تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 70

الموضوع: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

  1. #21

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    كما رفض رحمه الله عطية شيخه عبدالرزاق بن همّام الصنعانيّ
    لمَّا كان عنده باليمن،
    مع أنّه كان في أمَسِّ الحاجة إليها .


    كما امتنع عن قبول هدية ابن الجرويّ
    ومقدارها ثلاثة آلاف دينار، مع الإلحاح الشديد .


    قلت:
    وهذا من تمام توكل الإمام أحمد رحمه الله
    على الخالق الرازق عزَّوجلّ،

    حيث سئل الإمام أحمد عن التوكل فقال:

    ((قطع الاستشراف بالإياس من الخلق)).

    الحمد لله رب العالمين

  2. #22

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    وقد وصف زهد الإمام أحمد جمع من معاصريه،
    من شيوخه وأقرانه وتلاميذه.

    فمن ذلك:
    قال يحيى الشامي:

    "ما رأيتُ أحداً أجمع لكل خير من أحمد،
    وقد رأيتُ سفيان بن عيينة ووكيعاً وعدة من العلماء.
    فما رأيت مثل أحمد في:
    علمه، وفقهه، وزهده، وورعه" .


    وقال يحيى بن معين:

    "كان في أحمد خصال ما رأيتها في عالم قط،
    كان محدِّثاً،
    وكان حافظاً،
    وكان عالماً،
    وكان ورعاً،
    وكان زاهداً،
    وكان عاقلاً" .
    الحمد لله رب العالمين

  3. #23

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    ومن أجمل ما رأيت في وصف زهد الإمام أحمد
    قول تلميذه: سليمان ابن الأشعث السجستاني
    – صاحب السنن –:

    "لقيت مائتين من مشايخ العلم،
    فما رأيت مثل أحمد بن حنبل
    لم يكن يخوض فيه النَّاس من أمر الدنيا.
    فإذا ذُكر العلم تكلم" .


    وقال أبو داود أيضاً:

    "كانت مجالسةُ أحمد بن حنبل مجالسةَ الآخرة.
    لا يُذكر فيها شيء من الدنيا.
    ما رأيتُ أحمد ذكر الدنيا قط" .


    قلت:
    وأعْظِم بها من شهادة،
    من رجل حافظ ثقة مصنِّف دقيق العبارة،
    أحد الذين تتلمذوا وأكثروا عن الإمام أحمد،
    وعرفه تمام المعرفة.

    وأختم حديثي عن زهد الإمام أحمد
    بقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى:

    "وقد صنَّف أحمد في الزهد كتاباً حافلاً عظيماً،
    لم يُسبق إلى مثله،
    ولم يَلْحقه أحدٌ فيه.
    والمظنون بل المقطوع به
    أنّه إنّما كان يأخذ بما أمكنه منه
    رحمه الله" .

    الحمد لله رب العالمين

  4. #24

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    فقه الإمام أحمد:

    الحديث عن فقه الإمام أحمد وتضلّعه في هذا الباب يطول،
    ومن المعلوم أنَّ مذهب الإمام أحمد في الفقه
    أحد المذاهب المعتبرة،
    ويعتبر رابع المذاهب المشهورة.


    وقد أقام الإمام أحمد بن حنبل مذهبه الفقهي على خمسة أصول
    كما بينها ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى وهي:


    الأول:
    النصوص:
    فإذا وجد النّص أفتى بموجبه
    ولم يتلفت إلى ما خالفه ولا من خالفه كائناً من كان.

    الثاني:
    ما أفتى به الصحابة:
    فإنَّه إذا وجد لبعضهم فتوى لا يُعرف له مخالف منهم فيها
    لم يَعْدُها إلى غيرها.

    الثالث:
    إذا اختلف الصحابة
    تخيَّر من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنَّة،
    ولم يخرج من أقوال الصحابة.
    فإن لم يتبيَّن له موافقة أحد الأقوال،
    حكى الخلاف فيها،
    ولم يجزم بقول.

    الحمد لله رب العالمين

  5. #25

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    الرابع:
    الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه،
    وهو الذي رجحه على القياس.


    وقد بيّن الإمام ابن القيم المراد بالحديث الضعيف
    الذي يأخذ به الإمام أحمد،
    حينما قال رحمه الله تعالى:

    "وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر
    ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه فالعمل به.

