اختلف العلماء في عدد النفخات : فمنهم مَن قال : مرتين ، ومنهم مَن قال : ثلاثة ، بعدما اتفقوا على نفخةِ البعث ونفخة الصعقِ ، وزاد بعضهم نفخة الفزع ، فمَن فسَّر نفخة الفزع بدون الصعق جعلها ثلاث نفخات ، وممَّن ذهب إلى أنهم ثلاث نفخات ابن تيمية ، وابن كثير .

والراجح - والله أعلم - أنها نفختان : نفخة أولها فزع ، وآخرها صعق ، والثانية نفخة البعث .
فالنفخة الأولى ، وهي نفخة الصعق والموت ، يموت فيها كل مَن خلق اللهُ إلا ما شاء - سبحانه - ممَّن استثناهم، قال - تعالى -: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [الزمر : 68] ، وتسمى أيضًا بالراجفة .
والنفخة الثانية ، وهي نفخة البعث ، قال - تعالى -: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾ [الزمر : 68] ، وتسمى أيضًا بالرادفة .
قال الحافظ في الفتح :
(ثبت في صحيح مسلم أنهما نفختانِ ، ولفظه في أثناء حديث مرفوع ، ثم ذكر حديث عبدالله بن عمرو قال : سُئِل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصُّور ؟ فقال : (قرنٌ ينفخ فيه) . أبو داود (4742) ، والترمذي (2430) ، وقال: هذا حديث حسن ، وأحمد (6805) ، وصححه الألباني في الصحيحة (3/154) .

، وحديث أبي هريرة المتَّفق عليه ، وفيه : (بين النفختين أربعون) ، وفي ذلك دلالة على أنهما نفختانِ فقط ، والتغاير في كل منهما باعتبار مَن يسمعهما، فالأولى يموتُ بها كلُّ مَن كان حيًّا ويغشى على مَن لم يمت ممن استثنى الله - تعالى - والثانية يعيش بها مَن مات ، ويُفِيق بها مَن غشي عليه . انظر الفتح (11/368) .