بسم الله الرحمن الرحيم
(( وسادت النمل )) . أو إن شئت قل : (( من وحي النمل ))
هذه قصة قصيرة مستوحاة من حقائق ، ومنسوخة بخيال .
ساد صمت عميق ، بعد أن جاء المارد الجبار المعتدي ليدك معقل النمل ويقتل ويأكل منهم المئات بل الألوف ، بل إن شئت قل الملايين .
هذه النملة فقدت أخاها ، وهذا فقد أخته ، وهذا ، وهذا .. .
ثم بدأت أصوات التزمجر تعلو ، إلى متى كل ما نبني قواعدنا ونربي أجيالاً يأتي هذا المعتدي الجبار ليهلكنا ويضعفنا ويجعلنا نعود إلى الوراء ؟
ثم تتالت الصيحات منها :
هيا للرحيل
ومنها : بل استكينوا وهذا قدركم .
بل أنت جبان ، بل أنت متهور ، بل .. ، بل ..
وقطع تلك الأصوات اليائسة البائسة الضعيفة المستكينة ، أما فكرتم في الخلاص ؟
فإذا يعاد الشريط بين يائس وبين هارب ...
فعاد الصوت من جديد لكنه ليس ثَمَّ خلاص إلا خلاص واحد .
بدأ الأمل يَدُبّ في بعض النمل ، وكثير ما زال يغط في انكساره ، فبدأت صيحات الاستفهام قل يا حكيمنا كيف الخلاص ؟
قال الحكيم : قد هاجر من قبل أمم وما زال يطاردها هذا المارد المعتدي ، وأكل منها الملايين ودك حصونها الجديدة .
فقيل له : وهذا الذي يُعجزنا ويقهرنا .
قال الحكيم : بل هو الأمل والذي لا محيص عنه ، إنها معركة حياة وكرامة ، إنه ليس ثَمَّ إلا النزال .
فقيل : النزال ؟ أو مجنون أيها الحكيم أم خرفت ؟
قال الحكيم : بل الحق أقول ، أو ترون أن كل فرار أضحى أضحوكة ولا ينجو منه إلا القليل ، أما ترون أننا في خسران إلى خسران وذل وعار .
قيل : وما تصبو إليه ؟
قال الحكيم : الذي أصبو إليه هو إعادة تفكير في كيف يكون لنا هجوم مضاد مخطط نستطيع به مع اتحاد كلمتنا أن نشل جزء صغير من هذا المارد المعتدي .
قيل : ثُمَّ ماذا ؟
قال الحكيم : ثم من هذا الجزء نركز ضرباتنا ونشغله بهجوم على بقية جسده ، وبهذا نستطيع أن نشل حركته ، ثم نفسد له هذا الجزء ، سينقلب من مارد جبار إلى مكسور متألم من هذا الجزء ، ثم منه إلى بقية الجسد ، وهكذا نغلبه ونسيطر عليه .
بدأ تعود صيحات الانهزام ، لكن صيحات الحماس علت وبدأ صوت الانهزام ينخفض شيئًا فشيء ، بل يذوب في صيحات القوة ، بل يتلاشى .
وبدأ الحكيم في تنفيذ خطته ، وعملوا السراديب وخططوا لوضعه بعد طُعْمٍ معين ليكون في مكان معين ساعة الهجوم .
وجاء المارد العاتي ، قائلاً : هاأنذا قد عُدت لأدك معاقل المتخلفين ، لأدك الحضارات ولا أبقي إلا حضارتي ، ولا يكون إلا سلطاني أين العبيد ، فإني إلى إزهاق أنفسهم متعطش .
وبدأ الطُّعم يظهر سريعًا ثم يختفي ، فقال : إذًا هنا المخبأ ، واقترب من المخبأ وبدأ بمنقاره ومخلبه يحفر ليصل إلى المخبأ . فما كان من كتائب النمل المخفاة إلا تقفز بإشارة من الحكيم لتلتف وتعلو رجله اليسرى وتنخر في أصبع واحد ، وواحد فقط ، فبدأ الألم يسري في وجدانه ولكن هيهات هيهات أنا المارد ، وقد ظهروا كي آكلهم كلهم ، وبدأ لينفض رجله ، ولكن هناك من الطرف الضعيف استماتة ، فبدأ يضرب العشرات ويتساقطوا ، لكن ملايين أخرى قادمة وليس لها صوب إلا أصبعه ، الألم يزداد ، وهذه جموع أخرى غير خائفة مثل كل مرة آتية فهذه لقدمي اليمنى وهذه آتية من فوق الأغصان لعيني وهذه لرأسي ، زمجر أنا المارد سأبيدكم ، ولكن صوته كان كله حماس لهم أن بدأ الأمل يدب وها هو بدأ يحاول أن يخيف إذًا قوته بدأت تتشتت ، لا يستطيع السيطرة ، ألم في أصبعه يكاد يسقطه ، وإصابات غير قوية لكن باجتماعها بدأت تجعله ينهار ، الله أكبر بل سقط ، وَجَّهَ الحكيم إحدى قوى النمل إلى عينه وأخرى على أماكن ضعيفة ، وازداد هجوم النمل ، وبدأ المارد الجالس تنهار قواه بل تَمَدَّ أرضًا ، وازداد الهجوم والقرص وكثر الهجوم أكثر فأكثر ، وأراد فريق الأصبع أن يتحول إلى مكان آخر ، فصاح الحكيم : بل هذا الموضع الذي جعله ينهار فاستمروا ، فلم يُعْصَ .
وفي أوج الانتصار وفي وطيس المعركة إذا بقرية من النمل آتية ، وبدأ الفريق الأول ينقسم لا بد أن نهلك عدونا الأول قرية النمل الآتية ، أما هذا المارد فقد تعودنا على الذل له أم هذه القرية الأخرى فقد تتغلب علينا بعد إنهاك قوانا مع المارد .
وبدأت جموع النمل في الانقسام ، منها من استمر في مكانه ، ومنها ما توقف ، ومنها الذي انسحب ليشن هجومًا على ابن عمه النمل فلن يجعل له السيادة عليه ، وكاد الحكيم أن يتكلم لكن قبل كلامه الذي وقر في صدره التفت إلى المارد فإذا به أحس بما يدور حوله فعندما أدرك الأمر بدت منه ابتسامة وتنهد ، ها قد جاءني الفرج بدون تخطيط إذ لم أكن أضع في الحسبان يومًا ما يقظة الخراف .
قال الحكيم في نفسه : هذا ما كنت سأصيح به ، بل لقد أكدت لي ابتسامة المارد وتنهيدته أنني على صواب .
فصاح الحكيم : أيها النمل أنتم وأبناء عمومتكم إلى هلاك إذا ما تركتم هذا المارد ولم تستمروا في إهلاكه ، فما هي إلا لحظات وينقض عليكم ، أما اتعظتم من بني الإنسان وما يحدث له ، أما لكم فيهم عبرة ، بالأمس القريب في أفغانستان تكالبت القوى الإسلامية وقلنا أمل وصبح جديد آت ، فقد دمروا المارد الشيوعي ، ثم لأسباب بدؤوا في إهلاك أنفسهم ، فما كان إلا أن تدهورت قوتهم ، ثم لم يلبسوا إلا قليلاً وجاءهم مارد عاتي من جنس آخر أذاقهم الذل والدمار وما زالوا .
قالوا : يا حكيمنا فما العمل ؟ أن نجعل لأبناء العموم السيادة علينا فلا ، أو نجعل لهم الشرف في اشتراكهم معنا في إهلاك المارد فلا ؟
قال : على رسلكم ، استمروا ولا تخشوا من أبناء العم فحتى قتال الباغي منهم أمره بسيط عن ذلك الطاغوت العاتي المارد .
دعوا الأمر لي واستمروا في إبادة عدونا جميعًا ودَعُوا لي أبناء العم ، ولكن لا تنشغلوا عنه فيسترد قوته ، ولا تنشغل كتيبة الأصبع عن الإصبع .
توجه الحكيم إلى كتائب أبناء العمومة ، وذهب معه بعض كبار النمل الذي لا يقوى على جهاد المارد ، والذي بقى له من حياته الكلمة ولا أزيد .
فقال الحكيم : يا أهلاً وسهلاً بأبناء العمومة ، تفضلوا ، ابتلينا وإياكم بمارد دمر منا ومنكم الأجيال ، فإن كنتم جئتم لحربنا كي لا يكون لنا شرف الانتصار فما هي إلا لحظات ونكون وإياكم من المهلكين فلن نفرح بانتصار ولن تفرحوا بانتصاركم علينا .
بدأ النمل الضيف ينظر إلى نفسه إنه كلامٌ حكيمٌ ، لكن أنجعل لكم الانتصار فتسودا علينا وترفعوا رؤوسكم وننكسر نحن ؟ لا ، لا ...
قال الحكيم : إذا ارجعوا وفروا من المارد بدلاً من موتكم المحقق منه .
بدأت كتائب النمل الضيف تنظر إلى بعضها إنها الحكمة والحق فماذا نصنع ؟
قال الحكيم : هل جئت لسيادة أم لإهلاك عدو ابن عمكم وعدوكم ، اسألوا وحددوا الإجابة ، أوما تعلموا أن أي سلطان لسيادة لن يدوم وأن سلطان العدل والحق هو الدائم ؟
قالوا : كلامك حكيم ، ولكن
فقاطعهم الحكيم قائلاً : بل انتصروا على أنفسكم ، وكونوا وأبناء عمومتكم يدًا واحدة ، ودعوا الجاهلية فهي منتنة ، وهيا ليكون منكم ما يكون من أبناء العم ، نحن فخورين بأن تكونوا معنا ضد المارد العاتي ، ونفخر أكثر إذا ما تزايدت الأواصر بيننا فهيا إلى أفراح النصر المبكر انتصارنا على الذات ، ثم انتصارنا على المارد ، ولتتقدم منكم كتائب للجهاد وليتقدم منكن من يريد التزوج معنا ، وأنا أريد لابني بنت عمه فلان فهي ذات أصل مكين . وهذا ابن عمكم لن يجد كفاً لابنته خير من فلان .
خرجت منهم الصفوف صفوف للقتال ، وأخرى لإقامة الأفراح .
وتوجه الحكيم وقص على إخوته وقريته ما حدث وبدأت كتائبهم تقترب أكثر من المارد الذي نظر إليه الحكيم فوجده يتألم ويتحسر وتزداد حسرته وما هي إلا ساعات ومات المارد ، وشيدت أفراح الانتصار ، وشيدت أفراح اتحاد القريتين والمملكتين . ومن ساعتها وكل المردة تخشاهم و..
منقول من أهل الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/forum/...D9%84?t=218954
وكان قبل الربيع الأمريكي في بلاد العرب
بتاريخ 3/8/2010