اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: لا يجب الإتمام؛ لأن النفل شُرِع على هذا الوجه: يثاب فاعله ولا يعاقَب تاركه، سواء كان ترك أصلاً أو ترك أثناء الفعل، والدليل قول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: ((الصائم المُتطوِّع أمير نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر)) . الترمذي (723)، وقال: حديث حسن، وأحمد (26893)، وهو مذهب الشافعي وأحمد.
القول الثاني: قالوا: يَجب الإتمام إذا شرع فيه، وهو مذهب أبي حنيفة، وأدلتُهم:
- قول الله -تعالى-: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] ، قالوا: إن الله نَهاهُم عن إبطال العمل.
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي جاءه، قال وهو يسأل عن الصلاة قال: هل عليَّ غيرها؟ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا إلا أن تتطوَّع)) . جزء من حديث عند البخاري (6)، والسائل هو ضمام بن ثَعلبة.
ففهموا من الحديث أن الاستثناء متَّصل ؛ أي: إنه فُرضت عليك النافلة إن شرعتَ فيها.
- من حيث النظر إن النفل يَصير فرضًا بالنذر، قالوا : كذلك شَرعُه في النافلة كأنه نذرَها، وكان النذر بفعلِه لا بقوله.
والراجح: هو قول الجمهور، وأما أدلة الأحناف فأجابوا عنها، قالوا:
- أن الآية لا تدلُّ على إتمام النفل؛ إنما تدلُّ على عدم إبطال الحسنات؛ كقوله -تعالى-: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264].
- أما الحديث فصحيح؛ ولكن الاستِثناء منقطع، وليس متَّصلاً؛ أي المعنى: لكن لك أن تتطوَّع.
- أما القياس: فقياس مع الفارق؛ لأن النذر لا يَثبُت إلا باللفظ، ويُعارِضه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الصائم المُتطوِّع أمير نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر)) . وقالوا في الحج والعمرة: يجب إجماعًا؛ لقوله - تعالى -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، وبعضُهم يُفرِّق بين الصيام والصلاة؛ لأن النص ورد في الصيام، فقالوا: الصلاة يجب إتمامها، أما الصيام فلا.
تنبيه: هذا في العمل المرتبِط أوله بآخره، كصلاة والصيام، أما العمل غير المرتبط أوله بآخره، فلا يجب إتمامه؛ كقراءة القرآن والذِّكر.