الداعية بين الرمز والرمس
الحمد لله والصلاة على رسول الله
أنا وأنت والكل يحاول جاهدا أن يحافظ على رمزه في الدنيا ، ويخشى أن تخدش سيرته بين أحبابه وأصحابه ، ولكن هل عمل لما بعد الرمس ( لما بعد القبر ) هل خاف على سيرته في القبر كما كان يخاف في الدنيا ؟
هل عمل لسيرته في الرمس بأنه سينال عما عمل وعما قال ، يوم تشهد عليهم....... فاحذر من الفضيحة الكبرى .
هل تذكر أفعالك المشينة ، ونظراتك الغادرة ، وخلواتك التي لم تراع فيها حرمات الله تعالى ، وجعلته أهون الناظرين إليك .
هناك في الرمس سيحتقر الرمز ولا يعد شيئا . فالرمز عبارة عن خواء ، " إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ...." فرمزك أعمالك في الخفاء
قال الحسن رحمه الله : تفقدوا حلاوة الإيمان في الذكر والصلاة والقرآن .
أبو بكر الصديق يقول : لو إحدى قدماي في الجنة ما أمنت مكر الله ،ويعمل خفاء وجهارا حتى في أيام خلافته يخدم عجوزا ، يخاف على رمزه في رمسه .
فاروق الأمة بالليل يبكي بالقرآن ويسهر بالصلاة والخوف ، وبالنهار تـأخذه الغفوة من قلة نومه ، يرى في وجهه خطان أسودان من البكاء وهو المبشر بالجنة ، الملهم الموهوب تنزل آيات الذكر الحكيم على لسانه ، لو كان نبيا بعدي لكان عمر ، مرعب الشيطان ما رآه في مكان إلا سلك طريقا آخر ، قاهر النفاق ، كاسر ظهر الفتنة ، يخاف على رمزه .
وأفضل أعمال الخفاء الصيام يحكى أن أحد أجدادك من التابعين صام أكثر من 20 سنة ، يصوم ولاأحد يدري له بالا حتى أهل بيته ، كان يذهب في الصباح لحانوته ومعه الطعام تجهزه له زوجه كل يوم ، ولكنه يتصدق به ،ويرجع عشاء ليفطر معهم ، فهذا حافظ على رمزه في رمسه .
زين العابدين علي بن الحسين وهو يُغسل يرى في ظهره آثار وخطوط سوداء فظنوا سوءا من يغسله . وبعد مماته كثر الفقراء في الطرق ، عندها علم الفقراء أنه كان يحمل على ظهره الطعام لهم بنفسه ويوزعها بنفسه وحاله كحال عمر " من يحمل عني " خائف على رمزه .
أخي الداعية : إن الحديث عن أجدادك لمفخرة ، لا يمل الحديث عنهم ، ولكن أين أنت منهم ؟ هل تقلدهم
" تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح "

هم خافوا على رموزهم ولكن في قبورهم ، فهل ستكون سيدا في قبرك ، أم عبدا آبقا ؟
تذكر :
إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب عن عبدي وبالعصيان تأتيني
وصل اللهم على محمد وآله وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
عادل الغرياني