لبون بني زياد

تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قول الشاعر:
ألم يأتيك والأنباء تنمي // بما لاقت لبون بني زياد

فقد قال الشاعر هذا البيت تحت ضغط الضابط اللفظي أو الاحتياج اللفظي من أجل الوزن، حيث لم يجزم الفعل "يأتيك "بعد "لم" ،وهذا الكلام من مستوى الكلام المستقيم الأقل حسنا أو القبيح ، حيث إن المعنى مفهوم إلا أن الشاعر لم يحافظ على منزلة المعنى والاحتياج المعنوي بين "لم" وبين"يأتيك" ولم يستخدم علامات المنزلة والمكانة أو علامات الإعراب بالشكل الأفصح ،والأصل أن يقول تحت تأثير الضابط المعنوي أو الاحتياج المعنوي :
ألم يأتِك والأنباء تنمي // بما لاقت لبون بني زياد

لأن "لم" حرف يجزم المتكلم الفعل بحضورها ،و"لم" تنفي حدوث الفعل ، وينبغي أن يليها الفعل المجزوم ،وعلامة الجزم تدل على عدم الفعل .
والعرب تقول:إن تدرسْ تنجحْ وإن درست نجحت وإن درست تنجحْ وإن تدرسْ نجحت ،وكلها فصيحة ومفهومة ،إلا أن المثال الأول من مستوى الكلام المستقيم الحسن ، والأمثلة الباقية أقل مستوى منه ،لأنها لم تحافظ على منزلة المعنى والاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب ، فالعربي يقول كلاما مفهوما بمستويات متعددة .
وبناء على هذا ،فنحن نقول:لم يدرسْ سعيدٌ وهو من مستوى الكلام المستقيم الحسن ، ولكن قد يقول أحدنا :لم يدرسُ سعيدٌ ،فنقول له :كلامك مفهوم إلا أن مستواه قبيح ،والأفصح أن تقول :لم يدرسْ، وينبغي أن تحافظ على منزلة المعنى والاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب ،من أجل أن لا تنخفض جودة التركيب .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ، وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز مستوى التراكيب وباختصار:الإنسا يتحدث تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس.