تمايز معنى التراكيب في إطار الصيغة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في هذين التركيبين اللذين يتمايزان من حيث المعنى في إطار الصيغة نظرا لتغير منزلة المعنى بين أجزاء التركيب:
قال تعالى:"مالك يوم الدين"*
وقـرئ:"ملك يوم الدين"*
التركيب الأول أوقع في العظمة وأبلغ في المدح ،لأن المرء قد يكون ملكا على الشيء ولا يملكه ،كأن نقول:ملك الشعر،وملك الملوك ،ولكن لا يكون مالكا للشيء إلا وهو يملكه ،نظرا إلى سلطته عليه وتصرفه فيه ،فهو مالك وملك ،والله مالك يوم الدين وهو المتصرف فيه ،ثم إن الوصف بمالك أعم من الوصف بملك ،لأنه يقال:فلان مالك الدراهم ولا يقال:فلان ملك الدراهم ،والله مالك كل شيء ،وقد وصف نفسه بأنه مالك يوم الدين ،يؤتي الملك من يشاء ،فتحصَّل مما ذكرنا أن وصفه بمالك أعم وأوقع وأبلغ في الثناء والمدح من وصفه بملك .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي ،وأن الإنسان يتحدث بمستويات تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس ،وأن قارئ القرآن الكريم يقرأه بحسب المعنى الذي يريده ،ولكل قراءة معنى خاص.