    بل الحديث الضعيف عنده
    قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن،

    ولم يكن يقسم الحديث إلى:
    صحيح وحسن وضعيف،
    بل إلى: صحيح وضعيف،

    وللضعيف عنده مراتب
    فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه،
    ولا قول صاحب،
    ولا إجماع على خلافه،
    كان العمل به عنده أولى من القياس. أ هـ".

    الحمد لله رب العالمين

  6. #26

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    الخامس:

    إذا لم يكن عند الإمام أحمد في المسألة نص،
    ولا قول صحابة، أو أحد منهم،
    ولا أثر مرسل أو ضعيف،
    عدل إلى الأصل الخامس
    وهو: القياس،
    فاستعمله للضرورة .


    ثم قال الإمام ابن القيم:
    ((فهذه الأصول الخمسة من أصول فتاويه، وعليها مدارها.
    وقد يتوقف في الفتوى، لتعارض الأدلة عنده.
    أو لإختلاف الصحابة فيها،
    أو لعدم إطلاعه فيها على أثر أو قول
    أحد من الصحابة والتابعين.


    وكان يدرس الكراهة والمنع للإفتاء بمسألة
    ليس فيها أثر عن السلف،

    كما قال لبعض أصحابه:
    إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام.


    وكان يسوِّغ من استفتاء فقهاء الحديث وأصحاب مالك،
    ويدل عليهم،
    .....
    ويمنع من استفتاء من يُعرض عن الحديث،
    ولا يبني مذهبه عليه ولا يسوغ العمل بفتواه...)) .
    الحمد لله رب العالمين

  7. #27

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    بعد هذا العرض الموجز في أصول مذهب الإمام أحمد

    أقول:

    إنَّ الإمام أحمد بن حنبل أحد المحدِّثين البارزين،
    جمع من علمه بالحديث ورجاله فقهاً
    استطاع به أن يعرف دلائل النصوص ومراميها.

    فقد قال إسحاق بن راهُويه رحمه الله تعالى:

    "كنت أُجالس بالعراق:
    أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأصحابنا،
    وكنا نتذاكر الحديث من طريق وطريقين وثلاثة.

    فيقول يحيى بن معين من بينهم:
    وطريق كذا.
    فأقول: أليس هذا صحَّ بإجماع منَّا؟
    فيقولون: نعم.

    فأقول: ما مراده، ما تفسيره، ما فقهه؟!

    فيبقون كلهم إلا أحمد بن حنبل" .

    الحمد لله رب العالمين

  8. #28

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    وقد أثنى كثير من العلماء
    على فقه الإمام أحمد بن حنبل
    ثناءً عظيماً،

    ومن ذلك ما قاله شيخه عبدالرزاق بن همّام:

    "ما رأيتُ أفقه من أحمد بن حنبل ولا أروع" .


    وقال أبو عبيد القاسم بن سلام:

    "انتهى العلم إلى أربعة:
    إلى أحمد بن حنبل وهو أفقههم فيه،
    وإلى ابن أبي شيبة وهو أحْفظهم له،
    وإلى عليّ بن المدينيّ وهو أعلمهم به،
    وإلى يحيى بن معين وهو أكتبهم له" .

    وهذه شهادة جليلة من أبي عبيد
    الذي قال عنه إبراهيم الحربي:

    "رأيتُ أبا عبيد القاسم بن سلام ما مثله
    إلا بجبل نُفخ فيه روح" .

    وقال عنه ابن القيم:

    "كان جبلاً نفخ فيه الروح
    علماً وجلالة ونبلاً وأدباً" .
    الحمد لله رب العالمين

  9. #29

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    كان الإمام الفقيه أبو ثور رحمه الله تعالى
    يُفضِّل أحمد بن حنبل على سُفيان الثوري في الفقه والعلم،

    حيث قال:

    "أحمد بن حنبل أَعْلم من الثوري وأفقه" .


    لذلك كان أبو ثور يحترم آراء الإمام أحمد ويُفتي بها.
    قال المروذي:

    "حضرت أبا ثور وقد سُئل عن مسألة.
    فقال: قال أبو عبدالله أحمد بن حنبل شيخنا وإمامنا
    فيها كذا وكذا" .
    الحمد لله رب العالمين

  10. #30

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    وقال ابن ماكولا:

    "كان أعلم النَّاس بمذاهب الصحابة والتابعين" .

    وقال ابن الجوزيّ يصف فقه أحمد:

    "قد خرج عنه اختيارات بناها على الأحاديث
    بناءً لا يعرفه أكثرهم،
    وخرج من دقيق الفقه ما ليس نراه لأحد منهم،
    وانفرد بما سلموه له من الحفظ،
    وشاركهم وربما زاد على كبارهم" .


    الحمد لله رب العالمين

  11. #31

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    الإمام أحمد والجرح والتعديل:


    كان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى
    من أئمة الجرح والتعديل،
    عارفاً بالرجال وعلل الحديث،
    نقَّاداً بارعاً يُعتمد عليه.

    قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي:

    "أنتم أعلم بالحديث والرجال
    – يعني: الإمام أحمد –
    فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني،
    إن شاء يكون كوفياً، أو شاء شامياً
    حتى أذهب إليه إن كان صحيحاً" .
    الحمد لله رب العالمين

  12. #32

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    وقال أبو حاتم:

    "كان أحمد بن حنبل بارع الفهم لمعرفة الحديث،
    لصحيحه وسقيمه،
    وتعلَّم الشافعيّ أشياء من معرفة الحديث منه.

    وكان الشافعي يقول لأحمد:
    حديث كذا وكذا قويّ الإسناد محفوظ؟
    فإذا قال أحمد: نعم.
    جعله أصلاً وبنى عليه" .

    وقال الحسن بن محمّد الخلال:
    قال عبدالرزاق الصنعاني:

    "رحل إلينا من العراق أربعة من رؤساء الحديث:

    الشاذكوني وكان أحفظهم للحديث،
    وابن المدينيّ وكان أعرفهم باختلافه،
    ويحيى بن معين وكان أعلمهم بالرجال،

    وأحمد بن حنبل وكان أجمعهم لذلك كله" .

    الحمد لله رب العالمين

  13. #33

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    وقال أبو يعلى:

    "هو إمام في الجرح والتعديل،
    والمعرفة والتعليل، والبيان والتأويل" .


    وقد قسم الإمام الذهبيّ المتكلمين في الرجال إلى ثلاثة أقسام،
    جعل الإمام أحمد في القسم الثالث
    حيث وصف أصحاب هذا القسم بأنهم:
    ((معتدلون منصفون)) .


    كما قال عنه الحافظ الذهبيّ:
    ((سأله جماعة من تلامذته عن الرجال،
    وجوابه بإنصاف، واعتدال،
    وورع في المقال)) .


    قلت:
    وكتابيه: ((العلل والرجال)) و((الأسماء والكنى))
    يشهدان بتضلع الإمام أحمد في هذا العلم الجليل،
    وأنّه وصل إلى منزلة ليست لكثير من الأئمة.

    الحمد لله رب العالمين

  14. #34

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    محنة الإمام أحمد بن حنبل:


    ذكرت في بداية حديثي عن الإمام أحمد أنَّه
    – رحمه الله تعالى –
    عاش في زمن استقرت فيه الأمور للدولة العباسية.
    ولكن ما لبث أن ظهر اعتماد المأمون على الجيش الفارسي
    لكي يستطيع التغلب على أخيه الأمين.
    وتم له ذلك فعلاً،
    ومنذ ذلك الحين بدأ تسرب الأعاجم إلى دار الخلافة.

    حتى جاء المعتصم من بعده فاعتمد على الترك
    الذين قوي نفوذهم بمرور الزمن.
    حتى جاء اليوم الذي اعتدوا فيه على الخلفاء
    وعاثوا في الأرض الفساد.
    وانقسمت الدولة الأم بعد ذلك انقسامات عديدة.
    كل ذلك بسبب الجهل الشديد
    بمبدأ من أعظم المباديء الإسلامية،
    هو: ((مبدأ الولاء والبراء)).

    وصدق الحق سبحانه وتعالى
    حينما قال في محكم التنزيل:

    "لاَّ تَجِدُ قَوماً يُؤمِنُونَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِر
    يُوَادُّونَ مَن حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ
    وَلَو كَانُوا آبَاءَهُم أَو أَبْنَاءَهُم أَو إخوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم
    أُوْلئكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ
    وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ"

    (سورة المجادلة آية 22).

    الحمد لله رب العالمين

  15. #35

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    وفي عصر المأمون،
    استطاع المعتزلة التسلل إلى قلب المأمون،
    وأقنعوه بمسلكهم الفلسفيّ في التفكير الذي نتج عنه:
    إنكار صفات الخالق سبحانه وتعالى،
    ومن بينها صفة الكلام،
    ومن ثم دعوة المأمون العلماء إلى القول بخلق القرآن.


    وأراد المأمون أن يحمل النَّاس على ذلك،
    إلا أنَّ الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى أبى واستعصم
    وثبت على الحق،

    في الوقت الذي تراجع فيه كثير من أهل العلم عن قول الحق.


    ثبت الإمام أحمد رحمه الله تعالى في الساحة وحده،
    وآثر الباقية على الفانية،
    وظل صابراً محتسباً،
    وأصبح بحق رجلاً بأُمَّة.

    فأمر المأمون بضربه وحبسه،
    وحتى مات المأمون.

    فأوصى المعتصم من بعده بأن يقول مقالته بخلق القرآن.
    ومن ثم بدأ المعتصم ينفذ هذه الوصية،

    فضُرب الإمام أحمد بالسِّياط حتى أغمي عليه،
    وأهانه أشد الإهانة.
    واستمر حبسه نحواً من ثمانية وعشرين شهراً،
    وقيل بضعة وثلاثين شهراً.

    وكان يُصلي وينام والقيد في رجله.
    الحمد لله رب العالمين

  16. #36

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    وفي كل يوم يرسل إليه الخليفة المعتصم من يُناظره
    وكان كلام الإمام أحمد واحداً لا يتغيَّر.
    حتى غضب عليه المعتصم وهدده وشتمه،
    وأمر بالشدة في جلده، وزاد في قيده.
    والإمام أحمد صابر محتسب ثابت ثبوت الجبال الرواسي.

    قال أبو شعيب الحراني:
    ((كنّا مع أبي عبيد القاسم بن سلام بباب المعتصم،
    وأحمد بن حنبل يُضرب.
    قال: فجعل أبو عبيد يقول:
    أيضربُ سيدنا لا صبر؟!
    أيضرب سيدنا لا صبر؟!


    قال أبو شعيب: فقلت:

    ضربوا ابن حنبل بالسياط بظلمهم

    بغياً فثُبِّت بالثباتِ الأنورِ

    قال الموفق حين مُدِّد بينهم

    مدَّ الأديم مع الصعيد القررِ

    إنّي أموت ولا أبوء بفجرة

    تُصلى بوائقها محل المفتري)) .


    ثم أطلق سراح الإمام أحمد،
    فعاد رحمه الله تعالى إلى التدريس بالمسجد
    بعد أن شفاه الله من جراحاته
    إلى أنَّ مات المعتصم.

    الحمد لله رب العالمين

  17. #37

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    ثم تولى الخلافة من بعده ابنه الواثق
    الذي أظهر ما أظهر من المحنة والميل إلى ابن أبي داؤد
    – رأس المعتزلة – وأصحابه.
    واشتد الأمر على أهل بغداد.

    فمُنع الإمام أحمد من الخروج للدرس والإجتماع للنَّاس.
    فانقطع الإمام أحمد عن التدريس مدة تزيد على خمس سنوات،
    حتى توفي الواثق (232هـ).


    ثم تولى الخلافة المتوكل رحمه الله تعالى،
    الذي أعاد الحق إلى نصابه،
    ونصر الله على يديه السنَّة
    وأعزَّ الله به أهلها،

    حتى قيل:
    (( أبو بكر في الردة،
    وعمر بن عبدالعزيز في رده المظالم،
    والمتوكل في إحياء السنَّة وإماتة التجهم )) .


    وأمر المتوكل المحدِّثين بأن يُحدِّثوا بأحاديث الصفات والرؤية.

    وقال في ذلك أبو بكر بن الخبازة:

    وبعد فإنّ السنة اليوم أصبحت

    معزَّزة حتى كأن لم تُذلَّلِ

    تصول وتسطو إذا أقيم منارها

    وحط منار الإفك والزور من عَلِ

    وولَّى أخو الإِبداع في الدِّين هارباً

    إلى النَّار يهوى مُدبراً غير مقبلِ

    شفى الله منهم بالخليفة جعفر

    خليفته ذي السنَّة المتوكِّلِ

    خليفة ربي وابن عم نبيِّه

    وخير بني العبَّاس من منهم ولي

    وجامع شمل الدِّين بعد تشتُّتٍ

    وفاري رؤوس المارقين بمنصلِ )

    الحمد لله رب العالمين

  18. #38

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    هذا ملخص المحنة التي مر بها الإمام أحمد بن حنبل .
    وكما نرى فإنَّ الإمام أحمد وقف موقفاً عظيماً
    لا يناله إلا أهل العزم من الرجال المخلصين.

