تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: كلام قيم من ابن القيم في مسألة الالتفات إلى الأسباب

  1. #1

    Lightbulb كلام قيم من ابن القيم في مسألة الالتفات إلى الأسباب

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أعلم أنك قد قرأت أو سمعت من يقول " الالتفات إلى الأسباب شرك !
    لا تعجل علي !
    وانظر ...وتأمل جيدا .
    ألا ترى أن فيها إجمالا يحتاج إلى بيان وإطلاقا يحتاج إلى تقييد ؟
    اسمع معي لما يقوله ابن قيم الجوزية رحمنا الله وإياه وإياكم في كتابه مدارج السالكين:
    يقول :
    " نحن نقول إن الدين هو إثبات الأسباب والوقوف معها , والنظر إليها , والالتفات إليها " 373/4
    أيضا انتظر ولا تعجل .....
    ثم يقول رحمه الله :
    الوقوف مع الأسباب قسمان :
    وقوف مأمور به مطلوب..........ووقوف معها بحيث يعتقد أنها هي الفاعلة المؤثرة بنفسها وأنها تنفع وتضر بذاتها فهذا لايعتقده موحد ولا يحتاج أن يحترز منه من يتكلم في المعرفة والسلوك . نعم , لا ينقطع بها عن رؤية المسبب ويعتقدها هي الغاية المطلوبة بدونها وهذا حق
    ...." 488/4

    وهنا يبين البيان الشافي - وهو نقل عن شيخه ابن تيمية -لله دره وعلى الله أجره - فيقول :
    وقد قال بعض أهل العلم : الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد........وهذا الكلام يحتاج إلى شرح وتقييد . فالالتفات إلى الأسباب ضربان :
    أحدهما : شرك , والآخر عبودية وتوحيد
    ........."519/4
    ثم يتابع في نقله فيقول :
    والعلل التي تتقى في الأسباب نوعان أحدهما :
    الاعتماد عليها والتوكل عليها , والثقة بها , ورجاؤها وخوفها , فهذا شرك يرق ويغلظ وبين ذلك .
    الثاني :
    ترك ما أمر الله به من الأسباب , وهذا أيضا قد يكون كفرا وظلما وبين ذلك
    ........"522/4
    كما أنه تكلم عما يعرض في مقام التوكل وهي إجمالا :
    1
    - أن يترك ما أمر به من الأسباب , استغناء بالتوكل عنها وهذا عجز ونقل عن السلف قولهم " لا تكن ممن يجعل توكله عجزا وعجزه توكلا "
    2- توكله في حظوظه وشهواته دون حقوق ربه كمن يتوكل في حصول مال أو زوجة أو رياسة ....
    3- أن يرى توكله منه ويغيب بذلك عن مطالعة المنة وشهود الفضل .

    إذا الإطلاق والإجمال فيه إحالة على فهم المتلقي ولا يخفاك ما فيه .


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    166

    افتراضي

    سؤال:
    يقال : إن الالتفات إلى الأسباب قدح في التوحيد وترك الأسباب بالكلية والانخلاع منها قدح في التشريع ، فمثلا هل يكفر من ينزعج إذا قال له الطبيب : ستموت بسبب السرطان بعد شهر ؟ وهل الأخذ بالأسباب واجب شرعا ؟


    الجواب : الحمد لله أولاً : القول بأن : الالتفات إلى الأسباب قدح في التوحيد ، وترك الأسباب بالكلية والانخلاع منها قدح في التشريع . هذا المعنى نص عليه عدد من أهل العلم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " ومما ينبغي أن يعلم : ما قاله طائفة من العلماء. قالوا: الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد . ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل ، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع . وإنما التوكل والرجاء معنى يتألف من موجب التوحيد والعقل والشرع " > انتهى من " مجموع الفتاوى " (8 / 169) . ومعنى أن "الالتفات إلى الأسباب قدح في التوحيد " : أن الاعتماد على الأسباب ، والاعتقاد بأنها مؤثرة بدون تقدير الله تعالى ومشيئته : يقدح في التوحيد ؛ لأنه ليس هناك شيء يستقل بالتأثير بدون مشيئة الله تعالى ، قال الله تعالى في السحرة : (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ) البقرة/102 . ومعنى أن "الإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع" : أن من ترك الأخذ بالأسباب بالكلية ، وظن أن هذا هو كمال التوكل والاعتماد على الله : فهذا قدح في التشريع ، لأن الله تعالى شرع لنا الأخذ بالأسباب ، وأمرنا بذلك في مواضع كثيرة ، بل دخول الجنة لن يكون إلا بأسبابه ، وهي الإيمان والعمل الصالح ، فمن ترك الأخذ بالأسباب : فلازم ذلك أنه لن يلتزم الشريعة وأحكامها . والمؤمن يحقق التوحيد ، فيعلم أن الأمر كله لله ، ويمتثل الشرع ، فيأخذ بالأسباب حيث أمر الشرع بذلك . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " وأهل السنة لا ينكرون وجود ما خلقه الله من الأسباب ولا يجعلونها مستقله بالآثار ، بل يعلمون أنه ما من سبب مخلوق إلا وحكمه متوقف على سبب آخر ، وله موانع تمنع حكمه ، كما أن الشمس سبب في الشعاع ، وذلك موقوف على حصول الجسم القابل به ، وله مانع كالسحاب والسقف . والله خالق الأسباب كلها ، ودافع الموانع " انتهى من " درء تعارض العقل والنقل" (9 / 29) . ..

