تذكرة موجزة بمناسبة حلول الأجازة
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــ ـــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : ( أما بعد :
أيها - الأحبة في الله - نحن قد شرعنا في الإجازة ، ولدي تذكرة يسيرة فيما يتعلق بها وهي : أنه يجب على المسلم أن يتقي الله عز وجل وأن يمعن النظر في الأيام التي تتلوه والسنوات التي تأتي عليه ثم إذا به في نهاية المطاف يهرم أو يفاجئه الموت . #ومن ثمَّ فإن هذه الإجازة ينبغي على المسلم أن ينظر إليها نظر تأمل وتمعن ، وأن هذه الإجازة هي من أعمار بني آدم وأن الواجب عليهم أن يحافظوا عليها ، لأن هذه الإجازة هي بمثابة الفراغ ، والفراغ إن لم يستغله المسلم في طاعة الله عز وجل أو فيما يفيده في أموره الدنيوية فإنه يخسر خسارة عظيمة ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( اغتنم خمساً قبل خمس )
قال ( اغتنم ) فهي غنيمة ، ذكر منها :
( فراغك قبل شغلك )
ونحن في مثل هذه السنوات ولاسيما مثل هذه السنة ابتلي المجتمع بوسائل التقنية ، فأصبحت لدى شبابنا ، أين هذا الشاب ؟ أين موقعه من طاعة الله عز وجل ؟ +نحن ما خلقنا في هذه الدنيا من أجل أن نتتبع تلك الصفحات في الانترنت ، أو نتتبع وسائل التواصل التي تلهي الإنسان ، لم نخلق لهذا ، قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 . ولذلك تقضي هذه الوسائل على حياة الإنسان ، تقضي على ساعاته ، إضافة إلى ما تورثه من ضغينة أو حقد أو قسوة في قلبه ، إما أن يرى أو يسمع شبهة تصرفه عن دينه ، وإما أن يرى أو يسمع شهوة تقسي قلبه . $ووسائل التواصل انفتحت علينا وانفتحنا معها - ومن العجائب في مجتمعنا – أقرأ منذ أسبوعين " أجريت إحصائية من هي الدولة التي أعظم دخولاً لليوتيوب ؟ هي " الدولة السعودية " لم ؟ من فراغ ؟ لا أدري – سبحان الله – نحن في بلاد التوحيد ، نحن في معقل الإسلام لنا قدرنا ، إن كنا ندرك ذلك ، لنا قدرنا ، لنا مكانتنا في العالم ، أما أن نكون بهذه الصورة - فخطأ . +أحفادنا من الصحابة رضي الله عنهم انفتحت عليهم خزائن الفرس والروم ، رأوا الشهوات ، رأوا كنوز الدنيا ، ودخلوا فيها ، وعايشوها ، ورأوها – ليست أجهزة في أيديهم – لا – وإنما رأوها وتعايشوا فيها ، ومع ذلك ما فقدوا خُلُقاً ولا ضيعوا ديناً ، فهل يجدر بنا أن نضيع طريقة أسلافنا رضي الله عنهم ؟! $بعض الشباب – هداهم الله – يجلس على هذا الجهاز إلى ما بعد صلاة الفجر ، أو يكون مع رفاقه ، ثم إذا به يتأتي إلى البيت الساعة الثامنة أو الساعة التاسعة ثم ينام بعدما يفطر ، أين صلاة الفجر ؟ أين صلاة الظهر ؟ أين صلاة العصر ؟ أين صلاة المغرب ؟ ثم يستيقظ عند العشاء أو بعد العشاء ، أي حياة هذي ؟! {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 ،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6 . &أنا لست بمتشائم ، لكن هذا هو الواقع ، مجتمعنا وللأسف – ولاسيما في هذه السنة – كأنه في هوة وينحدر منها ، ولا خير في هذه الوسائل إذا لم تربط بدين الله عز وجل ، والله لا خير فيها . $حياتك الحقيقية هي بقدر ما تقدمه لنفسك من أعمال صالحة ترضي بها الله عز وجل ، شباب كانوا على هذا النحو من النظر ومن الولوج إلى وسائل التواصل وضاعت أوقاتهم ، أين هم الآن ؟ لو صلى أحدكم الجمعة في جامع الراجحي أو جامع عتيقة أو ما شابه ذلك من الجوامع التي يصلى فيها على الجنائز لعلم أن من بين هؤلاء شبابا ، لكن ما هي أحوالهم قبل أن يموتوا ؟ هل هم في حلقات التحفيظ ؟ هل هم في ذكر وخير أم على الجانب الآخر ؟ لا أحد يغتر بما يراه في هذه الأجهزة ، لما ينظر لما يكون في أوروبا أو في أمريكا أو ما شابه ذلك من هذه المناظر ، وينظر إلى ذلك المقطع وإلى ذلك المقطع وإذا بالساعات تأتي إليه – ويظن في نفسه أنه يتلذذ- يمكن أن تقبض روحه بعد ساعات ، لكن ماذا قدمت ؟ لا نتغافل ، لا نغِّيب عقولنا عما هو أهم { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }الزخرف71 ، ما هي هذه الدنيا ؟! ولا أدري ماذا سيكون في مجتمعنا بعد عشر سنين ؟! قبل خمس سنوات لسنا في مثل هذه الحال – بكل صراحة – قبل خمس سنوات لسنا كهذه الحال ، والله لو قيل لي قبل خمسة عشر عاما أن المجتمع لدينا سيكون بهذه الحال – لما صدقت – وكلنا ذلكم الرجل ، وخصوصا من هو ولي أسرة يدرك ذلك ، ويتعبه ذلك ، لكن علينا أن نتنبه لهذه الأمر ، ولاسيما من يسمعني من الشباب ، عليه أن يتقي الله عز وجل ويغتنم شبابه . *بعض الناس رأى هذا المقطع من أولئك الشباب الذين انقلبت بهم السيارة في الطريق الدائري وتقاذفوا كأنهم دُمى وانتهت حياتهم ، هذه الدنيا ليست بشيء ، يمكن ينقطع نفسي الآن وأموت ، ينقطع نفسك الآن وتموت ، وبعد الموت : ماذا عملت ؟ خلاصة القول " اجعل نصب عينيك {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 . &نسأل الله جل وعلا أن يردنا إليه ردا جميلا ، وأن يهدي شبابنا وبناتنا ونساءنا وشيبتنا ، وأن يجعلنا وإياهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ، ونسأله عز وجل أن يحبب إلينا وإليهم الإيمان ويزينه في قلوبنا ، وأن يكره إلينا وإليهم الكفر والفسوق والعصيان وأن يجعلنا وإياهم من الراشدين .