تلازم المضاف والمضاف إليه في الأصل والعدول
تقديم الظرف في قوله تعالى:"*والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون"*
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قوله تعالى:"*وإذا ما غضبوا هم يغفرون"* الذي يترتب بحسب الأهمية المعنوية من العام إلى الخاص ،عدولا عن الأصل ،والأصل فيه من الخاص إلى العام ومن الأهم إلى الأقل أهمية هو"وهم يغفرون إذا ما غضبوا" ولكن تقدم الظرف بالضابط المعنوي وبالضابط اللفظي من أجل تناسب الفواصل ،ومن الملاحظ أن تقديم الظرف "إذا" أدى إلى تقديم ما يرتبط به معنويا ،وهو قوله تعالى"ما غضبوا"،لأنها مضافة إلى ما بعدها ، فالكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،حتى ولو تم الفصل بين الصلة والموصول بالأجنبي ،ومثل ذلك قوله تعالى:"*والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون"*و"إذا" في المثالين السابقين ظرف لخبر المبتدأ ،وبينهما احتياج معنوي سواء أتقدم الكلام أم تأخر،وأدخل ضمير الفصل بقوله : هم ينتصرون الذي فصل بين الموصول وبين خبره لإفادة تقوي الخبر ،والتأكيد، أي لا ينبغي أن يترددوا في الانتصار لأنفسهم ،وأوثر الخبر الفعلي هنا دون أن يقال : منتصرون ، لإفادة معنى تجدد الانتصار كلما أصابهم البغي ،لأن الفعل يدل على التجدد والحدوث ، وأما مجيء الفعل مضارعا فلأن المضارع هو الذي يجيء معه ضمير الفصل،والمطلوب من المؤمن أن يتعامل بحسب الحالة والظروف ،فهو يعفو عند الغضب والحالة اليسيرة ، وينتصر عند الظلم.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس،وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل.