تمايز مستويات نظم التراكيب في إطار علامة أمن اللبس
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في هذين التركيبين:
تقول العرب:هذا راقودٌ خلاًّ .
ويقولـون:هذا راقودٌ خلٌّ.
"خلاّ" تمييز منصوب ، وهو من مستوى الكلام المستقيم الحسن ،أما خلٌّ فهي صفة ،وهي من مستوى الكلام المستقيم القبيح ،لأنه لا ينعت بالجوهر،جاء في الكتاب في نصب الحال والتمييز:باب ما ينتصب لأنه قبيح أن يكون صفة ، ومثَّل له بقوله :هذا راقودٌ خلاّ ،وهذا نحي سمنا ، وجاء في الكتاب " وإنما فررت إلى النصب في هذا الباب كما فررت إلى الرفع في قولك :بصحيفة طينٌ خاتمها لأن الطين اسم وليس مما يوصف به ولكنه يضاف إليه" ومن قال:بصحيفةٍ طينٍ خاتمُها ،قال:هذا راقودٌ خلٌّ ،وهذا قبيح أجري على غير وجهه ، بل ذكر يونس أنه لم يسمع الوصف بالجوهر من ثقة "(1)والذي يبدو لي أن الأمر عائد إلى منزلة المعنى والاحتياج المعنوي ،وأنه قد ينعت بالجوهر إذا كانت الصفة جنسا للموصوف ،فالعرب تقول:هذا ثوبٌ صوفٌ وهذا خاتمٌ ذهبٌ ، ويمنعون :هذا راقودٌ خلٌّ ومررت بصحيفةٍ طينٍ خاتمُها لأن الخل ليس من جنس الراقود والطين ليس من جنس الصحيفة ، ولهذا يهربون إلى النصب في :هذا راقودٌ خلاِّ، وإلى الرفع في :مررت بصحيفةٍ طينٌ خاتمها لأن الخاتم من الطين ، وليست الصحيفة، ومررت بسرجٍ خزٌّ صفتُه لأن الصُفَّة من الخز وليس السرج .وبهذا يتضح أن الإنسان يتحدث تحت رعاية منزلة المعنى وعلامات أمن اللبس ،وأن منزلة المعنى هي المعيار في تمايز مستويات نظم التراكيب
. ============================== =
(1) سيبويه – الكتاب –ج1 –ص274-275