89 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا كفر من نفى كلام الله لموسى عليه السلام-: (الحمد لله المحمود على كل حال، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم، أما بعد:
فإنه من ادعى أنه مسلم ثم زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى فقد كفر، يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
فإن قال قائل: لم؟ قيل: لأنه ردَّ القرآن وجحده وردَّ السنة وخالف جميع علماء المسلمين وزاغ عن الحق، وكان ممن قال الله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]
وأما الحجة عليهم من القرآن: فإن الله جل وعز قال في سورة النساء: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] وقال عز وجل في سورة الأعراف: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف]: 143] وقال عز وجل: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144] وقال عز وجل في سورة طه: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى , وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} إلى آخر الآيات وقال عز وجل في سورة النمل: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النمل: 9] وقال عز وجل في سورة القصص: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وقال عز وجل في سورة والنازعات: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}
فمن زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى فقد ردَّ نص القرآن وكفر بالله العظيم.
فإن قال منهم قائل: إن الله تعالى خلق كلامًا في الشجرة، فكلم به موسى قيل له: هذا هو الكفر؛ لأنه يزعم أن الكلام مخلوق تعالى الله عز وجل عن ذلك ويزعم أن مخلوقًا يدعي الربوبية، وهذا من أقبح القول وأسمجه -أي: أقبحه-.
وقيل له: يا ملحد، هل يجوز لغير الله أن يقول: إنني أنا الله؟ نعوذ بالله أن يكون قائل هذا مسلمًا، هكذا كافر يستتاب، فإن تاب ورجع عن مذهبه السوء وإلا قتله الإمام، فإن لم يقتله الإمام ولم يستتبه وعلم منه: أن هذا مذهبه هجر ولم يكلم، ولم يُسَلَّم عليه ولم يصل خلفه ولم تقبل شهادته ولم يزوجه المسلم كريمته). (صـ 271 - 272).