التقدم بالأهمية المعنوية والفضل والشرف
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في سورة الفرقان (53-56) يقول تعالى:" وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا* فقدم "عذب "على "فرات" من الأقرب إلى الأبعد ، ومن الخاص إلى العام ،لأن الفرات بالغ العذوبة ، وقدم "ملح على "أجاج" كذلك من الخاص إلى العام ،لأن الأجاج بالغ الملوحة ، وقدم العذب الفرات على الملح الأجاج بالأهمية المعنوية والفضل والشرف ، وقال تعالى:" وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا* فقدم علاقة النسب على علاقة المصاهرة بالأهمية المعنوية لأنها الأصل والأقوى والأقرب والأفضل والأشرف ،وقال تعالى:"وَيَعْبُد ُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا*فقدم النفع على الضرر بالأهمية المعنوية والفضل والشرف ،لأن عبادة المعبود تكون للنفع أولا ، والنفع أشرف من الضرر، وقال تعالى :"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا*فقدم التبشير على الإنذار بالأهمية المعنوية والفضل والشرف كذلك ،والمتقدم في المنزلة والمكانة متقدم في الموقع نحو المبني عليه والمتأخر في المنزلة والمكانة متأخر في الموقع من المبني عليه كذلك ،ومهما كان سبب التقديم أبالرتبة(المنزل والمكانة)كان أم بالطبع أم بالسبب أم بالزمن أم بالفضل والشرف فهو تقديم بحسب الأهمية المعنوية عند المتكلم ،لأن جميع هذه الأسباب تعود أولا وأخيرا إلى الأهمية المعنوية ،وإن عدل عن هذا الترتيب فيكون ذلك كذلك بحسب الأهمية المعنوية ،كتقديم الضرر على النفع ، فالمتكلم يتكلم بحسب الأهمية المعنوية أصلا وعدولا ،وإن شئت فقل :الإنسان يتكلم بحسب الأهمية المعنوية والاحتياج المعنوي.