الداعية بين الفتور والنفورالحمد لله والصلاة والسلام على سيد المرسلين
وبعد
الفتور داء الدعاة العضال ، تُنَكس له الرؤس وتمل منه الأنفس ، يصيب الداعية في مقتل ، فلا يدعه في ساحات الدعوة يناوش ، ويحاور ويتكلم ، بل تجده كسولا خمولا ، حتى يقربه إلى – عياذا بالله – اليأس والقنوط . فالفتور المحارب الشرس للداعية يأتيه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله ، فالحذر الحذر .
عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لكل عمل شرة ، ولكل شرة فترة ، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح ، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك " رواه أحمد رحمه الله وصححه الألباني رحمه الله .
فبتوبتك ورجوعك إلى الله تعالى يجعلك شَرِه في العمل ، شَرِه في طلب العلم ، شَرِه في عمل الخير ؛ لذلك ينبهك حبيبك صلى الله عليه وآله وسلم إلى أنه ستصيبك الشراهة في حب الأعمال ،ولكن سيأتيك المحارب الشرس الفتور ليثنيك عن معركتك مع الشيطان وأعداء الدين ، والتزود من التقوى إلى فتور وخمول ونفور من الأعمال ، فيسقط الأمل وتضيع الأمنيات ، ويكون حالك قول القائل : ماترك الأول للآخر .
الفتور جاء للسابقين ولكنهم كانوا يغالبونه 1- بزيارة الصالحين ،2- بالمواظبة والمداومة على الأعمال وإن قلَّت " فالله يحب من الأعمال أدومها وإن قل " 3- بزيارة القبور لتذكر الموت و الآخرة ، 4- الاستغفار ؛لأن سبب الفتور الذنوب الخفية .5- يتذكر قوله تعالى " ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم " ثبطهم عن فعل الخير فاحذر أن لاتكون من فاعلي الخير . 6- لايهمل الفرائض في المسجد .
قال عمر رضي الله عنه : إن هذه القلوب لها إقبالا وإدبارا ، فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل ، وإذا أدبرت فألزموها بالفرائض .
قال ابن القيم رحمه الله : تخلل الفترات للسالكين أمر لابد منه ، فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد ، ولم تخرجه من فرض ، ولم تدخله في محرم رجي له أن يعود خيرا مما كان .
فاحذر الفتور الذي يسبب النفور إن مللت الناس . فالناس هم عدتك لدخولك الجنة .
وصل اللهم على محمد وآله .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
عادل الغرياني