الفرق بين التحزب والجمعية
أقول بتوفيق الله وعونه : هناك فروق بين الجمعيات والتحزّبات لا يجهلها إلا من هو مخدور بسكران التفرّق ودونك هذه الفروق
الفرق الأوّل : أنّ أصلهما مختلف فأصل الجمعيات الإباحة بحيث يكون أصل التحزّب محلّ حرمة عند العلماء أو عبادة يُتقرّب إلى الله كما يقرره المتحزّبة ولذا فلا يصح القياس لاختلافهما في الحكم
............... وَذاكَ قِياسٌ تَرْكُهُ كانَ أقيَسَا
والثّاني : أن الجمعية من باب الوكالة فإنّ أربابها يُشترط فيهم شروط الوكيل كما يُشترط نفسها شروط الوكالة تماماً فلهذا إن فُقد شرط من شروطها تكون الجمعية غير صحيحة .
ذكر الماورديّ في "الحاوي"(3/184)أنّ العلماء قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ النِّيَابَةِ فِي تَفْرِيقِ الزَّكَاةِ .
قلت : وهل تعدو أعمال الجمعيات تفريق الزكوات والصدقات وتوزيع الكتب والمطويات ونحو ذلك .
وقد قرّرت اللجنة الدّائمة جواز دفع الزكاة إلى الجمعية بشروط آتية :
1 - أن لا تكون الزكاة من الأموال الظاهرة .
2 - أن لا تكون الزكاة مما طلبه ولي الأمر بل ممن خلى ولي الأمر بين صاحبها وبينها ليتولى دفعها إلى مستحقيها بنفسه أو بمن ينيبه .
3 - أن يصرفها المسئولون عن هذه الجمعية في مصارفها الشرعية ، ويكون في أقرب وقت ممكن .
ويكون مدار التحزّب على التفرّق والتكتّل المذموم كما نصّ عليه أئمة العصر وقد سبق بيانه .
الثالث : أنّ المشرفين على الجمعيات لا يلزمون النّاس أخذ البيعة والطاعة في المكره والمنشط إلا أن تكون حزبية تحت ستار الجمعيات .
وأمّا أنصار الحزبية فيأخذون البيعة ومن آثارها الطاعة لأمراءالأحزاب في المنشط والمكره .
وهل يردّد بعد هذه الفروق عاقل بأنّ تاسيس الجمعيات والأحزاب سيّان ؟!!!
ومن لم يعرف الفروق لم يذق حلاوة العلم ولذته وصار معيباً عند أهل النظر .
تنبيهان :
الأوّل : أنّ الجمعيّة قد يستعمل بعض العلماء بمعنى الهكبة ولهذا يتنبّه إلى هذا العرف .
الثّاني : أنّ كبار علماء السّلفيّة كالألباني وابن باز وابن عثيمين والوادعيّ لا ينكرون الجمعيّات مطلقاً وإنّما ينكر منكرهم الجمعيات الحزبيّة أو المشتملة على محظور .
قال الوادعيّ في "تحفة المجيب ": فمن قال لك: إننا نطعن في الجمعيات؟ نعم، إننا نطعن في بعض الجمعيات التي اشتملت على حزبيات وعلى ولاء ضيق وعلى لصوصية واختلاس الأموال، فهذه هي التي نطعن فيها وننفر عنها .اهـ