تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 11 الأولىالأولى 1234567891011 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 212

الموضوع: نور السنة وظلمات البدعة

  1. #61

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    خامساً:
    التقليد والتعصب:



    فإن أكثر أهل البدع
    يقلدون آباءهم ومشايخهم،
    ويتعصبون لمذاهبهم،

    قال الله عز وجل:

    { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ

    قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}

    [البقرة: 170]،

    وقال عز وجل:


    { بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ

    وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ }

    [الزخرف: 22]،

    وأهل البدع زُينت لهم أعمالهم،

    قال الله عز وجل:

    { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ
    سُوءُ عَمَلِهِ

    فَرَآهُ حَسَنًا

    فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ

    وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ

    فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ

    إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }

    [فاطر: 8]،


    وقال الله عز وجل

    مبيناً حال أهل البدع والأهواء:

    { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ

    يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاْ،

    وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا

    فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاْ،

    رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ

    وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا }

    [الأحزاب: 66-68].



    الحمد لله رب العالمين

  2. #62

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    سادساً:
    مخالطة أهل الشر ومجالستهم،


    من الأسباب المؤدية إلى الوقوع في البدع
    وانتشارها بين الناس،


    وقد بين الله عز وجل أن المجالس لأهل السوء يندم،

    قال سبحانه وتعالى:

    { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ

    يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً،

    يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً ،

    لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي

    وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً }

    [الفرقان: 27-29]،

    وقال عز وجل:

    { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا

    فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ

    حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ

    وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ

    فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى

    مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }

    [الأنعام: 68]،


    وقال سبحانه وتعالى:

    { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ

    أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا

    وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا

    فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ

    حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ

    إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ

    إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ

    فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا }

    [النساء: 140]،


    وقال صلّى الله عليه وسلّم:

    إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء

    كحامل المسك ونافخ الكير،

    فحامل المسك إما أن يحذيك

    وإما أن تبتاع منه،

    وإما أن تجد منه ريحاً طيبة،

    ونافخ الكير

    إما أن يحرق ثيابك

    وإما أن تجد ريحاً خبيثة[1].


    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: البخاري،
    كتاب الذبائح والصيد، باب السمك،
    6/287، برقم 5534،
    ومسلم، في كتاب البر والصلة،
    باب استحباب مجالسة الصالحين، ومجانبة قرناء السوء،
    4/2026، برقم 2628.


    الحمد لله رب العالمين

  3. #63

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    سابعاً:
    سكوت العلماء وكتم العلم،


    من أسباب انتشار البدع والفساد بين الناس،

    قال الله عز وجل:

    { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا

    مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى

    مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ

    أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ

    وَيَلْعَنُهُمُ الَّلاعِنُونَ،

    إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ

    فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ

    وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }


    [البقرة: 159-160]،


    وقال عز وجل:

    { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ

    وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً

    أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ

    وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

    وَلاَ يُزَكِّيهِمْ

    وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

    [البقرة: 174]،


    وقال سبحانه وتعالى:

    { وَإِذَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ

    لَتُبَيِّنُنَّه ُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ


    فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ

    وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً

    فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }


    [آل عمران: 187]،


    وقد أوجب الله على طائفة من الأمة

    الدعوة إلى الله عز وجل

    والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


    فقال سبحانه وتعالى:

    { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ

    يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ

    وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ

    وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ

    وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

    [آل عمران: 104]،



    الحمد لله رب العالمين

  4. #64

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    وعن أبي سعيد رضي الله عنه
    عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:

    من رأى منكم منكراً

    فليغيره بيده،

    فإن لم يستطع فبلسانه،

    فإن لم يستطع فبقلبه

    وذلك أضعف الإيمان[1]،


    وهذا الحديث يبين

    أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    واجبان على كل أحدٍ
    على حسب هذه الدرجات.


    وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
    أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

    ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي

    إلا كان له من أمته حورايون وأصحاب،

    يأخذون بسنته
    ويقتدون بأمره،


    ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف

    يقولون ما لا يفعلون،

    ويفعلون ما لا يؤمرون،

    فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن،

    ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن،

    ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن،

    وليس وراء ذلك

    من الإيمان حبةُ خردل[2].


    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
    قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

    من سُئلَ عن علم يعلمهُ فكتمه

    أُلجِمَيوم القيامة

    بلجامٍمن نار[3].
    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان
    وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان،
    1/69، برقم 49.

    ([2]) مسلم، كتاب الإيمان، باب كون النهي عن المنكر من الإيمان، 1/70، برقم 50.

    ([3]) الترمذي، في كتاب العلم، باب ما جاء في كتمان العلم، 5/29، برقم 2649،
    وأبو داود، في العلم، باب كراهية منع العلم، 3/321، برقم 3658،
    وابن ماجه، في المقدمة، باب من سئل عن علم فكتمه، 1/98، برقم 266،
    ومسند أحمد، 2/263، 305،
    وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/336،
    وصحيح سنن ابن ماجه، 1/49.
    الحمد لله رب العالمين

  5. #65

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    ثامناً:

    التشبه بالكفار وتقليدهم


    من أعظم ما يحدث البدع بين المسلمين،
    ومما يدل على ذلك

    حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال:
    خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى حنين،
    ونحن حديثو عهدٍ بكفر،
    وكانوا أسلموا يوم الفتح،

    قال: فمررنا بشجرة فقلنا يا رسول الله،
    اجعل لنا ذات أنواط
    كما لهم ذات أنواط ؟

    وكان للكفار سدرة يعكفون حولها،
    ويعلقون بها أسلحتهم يدعونها ذات أنواط،

    فلما قلنا ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم قال:

    الله أكبر وقلتم،
    والذي نفسي بيده
    كما قالت بنو إسرائيل لموسى:

    { اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا

    كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ

    قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }

    [الأعراف: 138]،

    لتركبن سنن من كان قبلكم [1]،


    وهذا الحديث فيه دلالة واضحة


    على أن التشبه بالكفار
    هو الذي حمل بني إسرائيل
    على أن يطلبوا هذا الطلب القبيح،

    وهو الذي حمل أصحاب النبي محمد
    صلّى الله عليه وسلّم
    على أن يسألوه
    أن يجعل لهم شجرة يتبركون بها من دون الله عز وجل،

    وهكذا غالب الناس من المسلمين
    قلدوا الكفار
    في عمل البدع والشركيات،
    كأعياد المواليد، وبدع الجنائز،
    والبناء على القبور،

    ولا شك أن اتباع السَّنَن
    باب من أبواب الأهواء ، والبدع [2]

    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) أخرجه بلفظه، أبو عاصم في كتاب السنة، 1/37، برقم 76،
    وحسن إسناده الألباني في ظلال الجنة في تخريج السنة،
    المطبوع مع كتاب السنة، 1/37،
    وأخرجه الترمذي بنحوه، في كتاب الفتن،
    باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم، 4/475، برقم 2180،
    وقال: هذا حديث حسن صحيح،

    وانظر: النهج السديد في تخريج أحاديث تيسير العزيز الحميد،
    لجاسم بن فهيد الدوسري، ص64–65.

    ([2]) انظر: تنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار،
    للدكتور صالح السحيمي، ص147،
    ورسائل ودراسات في الأهواء والافتراق والبدع وموقف السلف منها،
    للدكتور ناصر العقل، 2/170،

    وكتاب التوحيد، للدكتور العلامة صالح الفوزان ص87.


    الحمد لله رب العالمين

  6. #66

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    ويزيد ذلك وضوحاً
    حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،
    عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:

    لَتتَّبِعُنَّ سَنَنَ من كان قبلكم:
    شِبراً بشبرٍ،

    وذراعاً بذراعٍ،
    حتى لو دخلوا في جحر ضبٍّ
    لاتبعتموهم

    قلنا: يا رسول الله،

    اليهود والنصارى؟

    قال: فمن؟ [1]،


    قال الإمام النووي رحمه الله:

    " السَّنَن، بفتح السين والنون:
    وهو الطريق،


    والمراد بالشبر، والذراع، وجحر الضب:

    التمثيل بشدة الموافقة في المعاصي والمخالفات،
    لا في الكفر،

    وفي هذا معجزة ظاهرة
    لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ،
    فقد وقع ما أخبر به صلّى الله عليه وسلّم " [2].

    فظهر أن الشبر، والذراع،
    والطريق، ودخول الجحر

    تمثيل للاقتداء بهم في كل شيء
    مما نهى عنه وذمه [3]،

    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) متفق عليه: البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة،
    باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”لتتبعن سنن من كان قبلكم“،
    8/191، برقم 7320،
    ومسلم، كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى، 4/2054، برقم 2669.

    ([2])شرح النووي على صحيح مسلم، 16/460.

    ([3])انظر: فتح الباري، لابن حجر، 13/301.
    الحمد لله رب العالمين

  7. #67

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    وقد حذَّر النبي صلّى الله عليه وسلّم
    عن التشبه بغير أهل الإسلام

    فقال:

    بعثت بين يدي الساعة بالسيف
    حتى يُعبد الله وحده
    لا شريك له،

    وجُعل رزقي تحت ظل رمحي،
    وجُعل الذلُّ والصَّغار
    على من خالف أمري،

    ومن تشبه بقوم
    فهو منهم [1].

    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) أحمد في المسند، 2/50، 92،
    وصحح إسناده أحمد محمد شاكر في شرحه للمسند برقم 5114، 5115، 5667،
    من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
    الحمد لله رب العالمين

  8. #68

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    تاسعاً:
    الاعتماد على الأحاديث
    الضعيفة والموضوعة،



    من الأسباب التي تؤدي إلى البدع وانتشارها؛
    فإن كثيراً من أهل البدع
    اعتمدوا على الأحاديث الواهية الضعيفة،
    والمكذوبة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ،

    والتي لا يقبلها
    أهل صناعة الحديث في البناء عليها،

    وردوا الأحاديث الصحيحة

    التي تخالف ما هم عليه من البدع،
    فوقعوا بذلك في المهالك والعطب،
    والخسارة،

    ولا حول ولا قوة إلا بالله [1].


    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) انظر: فتاوى ابن تيمية، 22/361-363،
    والاعتصام للشاطبي، 1/287-294،
    وتنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من الأخطار،
    للدكتور صالح السحيمي، ص848،

    ورسائل ودراسات في الأهواء والافتراق والبدع وموقف السلف منها،
    للدكتور ناصر العقل، 2/180.


    الحمد لله رب العالمين

  9. #69

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    عاشراً:
    الغلو

    أعظم أسباب انتشار البدع
    ، وظهورها،

    وهو سبب شرك البشر؛

    لأن الناس بعد آدم عليه الصلاة والسلام
    كانوا على التوحيد عشرة قرون،

    وبعد ذلك تعلق الناس بالصالحين،
    وغلوا فيهم
    حتى عبدوهم من دون الله عز وجل؛

    فأرسل الله تعالى نوحاً صلّى الله عليه وسلّم
    يدعو إلى التوحيد،
    ثم تتابع الرسل عليهم الصلاة والسلام [1]،


    والغلو يكون:

    في الأشخاص،
    كتقديس الأئمة والأولياء،
    ورفعهم فوق منازلهم،
    ويصل ذلك في النهاية إلى عبادتهم،


    ويكون الغلو في الدين،


    وذلك بالزيادة على ما شرعه الله،
    أو التشدد والتكفير بغير حق،


    والغلو في الحقيقة:


    هو مجاوزة الحد في الاعتقادات والأعمال،
    وذلك بأن يزاد في حمد الشيء،
    أو يزاد في ذمه على ما يستحق [2]،

    وقد حذر الله عن الغلو

    فقال عز وجل لأهل الكتاب:

    { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
    لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ }

    [النساء: 171]،


    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) انظر: البداية والنهاية، لابن كثير، 1/106.

    ([2]) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، لابن تيمية، 1/289.


    الحمد لله رب العالمين

  10. #70

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    وحذر النبي صلّى الله عليه وسلّم
    من الغلو في الدين،

    فعن ابن عباس رضي الله عنهما
    عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:

    إياكم والغلو في الدين،

    فإنما أهلك من كان قبلكم

    الغلو في الدين[1]،


    فظهر أن الغلو في الدين
    من أعظم أسباب الشرك،
    والبدع،
    والأهواء [2]؛

    ولخطر الغلو في الدين
    حذَّر النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الإطراء


    فقال:

    لا تطروني

    كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم

    فإنما أنا عبدُهُ،

    فقولوا:
    عبد الله ورسوله [3].
    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) النسائي، كتاب المناسك، باب التقاط الحصى 5/268،
    وابن ماجه، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي 2/1008،
    وأحمد 1/347،
    وصحح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم 1/289.

    ([2]) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، لابن تيمية، 1/289،
    والاعتصام للشاطبي، 1/329–331،
    ورسائل ودراسات في الأهواء والبدع وموقف السلف منها،
    للدكتور ناصر العقل، 1/171، 183،
    والغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة،
    للدكتور عبد الرحمن ابن معلا اللويحق، ص77-81،
    والحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل، لسعيد بن علي [الكاتب]، ص379.

    ([3]) البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم...}،
    4/171، برقم 3445.


    الحمد لله رب العالمين

  11. #71

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    المطلب الخامس:
    أقسام البدع:

    البدع أقسام مختلفة باعتبارات مختلفة،
    وإليك التفصيل بإيجاز واختصار:


    القسم الأول:
    البدعة الحقيقية
    والإضافية
    :


    1- البدعة الحقيقية:

    وهي التي لم يدل عليها دليل شرعي
    لا من كتاب،
    ولا سنة،
    ولا إجماع،
    ولا استدلال معتبر عند أهل العلم،
    لا في الجملة
    ولا في التفصيل؛
    ولذلك سميت بدعة؛

    لأنها شيء مخترع في الدين
    على غير مثال سابق [1]،


    ومن أمثلة ذلك :

    التقرب إلى الله عز وجل بالرهبانية:

    أي اعتزال الخلق في الجبال
    ونبذ الدنيا ولذاتها تعبداً لله عز وجل،
    والذين فعلوا ذلك
    ابتدعوا عبادة من عند أنفسهم
    وألزموا أنفسهم بها [2]،


    ومن أمثلة ذلك :

    تحريم ما أحل الله من الطيبات
    تعبداً لله عز وجل [3]،

    وغير ذلك من الأمثلة[4] .


    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) انظر: الاعتصام للشاطبي، 1/367.

    ([2]) انظر: الاعتصام للشاطبي 1/370،
    وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 4/316،
    وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص 782.

    ([3]) انظر: الاعتصام للشاطبي، 1/417.

    ([4]) انظر: الاعتصام للشاطبي، 1/370-445.


    الحمد لله رب العالمين

  12. #72

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    2- البدعة الإضافية:



    وهي التي لها جهتان أو شائبتان:

    إحداهما:

    لها من الأدلة متعلق فلا تكون من تلك الجهة بدعة.

    والأخرى:

    ليس لها متعلق إلا مثل ما للبدعة الحقيقية:

    أي أنها بالنسبة لإحدى الجهتين سنة
    لاستنادها إلى دليل،

    وبالنسبة إلى الجهة الأخرى بدعة
    لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل،
    ولأنها مستندة إلى شيء،


    والفرق بينهما من جهة المعنى

    أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم،
    ومن جهة الكيفيات،
    أو الأحوال،
    أو التفاصيل

    لم يقم عليها مع أنها محتاجة إليه؛

    لأن الغالب وقوعها في التعبديات
    لا في العادات المحضة [1]،

    ومن أمثلة ذلك :

    الذكر أدبار الصلوات،
    أو في أي وقت على هيئة الاجتماع بصوت واحد،
    أو يدعو الإمام والناس يؤمنون أدبار الصلوات،

    فالذكر مشروع،
    ولكن أداؤه على هذه الكيفية غير مشروع
    وبدعة مخالفة للسنة [2]


    ومن ذلك

    تخصيص يوم النصف من شعبان بصيام
    وليلته بقيام،

    وصلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من رجب،

    وهذه بدع منكرة،
    وهي بدعة إضافية؛


    لأن عبادات الصلاة والصيام
    الأصل فيها المشروعية،

    لكن يأتي الابتداع
    في تخصيص الزمان،
    أو المكان،
    أو الكيفية؛

    فإن ذلك لم يأتِ
    في كتاب ولا سنة،

    فهي مشروعة باعتبار ذاتها
    بدعة باعتبار ما عرض لها [3].

    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) انظر: الاعتصام للشاطبي، 1/367، 445.

    ([2]) انظر الاعتصام للشاطبي 1/452،
    وتنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار،
    للدكتور صالح السحيمي، ص 96.

    ([3]) انظر: أصول في البدع والسنن، للشيخ العدوي، ص30،
    وتنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار،
    للسحيمي، ص96.




    الحمد لله رب العالمين

  13. #73

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    القسم الثاني:

    البدعة الفعلية والتَّركية:


    1- البدعة الفعلية:

    تدخل في تعريف البدعة:
    فهي طريقة في الدين مخترعة،
    تشبه الطريقة الشرعية،
    يقصد بالسلوك عليها المبالغة
    في التعبد لله سبحانه [1]،

    ومن أمثلة ذلك :

    الزيادة في شرع الله ما ليس منه،

    كمن يزيد في الصلاة ركعة،

    أو يدخل في الدين ما ليس منه،

    أو يفعل العبادة على كيفية
    يخالف فيها هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم [2]،

    أو يخصص وقتاً للعبادة المشروعة
    لم يخصصه الشرع:

    كتخصيص يوم النصف من شعبان بصيام
    وليلته بقيام [3].

    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) انظر: الاعتصام للشاطبي، 1/50-56.

    ([2]) انظر: الاعتصام للشاطبي 1/367–445،
    وتنبيه أولي الأبصار، للدكتور صالح السحيمي، ص99،
    وحقيقة البدعة وأحكامها، لسعيد الغامدي، 2/37،
    وأصول في البدع والسنن للعدوي ص70،
    وعلم أصول البدع، لعلي بن حسن الأثري، ص107.

    ([3]) انظر: كتاب التوحيد، للعلامة الدكتور صالح الفوزان، ص82.


    الحمد لله رب العالمين

  14. #74

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    2- البدعة التَّركية:

    تدخل في عموم تعريف البدعة،
    من حيث إنها
    "طريقة في الدين مخترعة" ([1])،

    فقد يقع الابتداع بنفس الترك تحريماً للمتروك،
    أو غير تحريم؛


    فإن الفعل – مثلاً – قد يكون حلالاً بالشرع
    فيحرمه الإنسان على نفسه
    أو يقصد تركه قصداً،

    فهذا الترك إما أن يكون لأمر يُعتبر شرعاً
    أو لا:

    فإن كان لأمر يعتبر فلا حرج فيه؛
    لأنه ترك ما يجوز تركه أو ما يُطلب بتركه،

    كالذي يمنع نفسه من الطعام الفلاني
    من أجل أنه يضره في جسمه، أو عقله، أو دينه،
    وما أشبه ذلك،

    فلا مانع هنا من الترك،
    وهذا راجع إلى الحمية من المضرات،

    وأصله قوله صلّى الله عليه وسلّم:

    يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج،
    فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج،
    ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛
    فإنه له وجاء[2] ،

    وكذلك لو ترك ما لا بأس به
    حذراً مما به بأس،
    وهذا كترك المشتبه
    حذراً من الوقوع في الحرام،
    واستبراءً للدين والعرض.


    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) انظر: الاعتصام للشاطبي، 1/57.

    ([2]) متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: البخاري، كتاب الصوم،
    باب الصوم لمن خاف على نفسه العزبة، 2/280، برقم 1905،

    ومسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنته،
    2/1018، برقم 1400.

    الحمد لله رب العالمين

  15. #75

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    وإن كان الترك لغير ذلك،

    فإما أن يكون تديُناً أو لا؛

    فإن لم يكن تديناً فالتارك عابث بتحريمه الفعل،
    أو بعزيمته على الترك،
    ولا يسمى هذا الترك بدعة؛

    لأنه لا يدخل تحت لفظ الحد،

    إلا على الطريقة الثانية القائلة:
    إن البدعة تدخل في العادات،
    وأما على الطريقة الأولى، فلا يدخل،

    لكن هذا التارك يكون مخالفاً بتركه،
    أو باعتقاده التحريم فيما أحل الله،
    وإثم المخالفة يختلف باختلاف درجات المتروك:
    من حيث: الوجوب، والندب.


