ثم ذكر المالكي الوجه الخامس بقوله :
الوجه الخامس
قد يقال :
إن ذلك في حياته وحضوره صلى الله عليه وسلم ،
وهو في حالة المولد غير حاضر .
فالجواب عن ذلك :
إن قارئ المولد الشريف مستحضر له صلى الله عليه وسلم
بتشخيص ذاته الشريفة ،
فهو عليه الصلاة والسلام
قادم في العالم الجسماني من العالم النوراني ;
من قبل هذا الوقت بزمن الولادة الشريفة ،
وحاضر عند قول التالي :
فولد صلى الله عليه وسلم ، بحضور ظلي ،
هو أقرب من حضوره الأصلي ،
ويُؤيد هذا الاستحضار التشخيصي و الحضور الروحاني
أنه عليه الصلاة والسلام متخلق بأخلاق ربه ،
وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي :
أنا جليس من ذكرني .
وفي رواية أنا مع من ذكرني .
فكان مقتضى تأسيه بربه ، وتخلقه بأخلاقه ،
أن يكون صلى الله عليه وسلم حاضراً مع ذاكره
في كل مقام يذكر فيه بروحه الشريفة ،
ويكون استحضار الذاكر ذلك
موجباً لزيادة تعظيمه صلى الله عليه وسلم .اهـ .
لنا مع المالكي في هذا الوجه الذي ذكره
وقفتان :
الوقفة الأولى :
عند قوله :
قد يقال إن ذلك في حياته وحضوره صلى الله عليه وسلم
وهو في حالة المولد غير حاضر .
إننا نؤكد على المالكي
إن كان محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولسنـّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما يرغبه ،
وينشرح له صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ;
أن يرجع إلى الأحاديث الصحيحة الثابتة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيما رواه أنس وأبو أمامه ومعاوية ،
فهي صريحة في نهيه صلى الله عليه وسلم عن القيام ،
ومعرفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أن ذلك
مما يكرهه صلى الله عليه وسلم ،
وأنهم لذلك لا يقومون له
إذا حضر مجلسهم ،
هذا في حياته صلى الله عليه وسلم ،
فإذا افترضنا أن روحه صلى الله عليه وسلم
تشترك مع المحتفلين بالمولد ;
فهل من الأدب مع روحه صلى الله عليه وسلم
أن نقابلها بما تكره ؟