    وبناء على هذا ؛ فالمريض مرضا خطيرا إذا أخبره الطبيب بقرب أجله فانزعج ، فإن التفات الطبيب والمريض لسبب الموت هذا له حالتان : الحالة الأولى : أن يكونا موقنين بأن الموت والحياة ، والمرض والشفاء ، والمنع والعطاء : كل ذلك بيد الله جل جلاله وحده ، وأن هذا المرض ـ أو غيره ـ سبب ، قد يؤدي إلى مسببه ، كما يحصل عادة أو كثيرا ، وقد يتخلف عن تأثيره ، فلا يموت صاحبه ، كما يتوقع الناس ، وذلك يحدث ـ أيضا ـ كثيرا ؛ فالأجل ـ في حقيقته ـ لا يعلمه إلا الله تعالى .

    ومع هذا اليقين بتقدير الله جل جلاله ، فإذا نظر الطبيب والمريض إلى أنّ الحس والمشاهدة والتجربة ، قد بينت أنّ سنة الله في هذا المرض أنه من الأمراض الخطيرة التي تسبب الموت كثيرا ، إذا انظرا إلى ذلك ، فاعتبرا غلبة الظن هذه مع عدم الجزم ، ومع الاعتقاد أنه تحت مشيئة الله تعالى فهذا الالتفات لا يقدح في توحيدهما ، ولا يضرهما إن شاء الله .

    الحالة الثانية : أن يغفلا عن مشيئة الله تعالى ؛ ويعتقدا أن المرض مستقل بالتأثير ، ولم ينظرا إلى تقدير الله ومشيئته ؛ فهذا هو الالتفات إلى السبب القادح في التوحيد .

    ثانيا : أما وجوب الأخذ بالأسباب ؛ فمن حيث الجملة : نعم ؛ هو واجب ، ولا يجوز الإعراض عن الأسباب كلها ، وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة بالأمر بفعل الأسباب المشروعة ، فمن يعرض عنها على وجه العموم يكون مخالفا للشرع .

    أما من حيث الكلام عن السبب المعين ، وهل يجب الأخذ به في الحالة المعينة ، أو لا يجب ؛ فهذا يختلف بحسب قوة تأثير السبب أو ضعفه ، وبحسب ما يرجى تحقيقه من المصلحة ، أو عدمها . فمثلا : الأكل والشرب جعلهما الله سببا لحفظ النفس من الهلاك الذي يسببه الجوع والعطش ، فالأخذ بهذا السبب واجب ، حتى المضطر إلى أكل الميتة يجب عليه الأكل منها ، فإن امتنع حتى مات جوعا ، فإنه يموت عاصيا . ومثال آخر : تناول المريض للدواء : فالأدوية ليست دائما قوية في التأثير ، وإن كان لها قوة في التأثير ، فهي أحيانا لا تجلب مصلحة ضرورية ، بل قد تدفع بعض الألم فقط ونحو هذا ، ففي هذه الحالة لا يكون هذا السبب واجبا على المسلم ، بل قد يكون مباحا أو مستحبا .

    وقد يكون السبب قوي التأثير ، مرجو النفع ، لكن يكون الصبر لصاحبه خيرا له من الأخذ به. ومن الأدلة المشهورة على هذا : عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : " أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ؟ قُلْتُ: بَلَى . قَالَ : هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي . قَالَ : ( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ) ، فَقَالَتْ : أَصْبِرُ ، فَقَالَتْ : إِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا " رواه البخاري (5652) ، ومسلم (2576) . فهذه المرأة اختارت الصبر على المرض ، ووعدها الرسول صلى الله عليه وسلم الجنة على ذلك. وقد يجب التداوي في بعض الحالات : إذا كان يلزم من عدم تناوله هلاك النفس ، أو تلف عضو من الأعضاء . مثل ما علم في عصرنا أن مريض الزائدة إذا تركها حتى انفجرت ، كانت سببا في هلاكه ، وإذا أزالها ، كان هذا التداوي سببا في نجاته ، فهنا يجب عليه التداوي . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " فإن الناس قد تنازعوا في التداوي هل هو مباح أو مستحب أو واجب ؟ . والتحقيق: أن منه ما هو محرم ، ومنه ما هو مكروه ، ومنه ما هو مباح ؛ ومنه ما هو مستحب ، وقد يكون منه ما هو واجب ، وهو: ما يعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره ، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة ، فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء ، وقد قال مسروق : من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار ، فقد يحصل أحيانا للإنسان إذا استحر المرض ما إن لم يتعالج معه مات ، والعلاج المعتاد تحصل معه الحياة كالتغذية للضعيف ، وكاستخراج الدم أحيانا " انتهى من " مجموع الفتاوى " (18 / 12) . وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : "التداوي على أقسام: فإذا غلب على الظن نفع الدواء ، مع احتمال الهلاك بتركه : فالتداوي واجب. وإن غلب على الظن نفع الدواء، ولكن ليس هناك احتمال للهلاك بترك الدواء، فالتداوي أفضل. وإن تساوى الأمران فترك التداوي أفضل" . انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (17/13) . ..

    والله أعلم .


    موقع الإسلام سؤال وجواب
    الرَّد على الزَّنادقة والجهمية لللإمام أحمد بن محمد بن حنبل:
    http://www.ajurry.com/vb/attachment....8&d=1370176387

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •