الاستحاضة معناها :
قال النووي :
(هو جريان الدم من فرج المرأة في غير أوانه ، يخرج من عرقٍ يقال له العاذِل - بالعين المهملة وكسر الذال - بخلاف دم الحيض ، فإنه يخرج من قعر الرحم) . شرح مسلم 4/24.
اختلف العلماء في حكم وضوء المستحاضة للصلاة على أقوال، منها :
القول الأول : يجب عليها الوضوء لكل صلاة فرضًا كانت أم نفلًا ، وهو قول الحنابلة ، والحنفية ، وابن حزم ، واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض روايات حديث فاطمة بنت حبيش أنه قال لها : ((وتوضَّئي لكل صلاة)) . ابن ماجه 624، وأحمد 25679.
قالوا : إن الصلاة تطلق على الفرض والنفل .
حديث عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((المستحاضة تَدَعُ الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة، وتصوم وتصلِّي)) . أبو داود 297، والترمذي 126، وابن ماجه 625، وهو حديث معلول بأكثر من علة:
1- جد عدي بن ثابت مجهول ، قال البخاري : ولا أعرف اسم جد عدي بن ثابت .
2- شريك بن عبدالله القاضي النخعي ، ضعيف ، سيئ الحفظ، ولم يُتابَع .
3- أبو القطان : وهو عثمان بن عمير الكوفي الضرير ، يدلِّس ورُمي بالتشيع .
القول الثاني : يجب عليها الوضوء لكل صلاة فرضًا فقط ، وهو قول الشافعية ، واستدلُّوا بنفس أدلة الفريق الأول ، إلا أنهم قالوا : إن الصلاة عند الإطلاق تنصرف إلى المفروضة وتتقيَّد بها .
القول الثالث : لا يعتبر دم الاستحاضة ناقضًا للوضوء مطلقًا ، بل هو كسَلَسِ البَوْل ، وهو قول المالكية ، واستدلوا بأن المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر فيه إلا الغسل ، وأجابوا عن رواية : ((وتوضئي لكل صلاة)) بأنها لفظة شاذة .
قال النسائي :
(لا نعلم أحدًا قال: ((وتوضئي لكل صلاة)) في الحديث غير حماد، والله أعلم) ، وإليه أشار مسلم في صحيحه ؛ حيث قال: (وفي حديث حماد بن زيد حرفٌ تركنا ذكره) ، وذكر البيهقي في السنن الكبرى : (أن هذه الزيادة غير محفوظة، وأن الصحيح أن هذه الكلمة من قول عروة بن الزبير) السنن الكبرى 1/507.
، وأجابوا على حديث عدي بن ثابت عن أبيه عن جده بأنه ضعيف ولا يُحتَج به .
وعليه، فالراجح قول المالكية ؛ لأن زيادة ((وتوضئي لكل صلاة)) مُدرَجَة من قول عروة بن الزبير، وليست من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في رواية أبي معاوية أن هشام بن عروة قال : قال أبي : (ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت) ، وبهذا قال البيهقي كما تقدم .