تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 7 من 24 الأولىالأولى 1234567891011121314151617 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 121 إلى 140 من 480

الموضوع: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

  1. #121

    افتراضي الحديث ( 28 )

    ثم وصى صلى الله عليه وسلم بالتسديد والمقاربة،
    وتقوية النفوس بالبشارة بالخير،
    وعدم اليأس

    فالتسديد:

    أن يقول الإنسان القول السديد،
    ويعمل العمل السديد،
    ويسلك الطريق الرشيد،

    وهو الإصابة في أقواله وأفعاله من كل وجه.

    فإن لم يدرك السداد من كل وجه
    فليتق الله ما استطاع،
    وليقارب الغرض.

    فمن لم يدرك الصواب كله
    فليكتف بالمقاربة.

    ومن عجز عن العمل كله
    فليعمل منه ما يستطيعه.


    ويؤخذ من هذا أصل نافع

    دلّ عليه أيضاً قوله تعالى:
    { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }[1]


    وقوله صلى الله عليه وسلم :
    "إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم"

    والمسائل المبنية على هذا الأصل لا تنحصر.
    وفي حديث آخر:

    "يسِّروا، ولا تعسروا.
    وبَشِّروا ولا تنفروا".


    ******************
    [1] سورة التغابن – آية 16.


    الحمد لله رب العالمين

  2. #122

    افتراضي الحديث ( 28 )

    ثم ختم الحديث
    بوصية خفيفة على النفوس،
    وهي في غاية النفع.

    فقال:
    "واستعينوا بالغدوة والروحة،
    وشيء من الدُّلجة"

    وهذه الأوقات الثلاثة
    كما أنها السبب الوحيد
    لقطع المسافات القريبة والبعيدة
    في الأسفار الحسِّية،
    مع راحة المسافر، وراحة راحلته،
    ووصوله براحة وسهولة،

    فهي السبب الوحيد لقطع السفر الأخروي،
    وسلوك الصراط المستقيم،
    والسير إلى الله سيراً جميلاً.


    فمتى أخذ العامل نفسه،
    وشغلها بالخير والأعمال الصالحة المناسبة لوقته
    أوّل نهاره وآخر نهاره
    وشيئاً من ليله،
    وخصوصاً آخر الليل

    حصل له من الخير
    ومن الباقيات الصالحات
    أكمل حظ، وأوفر نصيب.

    ونال السعادة والفوز والفلاح
    وتم له النجاح في راحة وطمأنينة،
    مع حصول مقاصده الدنيوية،
    وأغراضه النفسية.


    وهذا من أكبر الأدلة

    على رحمة الله بعباده بهذا الدين
    الذي هو مادة السعادة الأبدية؛
    إذ نصبه لعباده،
    وأوضحه على ألسنة رسله،
    وجعله ميسراً مسهلاً،
    وأعان عليه من كل وجه.
    ولطف بالعاملين،
    وحفظهم من القواطع والعوائق.
    الحمد لله رب العالمين

  3. #123

    افتراضي الحديث ( 28 )

    فعلمت بهذا:

    أنه يؤخذ من هذا الحديث العظيم
    عدة قواعد:

    القاعدة الأولى:
    التيسير الشامل للشريعة على وجه العموم.


    القاعدة الثانية:
    المشقة تجلب التيسير وقت حصولها.


    القاعدة الثالثة:
    إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم.


    القاعدة الرابعة:

    تنشيط أهل الأعمال،
    وتبشيرهم بالخير والثواب
    المرتب على الأعمال.


    القاعدة الخامسة:

    الوصية الجامعة في كيفية السير والسلوك إلى الله،
    التي تغني عن كل شيء
    ولا يغني عنها شيء.


    فصلوات الله وسلامه
    على من أوتي جوامع الكلم ونوافعها.

    الحمد لله رب العالمين

  4. #124

    افتراضي رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    الحديث التاسع والعشرون

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    "حق المسلم على المسلم ست:

    قيل: وما هنّ يا رسول الله؟

    قال:
    إذا لقيته فسلّم عليه.
    وإذا دعاك فأجبه،
    وإذا استنصحك فانصح له،
    وإذا عطس فحمد الله فشَمِّته.
    وإذا مرض فعُدْه،
    وإذا مات فاتْبَعه"

    رواه مسلم.


    هذه الحقوق الستة
    من قام بها في حقّ المسلمين
    كان قيامه بغيرها أولى.

    وحصل له أداء هذه الواجبات والحقوق
    التي فيها الخير الكثير
    والأجر العظيم من الله.

    الأولـى:

    "إذا لقيته فسلّم عليه"

    فإن السلام سبب للمحبة
    التي توجب الإيمان
    الذي يوجب دخول الجنة،


    كما قال صلى الله عليه وسلم :

    "والذي نفسي بيده،
    لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا.
    ولا تؤمنوا حتى تحابوا.

    أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟
    أفشوا السلام بينكم"


    والسلام من محاسن الإسلام؛
    فإن كل واحد من المتلاقيين
    يدعو للآخر بالسلامة من الشرور،
    وبالرحمة والبركة الجالبة لكل خير،
    ويتبع ذلك من البشاشة وألفاظ التحية المناسبة
    ما يوجب التآلف والمحبة،
    ويزيل الوحشة والتقاطع.


    فالسلام حقّ للمسلم.
    وعلى المسلَّم عليه ردّ التحية
    بمثلها أو أحسن منها،
    وخير الناس من بدأهم بالسلام.


    الحمد لله رب العالمين

  5. #125

    افتراضي الحديث ( 29 )

    الثانية:

    "إذا دعاك فأجبه"

    أي: دعاك لدعوة طعام وشراب
    فاجبر خاطر أخيك
    الذي أدلى إليك وأكرمك بالدعوة،
    وأجبه لذلك
    إلا أن يكون لك عذر.


    الثالثة:

    قوله:
    "وإذا استنصحك فانصح له"

    أي: إذا استشارك في عمل من الأعمال:
    هل يعمله أم لا؟

    فانصح له بما تحبه لنفسك.

    فإن كان العمل نافعاً من كل وجه فحثه على فعله،
    وإن كان مضراً فحذره منه
    وإن احتوى على نفع وضرر
    فاشرح له ذلك،
    ووازن بين المصالح والمفاسد.

    وكذلك إذا شاورك على معاملة أحد من الناس
    أو تزويجه أو التزوج منه
    فابذل له محض نصيحتك،

    وأعمل له من الرأي ما تعمله لنفس،

    وإياك أن تغشه في شيء من ذلك.
    فمن غش المسلمين فليس منهم،
    وقد ترك واجب النصيحة.
    وهذه النصيحة واجبة مطلقاً،


    ولكنها تتأكد
    إذا استنصحك وطلب منك الرأي النافع.
    ولهذا قيده في هذه الحالة التي تتأكد.


    وقد تقدم شرح الحديث
    "الدين النصيحة"
    بما يغني عن إعادة الكلام.
    الحمد لله رب العالمين

  6. #126

    افتراضي الحديث ( 29 )

    الرابعة:

    قوله:
    "وإذا عطس فحمد الله فشمته"

    وذلك أن العطاس نعمة من الله؛
    لخروج هذه الريح المحتقنة
    في أجزاء بدن الإنسان،
    يسر الله لها منفذاً تخرج منه
    فيستريح العاطس.


    فشرع له أن يحمد الله على هذه النعمة.

    وشرع لأخيه أن يقول له:
    "يرحمك الله"


    وأمره أن يجيبه بقوله:
    "يهديكم الله ويصلح بالكم"


    فمن لم يحمد الله لم يستحق التشميت،
    ولا يلومن إلا نفسه.

    فهو الذي فوّت على نفسه النعمتين:
    نعمة الحمد لله،
    ونعمة دعاء أخيه له
    المرتب على الحمد.
    الحمد لله رب العالمين

  7. #127

    افتراضي الحديث ( 29 )

    الخامسة:

    قوله :
    " وإذا مرض فعُدهُ "

    عيادة المريض من حقوق المسلم،
    وخصوصاً من له حق عليك متأكد،
    كالقريب والصاحب ونحوهما.
    وهي من أفضل الأعمال الصالحة.

