تمايز معنى وإعراب التراكيب في إطار الصيغة
رُوي عن عتبان الحروري أنه قال:
فإن يك منكم كان مروان وابنه //وعمرو ومنكم هاشمٌ وحبيبُ
فمنَّا حُصين والبُطين وقُعنُب//ومِنَّا أمـــيرُ المؤمنين شبيبُ
فلما بلغ الشعر الخليفة هشاما ، وظفر به قال له:أنت القائل:ومنا أميرُ المؤمنين شبيبُ ؟ فقال:لم أقل كذا ، وإنما قلت:ومنا أميرَ المؤمنين شبيبُ ، فتخلص بفتحة الراء بعد ضمها . وهذا يعني أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في هذين التركيبين اللذين يتمايزان من حيث المعنى في إطار الصيغة نظرا لتغير منزلة المعنى بين أجزاء التركيب:
قال الشـاعر:ومِنَّا أميرُ المؤمنين شبيبُ .
وقال الشاعر:ومِنَّا أميرَ المؤمنين شبيبُ .
التركيب الأول برفع كلمة "أميرُ" يعني أنَّ شبيبا هو أمير المؤمنين ،و"منا "خبر مبتدأ مقدَّم ،و"أميرُ":مبتدأ مؤخر ،و"شبيب" :بدل . أما التركيب الثاني بنصب كلمة "أميرَ"فيكون على النداء ، وهشام هو أمير المؤمنين ، أي:ومنا يا أميرَ المؤمنين شبيبُ ، و"منا" خبر مقدم ،وشبيب : مبتدأ مؤخر. وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي ،وأن الإنسان يتحدث بمستويات تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى وإعراب التراكيب .