قال تعالى"أئفكا آلهة دون الله تريدون "(الصافات 86)
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى:"*أئفكا آلهة دون الله تريدون "*والأصل في هذه الآية الكريمة هو:"أتريدون آلهة دون الله إفكا"*وهي آية تترتب من الخاص إلى العام ،ومن الأهم إلى الأقل أهمية ،وفعل الإرادة هو أشد الكلمات استنكارا ،ولهذا تقدم نحو همزة الاستنكار ،يليه في شدة الاستنكارالمفعو ل وصفته ثم المفعول لأجله ،إلا أن الآية الكريمة موضع الشاهد تترتب من العام إلى الخاص ومن الأهم إلى الأقل أهمية كذلك عدولا عن الأصل ،حيث نجد أن هذه الآية الكريمة تبدأ بهمزة الاستنكار ،تلاها المفعول لأجله ، وهو أشدّ الكلمات استنكارا ،ثم المفعول ،ثم الصفة،ثم الفعل فالفاعل،فهي تترتب من العام إلى الخاص ،بحسب الأهمية المعنوية ،نقول:أزيد عندك ؟إن أردنا الاستفهام عن زيد ،ونقول:أعندك زيد ؟ إن أردنا الاستفهام عن مكان وجوده ،ثم لاحظ معي كيف أن المتكلم ينصب المفاعيل والصفة قبل أن ينطق الفعل الذي ما زال في عقله ، فالمتكلم حين يتكلم يمارس عملية اختيار على صعيد المعنى ،وهذا يعكس الافتراض المسبق في ذهن المتكلم في أنه سيجعل من (إفكا)مفعولا لأجله، ومن اّلهة مفعولا به قبل مجيء الفعل ،فيربط بين المفاعيل وبين الفعل برابط الاحتياج المعنوي ، فيقول مثلا: أئفكا تريد ؟ أو،أئفكٌ كلامُك؟أو،أكلام ُك إفكٌ؟ أو أتريد إفكا؟ والاحتياج المعنوي موجود بين أجزاء التركيب سواء أتقدم الكلام أم تأخر.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي ،وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس ،وأن الكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية عند المتكلم في الأصل وفي العدول عن الأصل .