    ومن عاد أخاه المسلم لم يزل يخوض الرحمة،
    فإذا جلس عنده غمرته الرحمة.

    ومن عاده أول النهار
    صلت عليه الملائكة حتى يمسي.

    ومن عاده آخر النهار
    صلت عليه الملائكة حتى يصبح،

    وينبغي للعائد أن يدعو له بالشفاء،
    ويُنفِّس له،
    ويشرح خاطره بالبشارة بالعافية،
    ويذكره التوبة والإنابة إلى الله
    والوصية النافعة.

    ولا يطيل عنده الجلوس،
    بل بمقدار العيادة،

    إلا أن يؤثر المريض كثرة تردده
    وكثرة جلوسه عنده،
    فلكل مقام مقال.
    الحمد لله رب العالمين

  8. #128

    افتراضي الحديث ( 29 )

    السادسة:

    قوله:
    "وإذا مات فاتْبعه"

    فإن من تبع جنازة حتى يصلى عليها
    فله قيراط من الأجر(1).

    فإن تبعها حتى تدفن فله قيراطان.
    واتباع الجنازة فيه حق لله،
    وحق للميت،
    وحق لأقاربه الأحياء.


    ******************
    (1) أي نصيب من الثواب.


    الحمد لله رب العالمين

  9. #129

    افتراضي رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    الحديث الثلاثون

    عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    "إذا مرض العبد أو سافر
    كُتِبَ له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً
    "

    رواه البخاري.


    هذا من أكبر مِنن الله على عباده المؤمنين:
    أن أعمالهم المستمرة المعتادة
    إذا قطعهم عنها مرض أو سفر
    كتبت لهم كلها كاملة؛

    لأن الله يعلم منهم
    أنه لولا ذلك المانع لفعلوها،
    فيعطيهم تعالى بنياتهم
    مثل أجور العاملين مع أجر المرض الخاص،

    ومع ما يحصل به من القيام بوظيفة الصبر،
    أو ما هو أكمل من ذلك من الرضى والشكر،
    ومن الخضوع لله والانكسار له.


    ومع ما يفعله المسافر من أعمال
    ربما لا يفعلها في الحضر:
    من تعليم، أو نصيحة،
    أو إرشاد إلى مصلحة دينية أو دنيوية
    وخصوصاً في الأسفار الخيرية،
    كالجهاد، والحج والعمرة،
    ونحوها.

    الحمد لله رب العالمين

  10. #130

    افتراضي الحديث ( 30 )

    ويدخل في هذا الحديث:

    أن من فعل العبادة على وجه ناقص
    وهو يعجز عن فعلها على الوجه الأكمل،
    فإن الله يكمل له بنيته ما كان يفعله
    لو قدر عليه؛

    فإن العجز عن مكملات العبادات نوع مرض.
    والله أعلم.

    ومن كان من نيته عمل خير،
    ولكنه اشتغل بعمل آخر أفضل منه،
    ولا يمكنه الجمع بين الأمرين:
    فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل
    الذي منعه منه عمل أفضل منه،
    بل لو اشتغل بنظيره.

    وفضل الله تعالى عظيم.
    الحمد لله رب العالمين

  11. #131

    افتراضي رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    الحديث الحادي والثلاثون

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    "أسرعوا بالجنازة.
    فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه.

    وإن تك غير ذلك
    فشر تضعونه عن رقابكم"

    متفق عليه.


    هذا الحديث محتوٍ على مسائل أصولية وفروعية.

    فقوله صلى الله عليه وسلم :
    "أسرعوا بالجنازة"

    يشمل الإسراع بتغسيلها وتكفينها وحملها ودفنها،
    وجميع متعلقات التجهيز.
    ولهذا كانت هذه الأمور من فروض الكفاية.


    ويستثنى من هذا الإسراع
    إذا كان التأخير فيه مصلحة راجحة،
    كأن يموت بغتة،
    فيتعين تأخيره حتى يتحقق موته:
    لئلا يكون قد أصابته سكتة.

    وينبغي أيضاً
    تأخيره لكثرة الجمع،
    أو لحضور من له حق عليه من قريب ونحوه.

