من العلماء من قال : إنه خاص بهذه الأمة ، واستدلوا بظاهر الأحاديث ؛ منها حديث البراء ، وعائشة ، وفيه :(إذا أُقعِد المؤمنُ في قبره أُتِي ، ثم شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله...) . البخاري (1369) .
وحديث زيد بن ثابت مرفوعًا : (إن هذه الأمة تُبتلى في قبورها ، فلولا ألا تدافنوا لدعوتُ الله أن يُسْمِعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه) . البخاري (1369) .
وغيرها من الأحاديث ، وبه جَزَم الحكيم الترمذي ، وجنح ابن القيم إلى أنه ليس خاصًّا ، وقال : (ليس في الأحاديث ما ينفي المساءلة عمَّن تقدم من الأمم ، وإنما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته بكيفية امتحانهم في القبور ، لا أنه نفى ذلك عن غيرهم) .
قلتُ (أبو البراء) :وما ذهب إليه ابن القيم هو الراجح ، ومما يدل على ذلك علم اليهود بعذاب القبر وبسؤال عائشة عنه ، فعن عائشة - رضي الله عنها - أن يهوديةً دخلتْ عليها، فذكرتْ عذاب القبر ، فقالت لها : أعاذَكِ الله من عذاب القبر ، فسألتْ عائشة رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن عذاب القبر ، فقال: ((نعم عذاب القبر))، قالت عائشة - رضي الله عنها -: فما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدُ صلَّى صلاةً إلا تعوَّذ من عذاب القبر . البخاري (1372) ، ومسلم (903)
.
ويؤيِّده أيضًا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث : ((إنما تفتتن يهود...)) ، وهذا ما اختاره ابن عثيمين ، وعلَّل ذلك قائلًا : (لأنه إذا كانت هذه الأمة، وهي أشرف الأمم، تسأل؛ فمَن دونهم من باب أولى) . شرح الواسطية (371) .