.
وفي هذا الإطار يمكن الاستفادة من بعض الأسس والضوابط والأفكار والشروط التي تجعل من النصرة ذا أثر ونفع حقيقيين، و لا تتحول إلى دفاع أعمى خسارته أكبر من مكاسبه، ومن ذلك:
1- لا تكن بوقا ينفث في النار فتشتعل: فكثير من أحداث الإساءة تكون شرارة إطفائها بتركها للريح؛ لأنها لا وزن لها ولا قيمة، ومن هنا يمكن الاستئناس بواقعة تداولها البعض عبر صفحاتهم في التواصل الاجتماعي، حين سُئِـل الشيخ الشعراوي - رحمه الله - عن رأيه في كتاب أحد المستهزئين بالإسلام الذي كثر عنه الحديث في التسعينيات، فرد: لم أقرأه، ولن أقرأه.
فقالوا: كيف وقد كثر الكلام عنه؟
فقرأ عليهم الشعراوي قول الله تعالى في سورة "النساء": (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً } النساء/140.
2- النصرة على بصيرة: فكيف بمن يجهل المناقب والسيرة ولم تبحر مراكبه في شواطئ المعرفة بالإسلام ورسوله أن يكون ناصراً، فما الجهل إلا عدو وسلاح مسلط على صاحبه.
إن الجهل أعدى عدو للإنسان كما هو معروف، وقد يسيء الجاهل بجهله إلى من يحب وهو يقصد الإحسان وتقديم النصح والعون، ولنا في قصة بعض الصحابة الذين أشاروا على أحدهم في غزوة بأن يغتسل وهو جريح فمات عبرة وعظة.
3- النصرة بالعمل والسلوك لا بالقول والكلام فحسب: فما نحتاجه اليوم هو عمل حركة سلوك يقدم الصورة الصحيحة لتعاليم النبي صلى الله عليه وسلم، ويضبط الموازين المختلة، ويقدم صحيح الإسلام في ظل تحريف وتشويه جعل من دين التسامح بعبعا وعنوانا لكل صور التطرف والعنف.
ولعل ما نعيشه من واقع تتجسد ملامحه في كارثة الانهيار الأخلاقي، وسلوك لا يتفق مع ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزيد من تأكيد أهمية الالتفات إلى ضبط سلوك المسلمين بسيرة وسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كخير وسيلة لنصرته.
4- النصرة رسالة: فالنصرة ليست رد فعل، وليست موقفا، بل هي رسالة دائمة مستمرة لا تقتصر على رد فعل فحسب، بل تتجسد فيما قاله الربيعي بن عامر لـ"رستم": "لقد ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة".
وختاما يمكن القول: إن توحد 16 قناة فضائية أبرزها - وصال، والرحمة، وطيبة، وأحواز، وبغداد، والقصيم -اليوم الثلاثاء من الساعة السادسة مساءً وحتى الساعة الحادية عشر، في بث برنامج مباشر لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم بعنوان "محمد رحمة للعالمين"، والذي سيستضيف عدد من الدعاة البارزين والأكاديميين وعلى رأسهم سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في "كلمة مسجلة" وغيره، خطوة في الاتجاه الصحيح لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم.