تمايز مستويات نظم التراكيب في إطار الصيغة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في هذه التراكيب:
نقـول:إن تدرسْ تنجحْ .
ونقول:إن تدرسْ نجحتَ.
ونقول:إن درستَ نجحتَ.
.........................إل
ولكل تركيب معنى ومستوى ،فالتركيب الأول من مستوى الكلام المستقيم الحسن حيث جئنا بفعلي الشرط والجواب مضارعين مجزومين بعد "إن" لأن العرب تستعمل "إن" في المستحيل والنادر والقليل والمشكوك بحصوله ولهذا يجزم الفعل بعدها لأن الجزم يعني عدم الفعل أو الشك فيه أو قلته .....إلخ ، فهناك احتياج معنوي على أشده بين "إن" وبين الفعلين المضارعين المجزومين ،أما التركيب الثاني فهو مستقيم قبيح ، لانخفاض منسوب الاحتياج المعنوي ومنزلة المعنى بين أجزاء التركيب ،وإن كان المعنى مختلفا ، فالمستوى مختلف ، وهو أقل مما قبله لضعف منزلة المعنى بين أجزاء التركيب ،أما التركيب الثالث فضعيف جدا لضعف الاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب أكثر وأكثر. فالعربي يقول كل شيء ويتحدث بحسب الأهمية المعنوية عنده وبمستويات ، فإن توافر الاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب كان التركيب مستقيما حسنا ،وإن قل الاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب كان التركيب قبيحا أو ضعيفا......إلخ ، ومما يدل على ذلك قول زهير بن أبي سلمى:
وإن أتاه خليل يوم مسغبة//يقولُ لا غائب مالي ولا حرم
وقد جاء بفعل الشرط ماضيا للدلالة على كثرة الضيفان ،وجاء بفعل الجواب مضارعا مرفوعا للدلالة على الكرم ،ولو جاء بالفعلين مجزومين لدلّا على قلة الضيفان وعلى البخل ، فمعنى البيت مختلف و مستواه اللغوي منخفض لعدم توافر الاحتياج المعنوي بين "إن" المبني عليه والمباني . وبهذا يتضح أن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس بمعان مختلفة وبمستويات مختلفة ، فيقول:إن تدرسْ تنجحْ ،وإن تدرسْ نجحتَ،وإن درستَ نجحتَ ،وإن درستَ تنجحُ ،.............إلخ، و منزلة المعنى بين أجزاء التركيب هي الضابط والمعيار في تمايز مستوى نظم التراكيب.