وكذلك ما يحدثه بعض الناس ;
إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام ،
وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له ،
والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد [1]
لا على البدع ،
من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً
مع اختلاف الناس في مولده ،
فإن هذا لم يفعله السلف ،
مع قيام المقتضي له ، وعدم المانع منه ،
ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً ;
لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا ،
فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وتعظيماً له منا ،
وهم على الخير أحرص .
=============
[1] - هذا تعليق من الشيخ محمد حامد فقي رحمه الله قال :
كيف يكون لهم ثواب على هذا ؟
وهم مخالفون لهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهدى أصحابه ؟
فإن قيل : لأنهم اجتهدوا فأخطأوا ،
فنقول : أي اجتهاد في هذا ،
وهل تركت نصوص العبادات مجالاً للاجتهاد؟
والأمر فيه واضح كل الوضوح .
وما هو إلا غلبة الجاهلية وتحكم الأهواء ،
حملت الناس على الإعراض عن هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى دين اليهود والنصارى والوثنيين .
فعليهم ما يستحقونه من لعنة الله وغضبه .
وهل تكون محبة وتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن هديه
وكراهية ما جاء به من الحق لصلاح الناس من عند ربه ،
والمسارعة إلى الوثنية واليهودية والنصرانية ؟ ،
ومن هم أولئك الذين أحيوا تلك الأعياد الوثنية ؟
هل هم مالك أو الشافعي أو أحمد أو أبو حنيفة أو السفيانان
أو غيرهم من أئمة الهدى رضي الله عنهم ،
حتى يعتذر لهم ولأخطائهم ؟ كلا ،
بل ما أحدث هذه الأعياد الشركية إلا العبيديون الذين أجمعت الأمة على زندقتهم ،
وأنهم كانوا أكفر من اليهود والنصارى ، وأنهم كانوا وبالاً على المسلمين ،
وعلى أيديهم وبدسائسهم وما نفثوا في الأمة من سموم الصوفية الخبيثة ;
انحرف المسلمون عن الصراط المستقيم ،
حتى كانوا مع المغضوب عليهم والضالين .
وكلام شيخ الإسلام نفسه يدل على خلاف ما يقول من إثابتهم ،
لأن حب الرسول وتعظيمه الواجب على كل مسلم ;
إنماهو باتباع ما جاء به من عند الله
كما قال الله تعالى
(آل عمران : 31 )
{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ،
وقال ( النساء : 60 - 65 )
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ
يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ
وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا } ،
وقال تعالى ( النور : 47 - 52 )
{ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا
ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِين َ *
وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ *
وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ *
أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ
بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ
أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }اهـ