الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وبعد
فهذه فوائد نستخلصها من هذا النقل المُبارك
(والحجة على العباد إنما تقوم بشيئين: بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله والقدرة على العمل به ) هذا ما تُقام به الحُجة أولاً التمكن من العلم والقُدرة علي العمل .
( أما العاجز عن العلم كالمجنون أو العاجز عن العمل فلا أمر عليه ولا نهي ) وينتفي وصف قيام الحُجة علي صنفين ذكرهم شيخ الإسلام وهما المجنون في حال العلم والعاجز في حال العمل ، ولا يُقاس علي المجنون كُل جاهل ، فكثير من الناس اليوم جُهال ولكن لا يُعذرون بجهل لأنهم مُتمكنون من العلم والبحث ، وكذلك وصف التكليف يرتفع عن العاجز بحسب عجزه وحسب التكليف إلا التوحيد والصلاة فلا عُذر في الشرك ولا في ترك الصلاة ، والخلاصة ان شيخ الإسلام يستثني المجنون من قيام الحُجة فلا يُعامل مُعاملة العاقل ولا يُعامل العاقل مُعاملة المجنون .
( وإذا انقطع العلم ببعض الدين أو حصل العجز عن بعضه كان ذلك في حق العاجز عن العلم أو العمل بقوله كمن انقطع عن العلم بجميع الدين أو عجز عن جميعه كالجنون مثلا ) وهذا يؤيد التعليق السابق وهذا في المجنون فقط أو من في حُكمه كما سيأتي .
( وهذه أوقات الفترات ) وهذه من أهم نقاط النقل لأن المقصود من كلام الشيخ في وقت إختفت فيه معالم الشريعة وهو ما يُسمي بأهل الفترة ، وهذا الصنف عذره أئمة الدعوة النجدية بالجهل في الحُكم مع ثبوت إسم الشرك عليه ، وهذا يكون تفصيله في موضوع الأسماء والاحكام إن شاء الله .
( فإذا حصل من يقوم بالدين من العلماء أو الأمراء أو مجموعهما كان بيانه لما جاء به الرسول شيئا فشيئا بمنزلة بيان الرسول لما بعث به شيئا فشيئا، ومعلوم أن الرسول لا يبلغ إلا ما أمكن علمه والعمل به، ولم تأت الشريعة جملة كما يقال: إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع، فكذلك المجدد لدينه والمحيي لسنته لا يبلغ إلا ما أمكن علمه والعمل به، كما أن الداخل في الإسلام لا يمكن حين دخوله أن يلقن جميع شرائعه ويؤمر بها كلها.وكذلك التائب من الذنوب؛ والمتعلم والمسترشد لا يمكن في أول الأمر أن يؤمر بجميع الدين ويذكر له جميع العلم فإنه لا يطيق ذلك، وإذا لم يطقه لم يكن واجبا عليه في هذه الحال، وإذا لم يكن واجبا لم يكن للعالم والأمير أن يوجبه جميعه ابتداء، بل يعفو عن الأمر والنهي بما لا يمكن علمه وعمله إلى وقت الإمكان؛ كما عفا الرسول عما عفا عنه إلى وقت بيانه، ولا يكون ذلك من باب إقرار المحرمات وترك الأمر بالواجبات لأن الوجوب والتحريم مشروط بإمكان العلم والعمل، وقد فرضنا انتفاء هذا الشرط، فتدبر هذا الأصل فإنه نافع ) كلام شيخ الإسلام رحمه الله في كُل شرائع الدين إلا التوحيد فهو الأصل الذي يُبدأ به مع كُل من دخل الإسلام ولا يُستثني أحد من ذلك فلا يُسحب التوحيد علي ما ذكره شيخ الإسلام ، والصلاة لا تسقُط هي الأُخري فإن لم يحفظ شيئاً يُصلي مع المُسلمين بالذكر فقط سواء في التشهد أو الفاتحة أو غيرها من الأركان ، فالعُلماء أوجبوا الصلاة علي من لتوه دخل الإسلام ولم يحفظ شيئاً ولا يجوز له التخلف عن الصلاة .
(ومن هنا يتبين سقوط كثير من هذه الأشياء وإن كانت واجبة أو محرمة في الأصل لعدم إمكان البلاغ الذي تقوم به حجة الله في الوجوب أو التحريم، فإن العجز مسقط للأمر والنهي وإن كان واجبا في الأصل والله أعلم ) والأشياء التي يقصدها شيخ الإسلام رحمه الله لا يتضمنها التوحيد والصلاة وجميع الواجبات التي لا تسقُط بالعجز الجسدي أو العجز لأمور أُخري كحداثة العهد بالإسلام ، وهذا ما قرره شيوخ الدعوة النجدية رحمهم الله .
أما عن قيام الحُجة علي العباد فالقُرآن هو حُجة الله من بلغه القُرآن قامت عليه الحُجة سواء فهم او لم يفهم أقبل أو أعرض جهِل أو علِم ، ومن زعم ان الحُجة لم تقُم علي العباد فقد زعم أن النبي لم يُقم الحُجة ، لأن الله تبارك وتعالي جعل قيام الحُجة بالرُسل ( لئلا يكون للناس علي الله حجة بعد الرُسُل ) وبعثة النبي محمد صلي الله عليه وسلم هي قيام للحجة إلي قيام الدين ، وأفضل من تكلم واختصر في ذلك شيوخ التوحيد أصحاب الدعوة النجدية ، ومن هذه الرسائل القيمة رسالة (تكفير المُعين والفرق بين قيام الحُجة وفهم الحُجة ) للشيخ اسحق ابن عبدالرحمن ابن حسن آل الشيخ رحمه الله .