    الحمد لله رب العالمين

  16. #76

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    أما إن كان الترك تديُّناً
    فهو الابتداع في الدين،

    سواء كان المتروك مباحاً
    أو مأموراً به،
    وسواء كان في العبادات،
    أو المعاملات، أو العادات:
    بالقول، أو الفعل، أو الاعتقاد،


    إذا قصد بتركه
    التعبد لله
    كان مبتدعاً بتركه [1]،

    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) انظر: الاعتصام، للشاطبي، 1/58.


    الحمد لله رب العالمين

  17. #77

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    ومن الأدلة
    على أن الترك في مثل ذلك
    يكون بدعة:

    قصة الثلاثة الذين جاءوا إلى بيوت
    أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم
    يسألون عن عبادته،
    فلما أُخبروا بها، فكأنهم تقالوها،

    فقالوا:
    وأين نحن من النبي صلّى الله عليه وسلّم؟

    قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر،

    قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً،

    وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر،

    وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً،


    فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:

    أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟

    أما والله إني لأخشاكم لله،

    وأتقاكم له؛

    لكني: أصوم وأفطر،
    وأصلي وأرقد،
    وأتزوج النساء،

    فمن رَغِبَ عن سنتي
    فليس مني[1].


    والمراد بالسنة:
    الطريقة،

    لا التي تقابل الفرض،

    والرغبة عن الشيء :

    الإعراض عنه إلى غيره،

    والمراد:

    من ترك طريقتي،
    وأخذ بطريقة غيري
    فليس مني [2].



    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: البخاري،
    كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، 6/142، برقم 5063،
    ومسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه،
    2/1020، برقم 1401.

    ([2]) انظر: فتح الباري، لابن حجر، 9/105.
    الحمد لله رب العالمين

  18. #78

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    واتضح مما سبق

    أن البدعة على قسمين :

    بدعة فعلية، وبدعة تَركية،

    كما ظهر أن السنة على قسمين :

    سنة فعلية وسنة تَركية،

    فسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم

    كما تكون بالفعل تكون بالترك،


    فكما كلفنا الله باتباع النبي
    صلّى الله عليه وسلّم
    في فعله الذي يتقرب به إلى الله
    – إذا لم يكن من باب الخصوصيات –

    كذلك طالبنا باتباعه في تركه
    – فيكون الترك سنة، والفعل سنة،

    وكما لا نتقرب إلى الله بترك ما فعل،
    لا نتقرب إليه بفعل ما ترك،

    فالفاعل لما ترك،
    كالتارك لما فعل،
    ولا فرق بينهما [1].


    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ([1]) انظر: الاعتصام للشاطبي، 1/57-60، و 479، 485، 498،
    والأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع، لجلال الدين السيوطي، ص205،
    وأصول في البدع، للشيخ محمد أحمد العدوي، ص70،

    وحقيقة البدعة وأحكامها، لسعيد بن ناصر الغامدي، 2/37-58،
    وتنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار،
    للدكتور صالح السحيمي ص97،

    وعلم أصول البدع للشيخ علي بن حسن الأثري، ص107،
    وتحذير المسلمين عن الابتداع والبدع في الدين،
    للشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي، ص83.
    الحمد لله رب العالمين

  19. #79

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة

    القسم الثالث:

    البدعة القولية الاعتقادية،
    والبدعة العملية:


    1- البدعة القولية الاعتقادية:


    كمقالات الجهمية، والمعتزلة، والرافضة،
    وسائر الفرق الضالة،
    واعتقاداتهم،

    ويدخل في ذلك الفرق التي ظهرت
    كالقاديانية، والبهائية،

    وجميع فرق الباطنية المتقدمة:
    كالاسماعيلية، والنصيرية،
    والدروز، والرافضة وغيرهم.
    الحمد لله رب العالمين

  20. #80

    افتراضي رد: نور السنة وظلمات البدعة


    2- البدعة العملية
    وهي أنواع:

    النوع الأول:

    بدعة في أصل العبادة،

    كأن يحدث عبادة
    ليس لها أصل في الشرع

    كأن يحدث صلاة غير مشروعة،
    أو صياماً غير مشروع،
    أو أعياداً غير مشروعة،
    كأعياد المواليد وغيرها.
    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •