الدلـيل الحادي عشر
مناقشته ثم رده:-
وذكر المالكي الدليل الحادي عشر بقوله :
الحادي عشر :
يُؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم في فضل يوم الجمعة ،
وعد مزاياه ، وفيه ولد آدم تشريف الزمان
الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبي كان من الأنبياء عليهم السلام ،
فكيف باليوم الذي ولد فيه أفضل النبيين وأشرف المرسلين .
ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه ،
بل يكون له خصوصاً ولنوعه عموماً، مهما تكرر ،
كما هو الحال في يوم الجمعة ، شكراً للنعمة ، وإظهار المزية النبوية ،
وإحياء للحوادث التاريخية الخطيرة ،
ذات الإصلاح المهم في تاريخ الإنسانية ،
وجبهة الدهر وصحيفة الخلود .
كما يُؤخذ تعظيم المكان الذي ولد فيه نبي ،
من أمر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم
بصلاة ركعتين ببيت لحم ،
قال له : أتدري أين صليت ؟ قال : لا ،
قال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى . اهـ .
هذا الدليل لنا مع صاحبه الوقفات التالية :
الوقفـة الأولى :
حول ما يتعلق بفضل يوم الجمعة
والاستدلال بفضله على الفضل لأيام أخر
بمعيار القياس .
لقد سبق منا تكرار القول
بأننا مأمورون بالاتباع
لا بالابتداع ،
فما جاءت بمشروعيته النصوص الشرعية
من كتاب أو سنة قبلناه ،
وأخذناه على العين والرأس ،
واعتبرناه أمراً مشروعاً على سبيل الوجوب أو الاستحباب ،
حسبما تقضي بذلك تلك النصوص،
وقد جاءت النصوص الشرعية الصريحة الثابتة
بفضل يوم الجمعة ،
واعتباره أحد أعياد المسلمين،
واختصاصه بخصائص ليست لغيره .
فنحن نقف مع النصوص الشرعية حيث وقفت ،
ونسير معها حيث اتجهت :
{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }[1] ،
ولا نبيح لأنفسنا أن نشرع لنا تفضيل يوم بعينه
لم يرد النص بتفضيله ،
إذ لو كان خيراً لشُرع لنا تفضيله ،
كما شُرع لنا تفضيل يوم الجمعة
{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا }[2] .
===========
[1] - سورة الحشر ، الآية : 7 .
[2] - سورة مريم ، الآية : 64 .