    يقول الشيخ أحمد شاكر في موقف الإمام أحمد:

    ((أما أولوا العزم من الأئمة الهداة،
    فإنهم يأخذون بالعزيمة،
    ويحتملون الأذى ويثبتون،
    وفي سبيل الله ما يلقون.

    ولو أنهم أخذوا بالتقية، واستساغوا الرخصة
    لضل النَّاس من ورائهم
    يقتدون بهم ولا يعلمون أنَّ هذه تقية،

    وقد أُتي المسلمون من ضعف علمائهم في مواقف الحق..
    لا يُجاملون الملوك والحكام فقط!
    بل يُجاملون كل من طلبوا منه نفعاً أو خافوا ضراً
    في الحقير والجليل من أمر الدنيا..،

    ولقد قال رجل من أئمة هذا العصر المهتدين:
    كأن المسلمين لم يبلغهم من هداية كتابهم
    فيما يغشاهم من ظلمات الحوادث
    غير قوله تعالى:
    "إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنهُم تُقَاةً"))*.

    ثم أصيبوا بجنون التأويل فيما سوى ذلك.." .

    وقف الإمام أحمد هذا الموقف
    في الوقت الذي أحجَم فيه عامَّة العلماء عن الحق،
    وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال
    في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:

    "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين
    حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون".

    وفي لفظ:
    "لا يزال ناس من أمتي يقاتلون على الحق
    ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله عزَّ وجل" .

    الحمد لله رب العالمين

  19. #39

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    وبعد أن ثبَّت الله الإمام أحمد على الحق،
    نُسب إليه مذهب أهل السنَّة،
    لأنَّه صبر على الذب عنها،


    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:

    (( وأحمد بن حنبل وإن كان قد اشتهر بإمامة السنَّة
    والصبر في المحنة،
    فليس ذلك لأنَّه انفرد بقول،
    أو ابتدع قولاً،
    بل لأنَّ السنَّة التي كانت موجودة معروفة قبله،
    علمها ودعا إليها،
    وصبر على من امتحنه ليفارقها،

    وكان الأئمة قبله قد ماتوا قبل المحنة.

    فلما وقعت محنة الجهمية نفاة الصفات في أوائل المئة الثالثة
    – على عهد المأمون وأخيه المعتصم ثم الواثق –
    ودعوا النَّاس إلى التجهم وإبطال صفات الله تعالى،
    وهو المذهب الذي ذهب إليه متأخروا الرافضة،
    وكانوا قد أدخلوا معهم من أدخلوه من ولاة الأمور،

    فلم يوافقهم أهل السنَّة حتى تهددوا بعضهم بالقتل،
    وقيدوا بعضهم،
    وعاقبوهم وأخذوهم بالرهبة والرغبة.

    وثبت الإمام أحمد على ذلك الأمر
    حتى حبسوه مرة،
    ثم طلبوا أصحابهم لمناظرته،
    فانقطعوا معه في المناظرة يوماً بعد يوم...

    (وذكر خبر المحنة).
    الحمد لله رب العالمين

  20. #40

    افتراضي رد: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومسنده - للشيخ أحمد الصويان

    إلى أن قال ابن تيمية:

    ((... ثم صارت هذه الأمور سبباً في البحث
    عن مسائل الصفات
    وما فيها من النصوص والأدلة والشبهات
    من جانبي المثبتة والنفاة.
    وصنَّف النَّاس في ذلك مصنفات.

    وأحمد وغيره من علماء السنة والحديث،
    ما زالوا يعرفون فساد مذهب الروافض والخوارج
    والقدرية والجهمية والمرجئة.

    ولكن بسبب المحنة كثر الكلام،
    ورفع الله قدر هذا الإمام،
    فصار إماماً من أئمة السنة وعلماً من أعلامها،
    لقيامه بإعلامها وإظهارها،
    وإطلاعه على نصوصها وآثارها،
    وبيانه لخفيّ أسرارها،
    لا لأنَّه أحدث مقالة أو ابتدع رأياً.

    ولهذا قال بعض شيوخ المغرب:
    المذهب لمالك والشافعيّ،
    والظهور لأحمد.

    يعني أنَّ مذهب الأئمة في الأصول مذهب واحد،
    وهو كما قال )) .
    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •