تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: فقه المياه وبعض ما يتعلق بها من أحكام ( 6 ) - إعداد / عبدرب الصالحين العتم

  1. #1

    افتراضي فقه المياه وبعض ما يتعلق بها من أحكام ( 6 ) - إعداد / عبدرب الصالحين العتم

    فقه المياه وبعض ما يتعلق بها من أحكام
    الجزء السادس
    إعداد / العبد الفقير إلى الله
    أبو معاذ / عبدرب الصالحين أبوضيف العتموني
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
    وبعد
    ● الحِكمة من الأمر بغسل اليدين قبل غمسهما في الإناء عند الاستيقاظ من النوم :
    اختلف العلماء في ذلك على قولين :
    القول الأول :
    أن الحكمة معقولة ومدركة وليست معنوية وهي الشك في نجاسة اليد بجولانها في بدن النائم بدون إحساس فقد تلامس أمكنة من بدنه لم يتم تطهيرها بالماء فتعلق بها النجاسة وهذا هو المشهور من مذهب الشافعية .
    وذكر الشافعية عن أهل الحجاز : أنهم كانوا يستجمرون بالأحجار وكانت بلادهم حارة فيعرقون وربما طافت أيديهم في موضع النجاسة فتنجست .
    القول الثاني :
    أن العلة تعبدية لا يعقل معناها وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة واستدلوا على ذلك بأن الأحكام لا تبنى على الشك وذلك أن اليقين في اليد أنها طاهرة ونجاستها أثناء النوم مشكوك فيها فلا يؤمر بغسلها لنجاستها لأن اليقين لا يزال بالشك فيكون الأمر في ذلك تعبدياً فيجب الامتثال دون النظر إلى سبب الوجوب .
    فائدة : الفرق بين القولين أن من تيقن أين باتت يده كمن لف عليها خرقة أو وضعها في جراب فاستيقظ وهي على حالها أنه لا يتعلق بها هذا الحكم فلا يؤمر بغسلها على القول بأنه معلل بعلة محسوسة مدركة وأما على القول بأنه تعبدي فيؤمر بغسلها مطلقاً تيقن طهارتها أو شك في ذلك .
    القول الثالث :
    أن العلة مبيت الشيطان على يده وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله وقالا : هذه العلة نظير تعليل الاستنثار بمبيت الشيطان على الخيشوم في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه ) فأمر بالغسل معللاً بمبيت الشيطان على خيشومه فعلم أن ذلك سبب الغسل وقوله : ( فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) يمكن أن يراد به ذلك وهو الخشية من عبث الشيطان بيد الإنسان وملامستها فتكون هذه العلة من العلل المؤثرة التي شهد لها النص بالاعتبار .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( أما الحكمة في غسل اليد ففيها ثلاثة أقوال :
    أحدها : أنه خوف نجاسة تكون على اليد مثل مرور يده موضع الإستجمار مع العرق أو على زبلة ونحو ذلك .
    والثاني : أنه تعبد ولا يعقل معناه .
    والثالث : أنه من مبيت يده ملامسة للشيطان كما في الصحيحين عن أبى هريرة عن النبي أنه قال "إذا إستيقظ أحدكم من منامه فليستنشق بمنخريه من الماء فان الشيطان يبيت على خيشومه" فأمر بالغسل معللاً بمبيت الشيطان على خيشومه فعلم أن ذلك سبب للغسل عن النجاسة والحديث معروف وقوله "فان أحدكم لا يدري أين باتت يده" يمكن أن يراد به ذلك فتكون هذه العلة من العلل المؤثرة التي شهد لها النص بالاعتبار ) أهـ .
    وقال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( فإن قيل : ما الحكمة في النهي عن غمس اليد قبل غسلها ثلاثاً لمن قام من النوم ؟ .
    أجيب : أن الحكمة بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : "فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده"
    فإن قال قائل : وضعت يدي في جراب فأعرف أنها لم تمس شيئاً نجساً من بدني ثم إنني نمت على استنجاء شرعي ولو فرض أنها مست الذكر أو الدبر فإنها لا تنجس ؟ .
