اليوم قبل الفجر استيقظت قدرا قبل أذان الفجر بعشردقائق وأول ما خطرت لي هذه الاية :"الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَوَيَأْ مُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاًوَاللّ هُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) ثم اخذت اكتب التالي :


حين يضعف الانسان نفسيا نتيجة الخوف يضعف موقفه في الحياة ويصبح مهيئا لتقبل مختلف الإيحاءات النفسية وإملاءات الشيطان وأوامره. والشيطان لا يأمر بخيرلأن طبيعته هي الشر، وقوة الإيمان بالله تنتج الشجاعة والثبات النفسي الذي تنتفي معه كل أشكال الخوف الذي بدوره ينتج الضعف والضعة ..
فالمؤمن مملوء اليقين قوي الإرادة جبهته الذاتية الداخلية حصينة،لذلك قال الله : {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} فالخوف من الله أمان وقوة، وتخويف الشيطان ضعة وضعف وهوان.

إن لعبة التخويف هي جزء من عملية الحرب النفسية وإسقاط الخصم و هزيمته من الداخل أولا ،و الوعد بالفقر أبرز المداخل الى الانسان ،لارتباطه بضرورات بقاءه وعيشه فكما يؤتي الفقير من هذه الناحية يؤتي الغني أيضاً من هذه الناحية،لذلك كان الأثرياء عرضة للخوف بالفقر وأكثر خشية على مصالحهم الخاصة في لعبةالصراع السياسي ويقدمون التنازلات السياسية التي تمس في صميم كرامتهم وكرامة شعوبهم فلا ينفقون أموالهم لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه الأمة ولا يسهمون في إنفاقها من أجل بناء مشرعات إنتاجية تسهم في تقليص دائرة الفقر والسغب والمعاناة الاجتماعية و تعيد تأهيل قوى المجتمع المعطلة لتؤدي دورها في عملية البناء والتنمية والنهضة والانتاج و تحقيق الاستقرار اللازم لهذه النهضة المحلومة...

إن الشعوب الفقيرة تعاني من نزيف حاد في طاقاتها وقيمها ويقينياتها ومختلف جوانب حياتها و هي شعوب لديها قابلية الاستعباد و الاستجابة السلبية لمختلف التحديات وايحاءاتها الخطرة التي تسلبها تماسكها وشجاعتها وثباتها في المواجهة فيسهل عند ذلك سلبها مقومات قوتها النفسية من إيمان ويقين ومقوماتها المادية من ثروات وغيرها ،فهي فقيرة جاهلة رغم ثرواتها المكدسة وإمكاناتها الضخمة ،فقيرها مستعبد ومستبعد من حق الحياة بكرامة وغنيها مستعبد في حالة خوف مستمر من الفقر يبدد ثرواته في البحث عن موازين قوى موضوعية تحمي ثرواته ومصالحه الخاصة ليقع في فقر "الأمن والكرامة" دون أن يدرك أن بإمكانه أن يسهم بثرواته تلك في انتاج القوة الذاتية من خلال الانخراط في عملية إنفاقها بما يبدد فقر شعبه ويؤهلهم لامتلاك القوة من تعليم وتأهيل تصب في خدمة المشروع الجمعي القوي الذي يؤسس القوة و الأعداد الشامل لها الذي ترهب به العدو الموضوعي المعتدي الذي ترهبه قوة الشعوب الروحية والمادية على حد سواء...

ولذلك فالفكر المادي الاشتراكي المشاعي يستغل فقر الشعوب بإدماجها في عملية القبول بفلسفته الاقتصادية المشاعية التي تعتبر مسالة العلاقات الجنسية الغير ملتزمة ببعد قيمي وأخلاقي وشرعي مسالة علمية ، لأن الأخلاق والقيم والكرامة مسالة غير علمية في الفكر المادي بشكل عام ومنها الفكر والفلسفة الاشتراكية.


ان الفقر احد أبرز الأسباب المؤسسة للهزيمة في هذا الزمن، وأحد أبرز مداخل الخوف الى الانسان الذي بدوره يؤدي الى الضعف الذي يتقبل معه الانسان إمكانية الانحراف وارتكاب الفاحشة بمختلف أشكالها وكلما اتسع نطاق الفقر اتسع نطاق المعصية ،والمعاصي تلعب دورا أساسيا في هدم قوة الامم والشعوب وإضعاف تماسكها وقدرتها على المواجهة والاعداد الشامل...