    وقد علل ذلك بمنفعة الميت
    لتقديمه لما هو خير له من النعيم،
    أو لمصلحة الحي بالسرعة في الإبعاد عن الشر.


    وإذا كان هذا مأموراً به في أمور تجهيزه،
    فمن باب أولى الإسراع في إبراء ذمته
    من ديون وحقوق عليه،
    فإنه إلى ذلك أحوج.

    الحمد لله رب العالمين

  12. #132

    افتراضي الحديث ( 31 )

    وفيه:

    الحث على الاهتمام بشأن أخيك المسلم حياً وميتاً،
    وبالإسراع إلى ما فيه خير له في دينه ودنياه.

    كما أن فيه:

    الحق على البعد عن أسباب الشر،
    ومباعدة المجرمين،
    حتى في الحالة التي يبتلى الإنسان فيها بمباشرته.


    وفي هذا الحديث:

    إثبات نعيم البرزخ(1) وعذابه.

    وقد تواترت بذلك الأحاديث
    عن النبي صلى الله عليه وسلم ،

    وأن مبتدأ ذلك وضعه في قبره إذا تم دفنه،

    ولهذا يشرع في هذه الحال
    الوقوف على قبره والدعاء له،
    والاستغفار،
    وسؤال الله له الثبات.



    ******************
    (1) البرزخ: هو ما بين الإنسان وبعثه للحساب.
    الحمد لله رب العالمين

  13. #133

    افتراضي الحديث ( 31 )

    وفي هذا أيضاً:

    التنبيه على أسباب نعيم البرزخ وعذابه،
    وأن أسباب النعيم الصلاح؛

    لقوله:
    "فإن كانت صالحة"

    والصلاح
    كلمة جامعة تحتوي على تصديق الله ورسوله،
    وطاعة الله ورسوله.

    فهو تصديق الخبر،
    وامتثال الأمر، واجتناب النهي،


    وأن العذاب سببه الإخلال بالصلاح:

    إما لشك في الدين،
    أو اجتراء على المحارم،
    أو لترك شيء من الواجبات والفرائض.

    وجميع الأسباب المفصلة في الأحاديث والآثار
    ترجع إلى ذلك.


    ولذلك قال تعالى:
    { لا يَصْلَاهَا إِلا الأَشْقَى ،
    الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى } (1)

    كذب الخبر، وتولى عن الأمر.


    ******************
    (1) سورة الليل – الآيتان 15 ، 16.
    الحمد لله رب العالمين

  14. #134

    افتراضي رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    الحديث الثاني والثلاثون

    عن أبي سعيد الخدري قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    "ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة.
    وليس فيما دون خمس أواقٍ من الوَرِق صدقة.
    وليس فيما دون خمس ذَوْدٍ صدقة
    "

    متفق عليه.


    اشتمل هذا الحديث على تحديد
    أنصبة الأموال الزكوية الغالية،

    والتي تجب فيه الزكاة:

    الحبوب، والثمار،
    والمواشي من الأنعام الثلاثة
    والنقود،
    وما يتفرع عنها من عروض التجارة.


    أما زكاة الحبوب والثمار:

    فإن نص هذا الحديث أن نصابها خمسة أوسق.
    فما دون ذلك لا زكاة فيه.

    والوَسْق:
    ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم.

    فتكون الخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع.

    فمن بلغت حبوب زرعه أو مَغَلَّ ثمره
    هذا المقدار فأكثر: فعليه زكاته

    فيما سُقي بمؤونة نصف العشر،
    وفيما سقي بغير مؤونة العشر.

    الحمد لله رب العالمين

  15. #135

    افتراضي الحديث ( 32 )

    وأما زكاة المواشي:

    فليس فيما دون خمس من الإبل شيء.

    فإذا بلغت خمساً: ففيها شاة.
    ثم في كل خمس شاة،

    إلى خمس وعشرين: فتجب فيها بنت مخاض،
    وهي التي تم لها سنة،
    وفي ست وثلاثين: بنت لبون، لها سنتان.

