قال ابن عبد الهادي في "الصارم المُنْكي في الردِّ على السُّبكي/ط. مؤسسة الريان بيروت" (ص: 27-28): "وقد ذكر هذا الحديث بعض الحفاظ المتأخرين في كتاب كبير له رأيت قطعة منه فقال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني بالكوفة، أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن زيد الكوفي ببغداد، قالا: حدثنا أبو عمر أحمد بن حازم عن أبي عذرة الغفاري، أنبأنا موسى بن هلال البصري، حدثنا عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من زار قبري وجبت له شفاعتي) لفظ الحديث وسياقه للشيباني.
قال: وهذا الخبر قد رواه عن موسى بن هلال محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، ومحمد بن جابر المحاربي ويوسف بن موسى القطان، وهارون بن سفيان المذكورين، قال في حديثه: عن عبد الله بن عمر قد ذكرناه بأسانيده في الكتاب الكبير، ولا نعلم رواه عن نافع إلا العمري، ولا عنه إلا موسى بن هلال العبدي، تفرد به والله أعلم، انتهى كلام هذا الحافظ، وهو في طبقة أبي عبد الله بن مندة، وأبي عبد الله الحاكم صاحب المستدرك.
والكتاب الذي روي في هذا الحديث، ووقفت على بعضه يدل على سعة حفظه ورحلته، ولا يجوز أن يكون هو ابن مندة، لأن ابن مندة له شيوخ كثيرة وهو معروف بكثرة الرواية عنهم كالأصم، وابن الأعرابي، وغيرهما، ولم يرو مؤلف هذا الكتاب فيه عن واحد منهم فيما وقفت عليه، ولأن صاحب هذا الكتاب له شيوخ لا يعرف ابن مندة بالرواية عنهم، وروى في بلاد لم يدخلها ابن مندة كالبصرة وأنطاكية ونصيبين، ولا يجوز أن يكونالحاكم أبا عبد الله، لأن رحلة هذا المؤلف أوسع من رحلة الحاكم، ولأنه دخل إلى بلدان كثيرة لم يدخلها الحاكم كالشام وغيرها، ولا يجوز أن يكون الحافظ أبا نعيم لتأخره عن هذا.
وفي الجملة مؤلف هذا الكتاب حافظ كبير من بحور الأحاديث، وقد ذكر في هذا الكتاب من الأحاديث الغريبة والمنكرة والموضوعة شيئاً كثيراً، وذكر في هذا الباب الذي روي فيه هذا الحديث هو الباب الثلاثون بعد المائتين عدة أحاديث موضوعة لا أصل لها..". اهـ.