بسم الله الرحمن الرحيم من فضلكم أعملوا عقولكم..إنا نحب أن يرفع الله سبحانه الغبن عن أمتنا وإخواننا في فلسطين؛ فيحقن دماءهم ويحفظ لهم أرضهم وأموالهم وأعراضهم، نسأل الله: من قاتل منهم كتبه الله مجاهدا، ومن قتل احتسبناه عند الله شهيدا، هذه نيتها وهذا هو قصدنا، وهذه هي خاطرة القلب؛ والله من وراء القصد وهو بكل شيء محيط.أما خواطر العقل في تعاملها مع خواطر القلب والواقع؛ وهذه خاصية العاقل، فإنها تقف متأملة في تركيز عميق؛ ثم تنتفض مصرحة صارخة؛ أيها الناس؛ العقل اسم يقع على المعرفة بسلوك الصواب والعلم باجتناب الخطأ، فإذا كان كذلك فانتبهوا يرحمكم الله:هل هذا وقت الجهاد الذي يحبه الله ورسوله؟ وهل هذه هي عدته التي أمرنا الله عز وجل بإعدادها ما استطعنا؟ وهل الإيمان الجازم وروح الجهاد التي يحبها الله موجودة في القلوب أم حب الدنيا هو المتربع عليها؟ هل استوفى الضوابط والشروط؟ وهل دماء المسلمين غالية عندنا كما هي عند الله تعالى أم لا؟ وهل هي على رأس قائمة الحسابات والأهداف المرجوة أم هي آخر ما يحسب له حساب؟ أهي رخيصة أم ثمينة؟ وهل من العقل والشرع خوض المعارك أم المهادنة؟ وهل الفر الذي يعقبه الكر جبن وخور ومعصية أم عقل وحكمة وطاعة؟ ما هو الثمن الذي نحن مستعدين لتقديمه من أجل إصابة العدو بخدش ليس إلا؟ ألفين قتيل؟ ثلاثة ألاف؟ خمسة آلاف؟ عشرة آلاف؟ عشرون ألف؟ ثلاثون ألف؟ مائة ألف؟ أكثر؟ لا حول ولا قوة إلا بالله !.أي مكاسب وأي انتصار هذا الذي يتكلمون عليه؟ وهذه القنوات التي تصور وتبث هذا الانتصار الزائف ليل نهار؛ أهي ناصحة صادقة مع الله ومع المسلمين؟ أم نواياها فاسدة خبيثة؟ أم هي مستغلة موجهة؟ من ورائها رجال الظل والظلام يتاجرون بدماء المسلمين ومقدراتهم من أجل مكاسب شخصية..المعتدي يعلن عما يريدنا أن نعرفه، فله أهداف من وراء إعلامه لا شك في ذلك؛ ترى ما هي؟ وهل حققها جميعها أم حقق بعضها؟ الأكيد أنه لن يتوقف إلا إذا حصلها أو معضمها أو أوقفناه، فهل واقع حالنا يوحي بقدرتنا على ذلك؟؟ المعطيات من واقع الحال والتاريخ تقول إنه يقدر على الاجتياح الكامل وقتل الكثير وتشريد الباقي وتشتيته في مختلف الدول، فلم لم يفعلها؟ وهل من مصلحته إنهاء أمر غزة حكومة وشعبا أم بقاؤها؟ هذا المعتدي كثيرا ما يصور لنا الرعب والخوف الشديد في شعبه؛ أهو حقيقي أم تمثيل وتزييف لتبرير رده الشنيع بكل المقاييس؟ وحتى لو كان مكسبا حقيقيا للمقاومة أيقف مقابلا ومقايسا لمقتل ألفين من المسلمين أو يزيد؟؟؟المشكلة ليست من هم المحاصرين؛ بل من هم المحاصرون، أفيقوا أيها الضحايا، فعلى من تتكلون؟ وبمن تنتصرون؟ أين عمقكم الاستراتيجي؟ ومن يحمي ظهوركم؟إذا أنت لم تعرف لنفسك قدرها ... تحملها مالا تطيق فتهلك ...عدونا أنفسنا وعقولنا أولا، ثم يأتي غيرنا ممن حاربنا بكل عدته وعتاده وأوليائه، فبعد أن ننتصر على أنفسنا وعلى الجهل المطبق؛ المركب منه والبسيط؛ في عامة الناس وخواصهم من المحسوبين علماء ودعاة ومفكرين قبل غيرهم؛ وبعد أن ننهض بالأمة في جميع المجالات وخاصة الحساسة منها، نفكر ونخطط وندبر ونتكلم عن استرداد الحقوق ومحاربة المعتدي، بل محاسبته وعقابه كما يفعل العملاق مع الأقزام، إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم..يا عقلاء؛ العلم أولا ثم العمل، من سار مع العقل وخالف طريق الهوى ونظر إلى العواقب أمكنه الله من الدنيا والعاقبة للمتقين، فرحم الله من تلمح العواقب، وعمل بمقتضى التلمح، والله تعالى الموفق.وإن التفهم في الخير زيادة ورشد، وإنه من لا ينفعه العقل والحكمة يضره الخرق والتهور، ومن لم يصحب العلم يسحبه الجهل، ومن لا تنفعه التجارب لا يدرك المعاني ولا المعالي، والعاقل يحسم الداء قبل أن يبتلى به ويدفع الأمر قبل أن يقع فيه، ومن لم يكن عقله أغلب خصال الخير عليه أخاف أن يكون حتفه في أقرب الأشياء إليه، ورأس العقل المعرفة بما يمكن كونه قبل أن يكون، فمن العقل التثبت في كل عمل قبل الدخول فيه، والعاقل لا يقاتل من غير عدة، ولا يخاصم بغير حجة، ولا يصارع بغير قوة..وفي المقابل؛ أهذه تساؤلات عاقل ناصح أمين أم مثبط غاش خوار؟؟؟ أهو أخ قريب أم عدو بعيد؟ ألا يستطيع المسلمون في أنحاء العالم إلا الشجب والدعاء؟ أليس للشعوب دور؟ أليس لهم فعالية؟ ماذا نصنع بالكلمات؟ نريد الفعال؟ الأنظمة عميلة أو عدوة والشعوب مقهورة مغلوبة ونحن الضحية؛ فما هو الحل؟؟؟ يقولون الحل في المقاومة ثم المقاومة، وسنكبد عدونا الخسائر تلو الخسائر، ومن لم يكن معنا فهو إما ضدنا أو متخاذل، هذا لسان الحال والمقال أحيانا، فلنا القوة على عدونا ولنا الحجة على من خالفنا.هذان خصمان اختصموا؛ كلا الطرفين يرى سوءة الآخر، طرف يرى غيره خائنا عميلا، والآخر يراه تكفيريا إرهابيا متهورا، وكلاهما متربص بصاحبه يتمنى زواله ويسعى فيه، والغلبة للأقوى، والقوي بين والضعيف بين والضحية بين، والواقع واضح وضوح الشمس في كبد السماء ليس دونها سحاب..السؤال الجوهري ما الذي على المسلمين فعله وما هو التحدي الكبير الذي يجب أن يخوضوه ليستوجبوا نصر الله تعالى وتأيده؟ الجواب سهل يستطيعه كل أحد إذا رجع إلى العقل السليم والشرع المنزل وتبرأ من الهوى، لكن يجب صرف الهمم وإنفاق الجهود والوقت من أجل تحصيل مراد الله تعالى منا..إن غرس الله لن يكون إلا في أرض خصبة تثمر وتؤتي أكلها، فهو الحكيم الخبير، فإذا لم نكن هذه الأرض فالنصرة على الأعداء واسترداد المسلوب ليس هذا أوانه ولسنا أهله، فاللهم اجعلنا من أهل الخير وأعطنا الخير ووفقنا للخير إنك ولي ذلك والقادر عليه..اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.كتبه: فتحي عيساوي؛يوم ‏الثلاثاء‏، 16‏ شوال‏، 1435.