    وفي ست وأربعين: حِقَّةٌ، لها ثلاث سنين.
    وفي إحدى وستين: جَذَعة، لها أربع سنين.
    وفي ست وسبعين: بنتا لبون،
    وفي إحدى وتسعين: حقتان.

    فإذا زادت على عشرين ومائة:
    ففي كل أربعين بنت لبون،
    وفي كل خمسين حقة.


    وأما نصاب البقر:
    فالثلاثون فيها تبيع أو تبيعة، له سنة.

    وفي أربعين مُسِنَّة، لها سنتان.

    ثم في كل ثلاثين تبيع.
    وفي كل أربعين مسنة.


    وأما نصاب الغنم:
    فأقله أربعون،
    فيها شاة.

    وفي إحدى وعشرين ومائة: شاتان.
    وفي مائتين وواحدة: ثلاث شياه.

    ثم في كل مائة: شاة،
    وما بين الفرضين يقال له:
    "وَقْص" في المواشي خاصة،
    لا شيء فيه،
    بل هو عفو.


    وأما بقية الحيوانات،
    كالخيل والبغال والحمير وغيرها:
    فليس فيه زكاة،
    إلا إذا أعد للبيع والشراء.

    الحمد لله رب العالمين

  16. #136

    افتراضي الحديث ( 32 )

    وأما نصاب النقود من الفضة:

    فأقله خمس أواق.
    والأوقية أربعون درهماً.
    فمتى بلغت عنده مائتي درهم:
    ففيه ربع العشر.

    وكذلك ما تفرع عن النقدين من عروض التجارة.
    وهو كل ما أعدّ للبيع والشراء لأجل المكسب والربح،

    فيُقَوَّم إذا حال الحول بقيمة النقود،
    ويخرج عنه ربع العشر.


    ولا بد في جميعها من تمام الحول

    إلا الحبوب والثمار،
    فإنها تخرج زكاتها وقت الحصاد والجذاذ(1)،

    قال تعالى:
    { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }(2).


    فهذه أصناف الأموال التي تجب فيها الزكاة.



    ******************
    (1) الحصار للزرع وجذاذ الثمر.
    (2) سورة الأنعام – آية 141 .

    الحمد لله رب العالمين

  17. #137

    افتراضي الحديث ( 32 )

    وأما مصرفها:

    فللأصناف الثمانية المذكورين في قوله تعالى:

    { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء
    وَالْمَسَاكِينِ
    وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا
    وَالْمُؤَلَّفَة ِ قُلُوبُهُمْ
    وَفِي الرِّقَابِ
    وَالْغَارِمِينَ
    وَفِي سَبِيلِ اللّهِ
    وَابْنِ السَّبِيلِ

    فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ
    وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
    }(1).


    ******************
    (1) سورة التوبة – آية 60 .
    الحمد لله رب العالمين

  18. #138

    افتراضي رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    الحديث الثالث والثلاثون

    عن أبي سعيد رضي الله عنه قال:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    "ومن يستعفف يُعفّه الله.
    ومن يستغن يُغنه الله.

    ومن يَتَصَبَّر يُصّبِّره الله.
    وما أعطِيَ أحد عطاء خيراً
    وأوسع من الصبر"

    متفق عليه.

    هذا الحديث اشتمل على أربع جمل جامعة نافعة.

    إحداها:
    قوله: "ومن يستعفف يعفه الله"

    والثانية:
    قوله: "ومن يستغن يغنه الله"

    وهاتان الجملتان متلازمتان،

    فإن كمال العبد في
    إخلاصه لله رغبة ورهبة
    وتعلقاً به دون المخلوقين،

    فعليه أن يسعى لتحقيق هذا الكمال،
    ويعمل كل سبب يوصله إلى ذلك،
    حتى يكون عبداً لله حقاً
    حُرّاً من رق المخلوقين.


    وذلك بأن يجاهد نفسه عن أمرين:

    انصرافها عن التعلق بالمخلوقين
    بالاستعفاف عما في أيديهم.
    فلا يطلبه بمقاله ولا بلسان حاله.

    ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لعمر:

    "ما أتاك من هذا المال
    وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه.
    ومالا فلا تتبعه نفسَك"


    فقطع الإشراف في القلب والسؤال باللسان،
    تعففاً وترفعاً عن مِنن الخلق،
    وعن تعلق القلب بهم،
    سبب قوي لحصول العفة.

