34 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- رحمه الله- موضحًا الفرق بين المراء الذي هو كفر وبين استدلالات الفقهاء بالقرآن، وأن المناظرة للنصيحة لا للمغالبة-: (وقد ذكرت في تأليف كتاب المصحف- كتابًا للآجُري- مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي أجمعت عليه الأمة والصحابة، ومن بعدهم من التابعين، وأئمة المسلمين في كل بلد، وقول السبعة الأئمة في القرآن ما فيه كفاية، ولم أحب ترداده هاهنا، وإنما مرادي هاهنا ترك الجدال والمراء في القرآن، فإنا قد نهينا عنه، ولا يقول إنسان في القرآن برأيه، ولا يُفَسِّرُ القرآنَ، إلا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من الصحابة، أو عن أحد من التابعين أو عن إمام من أئمة المسلمين، ولا يماري ولا يجادل.
فإن قال قائل: فإنا قد نرى الفقهاء يتناظرون في الفقه، فيقول أحدهم: قال الله تعالى كذا، وقال النبي كذا وكذا، فهل يكون هذا من مراء في القرآن؟ قيل: معاذ الله، ليس هذا مراء فإن الفقيه ربما ناظره الرجل في مسألة، فيقول له على جهة البيان والنصيحة حجتنا فيه: قال الله تعالى كذا وقال النبي صلى الله عليه وسلم على جهة النصيحة والبيان،لا على جهة المماراة، فمن كان هكذا، ولم يرد المغالبة، ولا أن يخطئ خصمه ويستظهر عليه سلم، وَقُبِلَ إن شاء الله تعالى كما ذكرنا في الباب الذي قبله.
قال الحسن: (المؤمن لا يُدَارِي ولا يُماري، ينشر حكمة الله، فإن قبلت حَمِدَ الله وإن رُدَّتْ حَمِدَ الله).-ضعيف: رواه ابن المبارك كما في زوائد الزهد (30)، بإسناد فيه جهالة، ورواه غير واحد من قول سفيان الثوري-.
وَبَعْدَ هذا فأكره الجدالَ والمراء ورفع الصوت في المناظرة في الفقه إلا على الوقار والسَّكينة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والحلم، وتواضعوا لمن تتعلمون منه، وليتواضع لكم من تُعَلِّمونه، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم). -ضعيف: رواه البيهقي في الشعب (1651)، وغيره بسند فيه انقطاع؛ فإن عمران بن مسلم لم يدرك عمر-. (صـ 71 - 72).