    فالجواب : أن الفقهاء رحمهم الله قالوا : إن العلة غير معلومة فالعمل بذلك من باب التعبد المحض لكن ظاهر الحديث أن المسألة معللة بقوله : "فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" .
    وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن هذا التعليل كتعليله صلى الله عليه وسلم بقوله : "إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه" فيمكن أن تكون هذه اليد عبث بها الشيطان وحمل إليها أشياء مضرة للإنسان أو مفسدة للماء فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يغمس يده حتى يغسلها ثلاثاً .
    وما ذكره الشيخ رحمه الله وجيه وإلا فلو رجعنا إلى الأمر الحسي لكان الإنسان يعلم أين باتت يده لكن السنة يفسر بعضها بعضاً ) أهـ .
    ● حُكم الشك في طهارة الماء ونجاسته :
    ينبغي أن يُعلم أنه ليس في الشريعة شي مشكوك فيه ألبته وإنما يُعرض الشك للمكلف بتعارض أمارتين فصاعدا فتصير المسألة مشكوك فيها بالنسبة إليه فهي شكية عنده وربما تكون ظنية عند غيره وقطعية عند آخرين فكون المسألة شكية أو ظنية أو قطعية ليس وصفاً ثابتاً لها وإنما هو أمر يُعرض لها عند إضافتها إلى حُكم المكلف .
    وينبغي أن يُعلم أن مراد كثير من الفقهاء بالشك في الماء والحدث والنجاسة والصلاة والصوم والطلاق والعتق ونحو ذلك هو التردد بين وجود الشئ وعدمه سواء كان الطرفان في التردد سواء أو أحدهما راجحاً فهذا معناه في مصطلح الفقهاء في كتب الفقه .
    وأما أصحاب الأصول ففرقوا بينهما فقالوا : التردد بين الطرفين إن كان على السواء فهو الشك وإلا فالراجح ظن والمرجوح وهم .
    وهذه المسألة : أي مسألة الشبهة والشك في طهارة الشيء ونجاسته من المسائل التي تعم بها البلوى .
    ومن عادة أهل العلم رحمهم الله أنهم يذكرون مسائل الشك في الطهارة والحدث في كتاب الطهارة ويجعلون هذه المسائل قاعدة عامة .
    والأصل في هذه المسائل : أن الشريعة كلفت المكلف بما يستيقنه أو يغلب على ظنه أما ما شك فيه وتوهم فهذا لا يبنى عليه حكم .
    فإذا شك المسلم في نجاسة الماء أو طهارته بنى على اليقين الذي علمه قبل الشك فإذا علم نجاسة الماء ثم شك في طهارته فهو نجس وكذا إذا شك في نجاسته والأصل طهارته فهو طاهر لأن الأصل بقاء الشيء على ما كان وهذا هو اليقين وهذا الأصل مبني على القاعدة الشرعية العامة وهي : { أن اليقين لا يزول بالشك } .
    لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيماً للشيطان ) رواه مسلم .
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد حركة في دبره أحدث أو لم يحدث فأشكل عليه فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ) رواه أبوداود والبيهقي وأحمد وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
    فمن تيقن طهارة الماء وشك في نجاسته فالأصل بقاؤه على الطهارة وإن تيقن نجاسته وشك في طهارته فالأصل بقاؤه على النجاسة وهذا متفق عليه بين العلماء .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( إذا شك في طهارة الماء أو غيره أو نجاسته بنى على اليقين يعني إذا تيقن الطهارة ثم شك هل تنجس أم لا ؟ بنى على ما تيقنه من طهارته وكذلك إذا تيقن النجاسة ) أهـ .
    وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله : ( إذا تيقن الطهارة أو النجاسة في ماء أو ثوب أو أرض أو بدن وشك في زوالها فإنه يبني على الأصل إلى أن يتيقن زواله ولا يكتفي في ذلك بغلبة الظن ولا غيره وكذلك لو تيقن حدثا أو نجاسة وغلب على ظنه زوالها فإنه يبني على الأصل وكذلك في النكاح والطلاق وغيرهما ) أهـ .
    وقال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( قوله : "وإن شك في نجاسة ماء أو غيره أو طهارته بنى على اليقين" أي : في نجاسته إذا كان أصله طاهراً وفي طهارته إذا كان أصله نجساً .
    مثال الشك في النجاسة : لو كان عندك ماء طاهر لا تعلم أنه تنجس ثم وجدت فيه روثة لا تدري أروثه بعير أم روثة حمار والماء متغير من هذه الروثة فحصل شك هل هو نجس أم طاهر ؟ .
    فيقال : ابن على اليقين واليقين أنه طهور فتطهر به ولا حرج .
    وكذا إذا حصل شك في نجاسة غير الماء .
    مثاله : رجل عنده ثوب فشك في نجاسته فالأصل الطهارة حتى يعلم النجاسة .
    وكذا لو كان عنده جلد شاة وشك هل هو جلد مذكاة أم جلد ميتة فالغالب أنه جلد مذكاة فيكون طاهراً .
    وكذا لو شك في الأرض عند إرادة الصلاة هل هي نجسة أم طاهرة فالأصل الطهارة .
    ومثال الشك في الطهارة : لو كان عنده ماء نجس يعلم نجاسته فلما عاد إليه شك هل زال تغيره أم لا ؟ فيقال : الأصل بقاء النجاسة فلا يستعمله .
    وقوله : "بنى على اليقين" اليقين : هو ما لا شك فيه والدليل على ذلك من الأثر : حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم شكي إليه الرجل يجد الشيء في بطنه فيشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا ؟ فقال : "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" .
    فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالبناء على الأصل وهو بقاء الطهارة .
    ولما قال الصحابة رضي الله عنهم : يا رسول الله إن قوماً يأتونا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "سموا أنتم وكلوه" .
    قالت عائشة رضي الله عنها وهي راوية الحديث : وكان القوم حديثي عهد بالكفر مع أنه يغلب على الظن هنا أنهم لم يذكروا اسم الله لحداثة عهدهم بالكفر ومع هذا لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالسؤال ولا البحث .
    ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر هو وعمرو بن العاص بصاحب حوض فسأل عمرو بن العاص صاحب الحوض : هل هذا نجس أم لا ؟ فقال له عمر : يا صاحب الحوض لا تخبرنا .
    وفي رواية : أن الذي أصابهم ماء ميزاب فقال عمر : يا صاحب الميزاب لا تخبرنا ومن النظر : أن الأصل بقاء الشيء على ما كان حتى يتبين التغير وبناء عليه : إذا مر شخص تحت ميزاب وأصابه منه ماء فقال : لا أدري هل هذا من المراحيض أم من غسيل الثياب وهل هو من غسيل ثياب نجسة أم غسيل ثياب طاهرة ؟ فنقول : الأصل الطهارة حتى ولو كان لون الماء متغيراً قالوا : ولا يجب عليه أن يشمه أو يتفقده وهذا من سعة رحمة الله ) أهـ .
    وقال الشيخ عبد العزيز بن عبدالله الراجحي : ( إذا شك في طهورية الماء أو نجاسته فإنه يبني على اليقين إذا كان عنده يقين أن هذا الماء طهور لكن شك هل وقعت فيه نجاسة أو لم تقع فيبني على اليقين فالأصل أنه طهور ولا يعتبره نجساً وكذلك العكس إذا كان يعلم أن هذا الماء نجس لكن شك هل زالت النجاسة أو لم تزل ؟ وهل أخرجت أو لم تخرج ؟ فإنه يبقى نجساً فيعمل بالأصل وإذا شك في نجاسة الماء أو طهوريته فإنه يعمل بالأصل فإن كان يعلم أنه طهور وأن النجاسة هي التي طرأت ولا يدري هل طرأت أو لم تطرأ فإنه يعتبره طهوراً وكذلك إذا كان يعلم أن الماء نجس لكن شك هل طهر هذا الماء أو لم يطهر فإنه يبقى نجساً بناءً على الأصل ) أهـ .
    ● مسألة : وإن أخبره عدل بنجاسة الماء وعين السبب وجب قبول خبره وذلك كما لو قال له المسلم العدل ( حراً أو عبداً ذكراً أو أنثى أو خنثى ) هذا الماء الذي في الإناء نجس لأن الكلب ولغ فيه فانه يجب عليه قبول خبره ويحرم استعمال هذا الماء في الطهارة لأنه بين السبب ونحو ذلك .
    ● حُكم إذا اشتبه الماء الطهور بالماء النجس :
    الاشتباه هو مصدر اشتبه يقال : اشتبه الشيئان وتشابها إذا أشبه كل واحد منهما الآخر كما يقال : اشتبه عليه الأمر أي اختلط والتبس لسبب من الأسباب .
    فمثلاً إذا اختلطت الأواني اختلاط مجاورة وكان في بعضها ماء طهور وفي البعض الآخر ماء نجس واشتبه الأمر على الشخص ولا قدرة له على إيجاد ماء آخر طهور غير الذي في بعضها وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على خمسة أقوال :
    القول الأول :
    يجب عليه الاجتهاد والتحري لمعرفة الطهور منها فإذا اجتهد وغلب على ظنه طهورية أحدها بعلامة تظهر جاز له التطهر به وإلا فلا وبهذا قال جمهور الشافعية وبعض المالكية .
    واستدلوا بقوله تعالى : « فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا » وهذا واجد للماء فلم يجز التيمم ووجب الاجتهاد وبأن التطهر شرط من شروط صحة الصلاة يمكن التوصل إليه بالاجتهاد فوجب قياساً على القبلة وعلى الاجتهاد في الأحكام وفي تقويم المتلفات وإن كان قد يقع في الخطأ .
    القول الثاني :
    يجب عليه الاجتهاد والتحري إذا كان عدد أواني الماء الطهور أكثر من عدد أواني النجس فإن كان عدد أواني الماء الطهور مساوياً لعدد أواني النجس أو أقل لا يجوز له التحري بل يتيمم وبهذا قال الحنفية وبعض الحنابلة .
    واستدلوا بحديث الحسن بن علي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم : « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك » وكثرة النجس تريب فوجب تركه والعدول إلى ما لا ريب فيه وهو التيمم وبأن الأصول مقررة على أن كثرة الحرام واستواء الحلال والحرام يوجب تغليب حكمه في المنع كأخت أو زوجة اختلطت بأجنبية .
    وبالقياس على ما لو اشتبه ماء وبول فإنه لا يجتهد فيه بل يتيمم .
    القول الثالث :
    لا يجوز التحري في المياه المختلطة عند الاشتباه مطلقاً بل يترك الجميع ويتيمم وهو أحد قولي سحنون من المالكية وبه قال أبو ثور والمزني من الشافعية وأحمد وأكثر أصحابه .
    واستدلوا بأنه إذا اجتهد قد يقع في النجس وأنه اشتبه طاهر بنجس فلم يجز الاجتهاد فيه كما لو اشتبه ماء وبول .
    ثم اختلف هؤلاء فيما بينهم : فقال أحمد في إحدى الروايتين : لا يتيمم حتى يريق الماء لتحقق عدم الماء .
    وقال سحنون وأبو ثور والمزني : يتيمم وإن لم يرقه لأنه كالمعدوم .
    القول الرابع :
    يتوضأ ويصلي بعدد النجس وزيادة إناء وبهذا قال ابن الماجشون وهو القول الثاني لسحنون
    واستدلوا بأن الشخص في هذه الحالة معه ماء محقق الطهارة ولا سبيل إلى تيقن استعماله إلا بالتوضؤ والصلاة بعدد النجس وزيادة إناء فلزمه ذلك .
    القول الخامس :
    يجوز التطهر بأيها شاء بلا اجتهاد ولا ظن وهو وجه للشافعية واستدلوا بأن الأصل طهارة الماء في كل الأواني .
    الترجيح :
    قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( قوله : "وإن اشتبه طهور بنجس حرم استعمالهما" يعني : إن اشتبه ماء طهور بماء نجس حرم استعمالهما لأن اجتناب النجس واجب ولا يتم إلا باجتنابهما وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وهذا دليل نظري .
    وربما يستدل عليه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يرمي صيداً فيقع في الماء : " إن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك ؟ " .
    وقال : " إذا وجدت مع كلبك كلباً غيره فلا تأكل فإنك لا تدري أيهما قتله ؟ " .
    فأمر باجتنابه لأنه لا يدرى هل هو من الحلال أم الحرام ؟ .
    قوله : "ولم يتحر" أي : لا ينظر أيهما الطهور من النجس وعلى هذا فيتجنبهما حتى ولو مع وجود قرائن هذا المشهور من المذهب .
    وقال الشافعي رحمه الله : يتحرى وهو الصواب وهو القول الثاني في المذهب لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في مسألة الشك في الصلاة : "وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ثم ليبن عليه" فهذا دليل أثري في ثبوت التحري في المشتبهات .
    والدليل النظري : أن من القواعد المقررة عند أهل العلم أنه إذا تعذر اليقين رجع إلى غلبة الظن وهنا تعذر اليقين فنرجع إلى غلبة الظن وهو التحري هذا إن كان هناك قرائن تدل على أن هذا هو الطهور وهذا هو النجس لأن المحل حينئذ قابل للتحري بسبب القرائن وأما إذا لم يكن هناك قرائن مثل أن يكون الإناءان سواء في النوع واللون فهل يمكن التحري ؟ .
    قال بعض العلماء : إذا اطمأنت نفسه إلى أحدهما أخذ به وقاسوه على ما إذا اشتبهت القبلة على الإنسان ونظر إلى الأدلة فلم يجد شيئاً فقالوا : يصلي إلى الجهة التي تطمئن إليها نفسه فهنا أيضاً يستعمل ما اطمأنت إليه نفسه ولا شك أن استعمال أحد الماءين في هذه الحال فيه شيء من الضعف لكنه خير من العدول إلى التيمم ) أهـ .
    وقال أيضاً رحمه الله : ( الصحيح في هذه المسألة أنه متى أمكن التحري فإنه يتحرى ولدينا قاعدة معروفة عند أهل العلم وهي : ( إذا تعذر اليقين عملنا بغلبة الظن ) والتحري لا شك أنه ُيِّغلب الظن ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال وكان الحق ذكر الحديث قبل القاعدة ( إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ثم ليبن عليه ) فنحن نقول إن القول الراجح في هذه المسألة إذا اشتبه طهور بنجس أنه متى أمكن التحري بأي علامة تكون وجب عليه أن يتحرى ويتوضأ بما يغلب على ظنه أنه طهور وإذا تحريت فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها حتى لو تبين أنه نجس فيما بعد فليس عليك شيء ) أهـ .
    ● حُكم إذا اشتبه الماء الطهور بالماء الطاهر :
    قال ابن قدامة رحمه الله : ( إذا اشتبه ماء طهور بماء قد بلطت طهوريته توضأ من كل واحد منهما وضوءاً كاملاً وصلى بالوضوءين صلاة واحدة لا أعلم فيه خلافاً لأنه أمكنه أداء فرضه بيقين من غير حرج فيه فلزمه كما لو كانا طاهرين ولم يكفه أحدهما وفارق ما إذا كان نجساً لأنه ينجس أعضاءه يقيناً ولا يأمن أن يكون النجس هو الثاني فيبقى نجساً ولا تصح صلاته ن فإن احتاج إلى أحد الإناءين في الشرب تحرى فتوضأ بالطهور عنده ويتيمم معه ليحصل له اليقين ) أهـ .
    أخي الحبيب :
    أكتفي بهذا القدر وأسأل الله عز وجل أن يكون هذا البيان شافياً كافياً في توضيح المراد وأسأله سبحانه أن يرزقنا التوفيق والصواب في القول والعمل .
    وما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ أو زلل فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان والله الموفق وصلي اللهم علي نبينا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين .
    أخوكم
    أبومعاذ / عبدرب الصالحين أبوضيف العتموني
    وشهرته / عبدربه العتموني
    ج . م . ع / محافظة سوهاج / مركز طما / قرية العتامنة
    01002889832 / 002

  2. #2

    افتراضي رد: فقه المياه وبعض ما يتعلق بها من أحكام ( 6 ) - إعداد / عبدرب الصالحين العتم

    بارك الله فيكم
    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •