فإذا عُلم هذا يقيناً
فمحال أن يكون الشرك
بصورته التي نهى الله عنها
موجوداً في بلادٍ كثيرة
ويُحكم عليها بالشرك،
ويوجد في الجزيرة بصورته
ولا يحكم عليها بالشرك،
هذا من التلاعب والهوى الصارخ،
فمعنى الحديث متضح
والحمد لله.
فإذا عُلم هذا يقيناً
فمحال أن يكون الشرك
بصورته التي نهى الله عنها
موجوداً في بلادٍ كثيرة
ويُحكم عليها بالشرك،
ويوجد في الجزيرة بصورته
ولا يحكم عليها بالشرك،
هذا من التلاعب والهوى الصارخ،
فمعنى الحديث متضح
والحمد لله.
ثالثاً:
جاء في الحديث إياس الشيطان
من أن يعبده المصلون ،
والصلاة من أركان الإسلام العظام،
وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين،
والصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر،
كما قال تعالى:
{ وَأَقِمِ الصَّلاةَ
إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }
[ العنكبوت: 45 ]،
وأعظم المنكر الشرك بالله
وصرف محض حق الله
إلى غيره من الأنبياء والصالحين،
فيكون هذا القيد لازماً للشهادة
وإخلاص الدين،
فيكون المعنى:
إن الشيطان يئس أن يعبده المخلصون دينهم لله،
فتأمل نكتة تقييده بالمصلين،
ويعني بها حقيقة الصلاة وثمرتها،
وهذه نكتة مفيدة منَّ الله بها،
والحمد لله الموفق للصالحات.
الباب الخامس
التبرك
تقول: تبرك يتبرك تبركاً.مأخوذ من البركة.
قال أبو منصور في "تهذيب اللغة"
(10/231):
(وأصل البركة: الزيادة والنماء).
فالبركة: زيادة ونماء في شيءٍ يريده المتبرك
في تبركه بما تبرك به.
وهذه الزيادة والنماء
قد تكون في أمكنةٍ،
وقد تكون في ذوات،
وقد تكون في صفاتٍ،
هذا على مقتضى ورودها اللغوي،
وأما الشرعي فيأتي تفصيل الكلام فيه
إن شاء الله.
ومن الأول
قوله تعالى:
{ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا
وَبَارَكَ فِيهَا }
[ فصلت: 10 ]،
وقوله:
{ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ
مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا
الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا }
[ الأعراف: 137 ]،
وقوله:
{ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ
مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }
[ الأعراف: 96 ]،
وقوله:
{ وَقُلْ رَبِّ
أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً }
[ المؤمنون: 29 ].
ومن الثاني
قوله تعالى:
{ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ
وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ
وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ }
[ الصافات: 113 ]،
وقوله تعالى
في قصة نوح:
{ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا
وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ
وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ }
[ هود: 48 ].
ومن الثالث
قوله تعالى:
{ فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ
تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً }
[ النور: 61 ]،
وقوله:
{ وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ
أَنْزَلْنَاهُ
أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ }
[ الأنبياء: 50 ]،
وإذا تدبرت كتاب الله العزيز
وجدت أنه يدل
على أن البركة من الله،
وتُطلب منه سبحانه وتعالى وحده،
وهو يضعها فيمن شاء من خلقه،
وفي ما شاء من بريته.
قال تعالى:
{ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ
تَبَارَكَ اللَّهُ
رَبُّ الْعَالَمِينَ }
[ الأعراف: 54 ]،
وقال:
{ تَبَارَكَ الَّذِي
نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ }
[ الفرقان: 1 ]
وقال:
{ تَبَارَكَ
الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً }
[ الفرقان: 61 ]
وقال:
{ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }
[ المؤمنون: 14 ]،
وقال:
{ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ
ذِي الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ }
[ الرحمن: 78 ]،
والآيات الواردة بلفظ (تبارك) كثيرة.
ولفظ { تَبَارَكَ }
لم يرد في كتاب الله
إلا مسنداً إلى الله،
وهي صيغة مفيدة أعظم أنواع معنى البركة،
وأكثرها نفعاً،
وأعمها متعلقاً وأثراً.
فالبركة لله،
والله - سبحانه وتعالى -
أخبر أنه أعطى بركة لأصنافٍ من خلقه:
فمن ذلك:
1 - الأنبياء والرسل،
كما قال تعالى:
{ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ }
[ الصافات: 113 ]،
وقال في إبراهيم وأهل بيته:
{ رَحْمَتُ اللَّهِ
وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ }
[ هود: 73 ]،
وقال في نوح:
{ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا
وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ }
[ هود: 48 ]،
وقال عيسى عليه السلام:
{ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ }
[ مريم: 31 ].