    الحمد لله رب العالمين

  19. #139

    افتراضي الحديث ( 33 )

    وتمام ذلك :

    أن يجاهد نفسه على الأمر الثاني:

    وهو الاستغناء بالله،
    والثقة بكفايته،

    فإنه من يتوكل على الله فهو حسبه.
    وهذا هو المقصود.

    والأول وسيلة إلى هذا.

    فإن من استعف عما في أيدي الناس
    وعما يناله منهم:

    أوجب له ذلك أن يقوى تعلقه بالله،
    ورجاؤه وطمعه في فضل الله وإحسانه،
    ويحسن ظنه وثقته بربه.

    والله تعالى عند حسن ظن عبده به
    إن ظن خيراً فله:
    وإن ظن غيره فله.

    وكل واحد من الأمرين يمد الآخر فيقويه.

    فكلما قوي تعلقه بالله
    ضعف تعلقه بالمخلوقين
    وبالعكس.


    ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :
    "اللهم إني أسألك الهدى والتقى،
    والعفاف والغنى"

    فجمع الخير كله في هذا الدعاء.

    فالهدى: هو العلم النافع.
    والتقى: العمل الصالح،
    وترك المحرمات كلها.
    هذا صلاح الدين.

    وتمام ذلك
    بصلاح القلب،
    وطمأنينته بالعفاف عن الخلق،
    والغنى بالله.


    ومن كان غنياً بالله فهو الغني حقاً،
    وإن قلت حواصله.

    فليس الغني عن كثرة العَرَض،
    إنما الغنى غنى القلب.


    وبالعفاف والغنى

    يتم للعبد الحياة الطيبة،
    والنعيم الدنيوي،
    والقناعة بما آتاه الله.
    الحمد لله رب العالمين

  20. #140

    افتراضي الحديث ( 33 )

    والثالثة
    قوله: "ومن يتصبر يصبره الله".

    ثم ذكر في الجملة الرابعة:

    أن الصبر إذا أعطاه الله العبد
    فهو أفضل العطاء وأوسعه
    وأعظمه، إعانة على الأمور.

    قال تعالى:
    { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ }(1)

    أي: على أموركم كلها.

    والصبر كسائر الأخلاق
    يحتاج إلى مجاهدة للنفس وتمرينها.

    فلهذا قال:
    "ومن يتصبر"

    أي: يجاهد نفسه على الصبر

    "يصبره الله"
    ويعينه

    وإنما كان الصبر أعظم العطايا،
    لأنه يتعلق بجميع أمور العبد وكمالاته
    وكل حالة من أحواله تحتاج إلى صبر.

    فإنه يحتاج إلى الصبر على طاعة الله،
    حتى يقوم بها ويؤديها.
    وإلى صبر عن معصية الله حتى يتركها لله
    وإلى صبر على أقدار الله المؤلمة، فلا يتسخطها.

    بل إلى صبر على نعم الله ومحبوبات النفس،
    فلا يدع النفس تمرح وتفرح الفرح المذموم،


    بل يشتغل بشكر الله،
    فهو في كل أحواله يحتاج إلى الصبر.

    وبالصبر ينال الفلاح.

    ولهذا ذكر الله أهل الجنة

    فقال:
    { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ،
    سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ
    فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ
    }(1)


    وكذلك قوله:
    { أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا }(2)

    فهم نالوا الجنة بنعيمها،
    وأدركوا المنازل العالية بالصبر.

    ولكن العبد يسأله الله العافية من الابتلاء
    الذي لا يدري ما عاقبته،
    ثم إذا ورد عليه فوظيفته الصبر.

    فالعافية هي المطلوبة بالأصالة
    في أمور الابتلاء والامتحان.

    والصبر يؤمر به عند وجود أسبابه ومتعلقاته.
    والله هو المعين.



    ******************
    (1) سورة البقرة – آية 45 .
    (1) سورة الرعد – الآيتان 23 ، 24 .
    (2) سورة الفرقان – آية 75 .

    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •