قال أبو داود رحمه الله: «سَمِعْتُ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنِ الْخُفِّ الْمُخَرَّقِ يُمْسَحُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: إِذَا اسْتَبَانَتْ رِجْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُهُمَا([1])».
وقال صالح رحمه الله: «قُلْتُ الْخُفُّ إِذَا كَانَ مُخَرَّقًا يُمْسَحُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: إِذَا بَدَا مِنَ الْقدَمِ فَلَا يُمْسَحُ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ جَوْرَبٌ أَوْ يَكُونَ خَرْقٌ يَنْضَمُ عَلَى الْقَدَمِ([2])».
قال ابن قدامة رحمه الله: «لأن حكم ما استتر المسح، وحكم ما ظهر الغسل، ولا سبيل إلىٰ الجمع بينهما، فَغُلِّب الغسل([3])»اهـ.
قلت: والراجح: جواز المسح علىٰ الخف، المخرق – سواء كان الخرق يسيرًا أو كبيرًا – ما دام أنه يسمىٰ خفًّا، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية؛ حيث قال رحمه الله: «وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ وَهُوَ قِيَاسُ أَصْلِ أَحْمَدَ وَنُصُوصِهِ فِي الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِ الْعَوْرَةِ وَعَنْ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مُطْلَقًا ... وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخِفَافَ فِي الْعَادَةِ لَا يَخْلُو كَثِيرٌ مِنْهَا عَنْ فَتْقٍ أَوْ خَرْقٍ؛ لَا سِيَّمَا مَعَ تَقَادُمِ عَهْدِهَا؛ وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقُرَّاءَ، لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُهُمْ تَجْدِيدُ ذَلِكَ ... فَلَمَّا أَطْلَقَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخِفَافِ مَعَ عِلْمِهِ بِمَا هِيَ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ؛ وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً مِنَ الْعُيُوبِ وَجَبَ حَمْلُ أَمْرِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُهُ إلَّا بِدَلِيلِ شَرْعِيٍّ، وَكَانَ مُقْتَضَى لَفْظِهِ أَنَّ كُلَّ خُفٍّ يَلْبَسُهُ النَّاسُ وَيَمْشُونَ فِيهِ فَلَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَفْتُوقًا أَوْ مَخْرُوقًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ لِمِقْدَارِ ذَلِكَ، فَإِنَّ التَّحْدِيدَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ([4])»اهـ.
[1])) «مسائل أبي داود» (16).
[2])) «مسائل صالح» (3/ 205).
[3])) «الكافي» (1/ 72).
[4])) «مجموع الفتاوىٰ» (21/ 172، 174).